الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

قرية النبي صموئيل بالقدس.. صمود تاريخي رغم الحصار الإسرائيلي الممنهج

قرية النبي صموئيل
قرية النبي صموئيل بالقدس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعاني الفلسطينيون في قرية النبي صموئيل، شمال غرب مدينة القدس المحتلة، من تضييق قوات الاحتلال الإسرائيلي عليهم وحصارهم بهدف تهجيرهم منها والاستيلاء عليها.
ويحاصر الاحتلال الإسرائيلي القرية - بخلاف جدران الفصل العنصري الأسمنتية المرتفعة - بأربع مستوطنات جاثمة على أراضيها، هي: بسجات، وراموت ألون، ونابي سامويل، وهار شموئيل، لتجعل منها منطقة مغلقة من كل الجهات، بحيث لا يمكن لقاطنيها الدخول أو الخروج إلا من خلال حاجز عسكري يسمى "معبر الجيب"، وهو معزز ببوابات حديدية، ونقاط تفتيش، وثكنات عسكرية للجنود الإسرائيليين.
ولا يسمح الجيش إلا لسكانها - الذين سجلهم كمقيمين دائمين في النبي صموئيل ويبلغ عددهم قرابة 350 شخصا - بعبور نقاط التفتيش من وإلى بقية الضفة الغربية ضمن قيود شديدة.
وتقول إحدى ساكنات القرية، وهي رئيسة جمعية النبي صموئيل النسوية الناشطة السيدة المعلمة نوال بركات - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - إن استمرار خنق القرية وعدم السماح بالبناء يدفعان الراغبين في الزواج والباحثين عن حياة أفضل إلى المغادرة، لاسيما وأن الاحتلال عطل الكثير من المشاريع الصغيرة، مستشهدة بمنع إدخال خزانات مياه الى القرية.. بل إن إدخال أي بضائع استهلاكية يستوجب تنسيقا بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل .. لافتة إلى أن أحد السكان أصبح ملازما لأروقة المحاكم الإسرائيلية ولمدة عام ونصف العام بتهمة إدخال جوال شعير إلى القرية دون تنسيق.
وأكدت أن جميع السكان ممنوعون من إدخال احتياجاتهم ومستلزمات الحياة اليومية إلى داخل القرية، إلا من خلال تنسيق مسبق، ودون ذلك يمنع إدخال كل ما يشتريه الفلسطيني من مواد غذائية ومستلزمات يومية، بل ويتم إتلافها على مرأى أصحابها.
وأضافت "أن المواد التموينية نشتريها من القرى المجاورة، فقريتنا لا يوجد بها أي محل تجاري، فنضطر عند شراء أية سلعة للخروج عبر حاجز الجيب العسكري، وهذا يعني التعرض للإجراءات المشددة المفروضة على الحاجز".
ويحظر الجنود الإسرائيليون، بحسب بركات، إدخال غاز الطهي إلى قرية النبي صموئيل إلا بكميات محدودة، كما يمنع في كثير من الأحيان مرور الماشية والأعلاف في محاولة للتضييق على السكان في رزقهم، لاسيما أن معظم أهالي القرية من المزارعين.
وتابعت "إذا أراد أي شاب أن يتزوج، فإنه يخرج مضطرا من القرية لاستئجار بيت بإحدى القرى المحيطة، لاسيما وأن البيوت هنا أصبحت صغيرة جدا ولا تتسع لعائلات جديدة".
ولفتت بركات إلى أن القرية لا يوجد بها أي مركز رعاية صحية بسبب منع الاحتلال إقامة أية منشآت خدمية، فيضطر المواطنون للتنقل عبر حاجز الجيب العسكري لتلقي العلاج في القرى المجاورة، وهو الأمر الذي ينطبق أيضا على المنشآت التعليمية، فلا يوجد مدرسة واحدة في القرية باستثناء غرفة عبارة عن حاوية «كونتينر» حديدي، يتلقى فيها الأطفال دروسهم.
وأوضحت أن مدرسة النبي صموئيل هي الأصغر في فلسطين، حيث يدرس فيها 17 طالبا فقط، لافتة إلى أن إسرائيل ترفض توسعة تلك المدرسة، وتهدد بهدم أي بناء في القرية، مشيرة إلى أن إجراءات الاحتلال في القرية لا تستثني أحدا، ومن بين من تطالهم الطلبة.
ويتعرض الطلبة، الذين يدرسون خارج حدود قرية النبي صموئيل، لمشقة كبيرة، خلال ذهابهم إلى المدارس المجاورة ورجوعهم إلى منازلهم، حيث يتعرضون لتفتيش استفزازي من قبل جنود الاحتلال، بالإضافة إلى الانتظار لساعات طويلة داخل وخارج البوابات الحديدية المقامة على حاجز "الجيب".
وعن حاجز "معبر" (الجيب)، أكدت بركات أنه يشكل معاناة دائمة للسكان، إذ يتطلب عبوره الحصول على رقم خاص والتأكد من إقامة أصحاب الهويات في القرية، فضلا عن إجراءات التفتيش بحق السكان.. كما يشترط الاحتلال على السكان ممن يحملون هوية تابعة للسلطة الفلسطينية "خضراء اللون" أن يحفظ رقم هويته ورقم منزله ورقمه المتسلسل في قائمة بحوزة الجنود المتمركزين على حاجز الجيب، وبدون هذه المعلومات لا يمكنه الخروج من القرية، أو العودة إلى منزله.
وأشارت بركات إلى أن معظم سكان النبي صموئيل يحملون بطاقات هوية فلسطينية، الأمر الذي يمنعهم من دخول القدس دون الحصول على تصريح.. موضحة أنه في حال الحصول على تصريح فإنهم يضطرون إلى التوجه شمالا إلى حاجز الجيب، ومن ثم الانتقال إلى الجنوب نحو حاجز قلنديا العسكري للدخول إلى القدس، وهي رحلة تستغرق ما يقارب الساعتين، في حين كانت تستغرق 15 دقيقة في السابق قبل الجدار الذي فصل سكان الضفة الغربية عن القدس.
من جانبه، قال المحامي والناشط خليل أبو خديجة مسئول الضغط والمناصر بمؤسسة الرؤيا الفلسطينية - التي نسقت زيارة ميدانية للقرية - "إننا نعمل على القرى المهمشة بالقدس لدعم صمود ما تبقى من أهلها في وجه الاحتلال وهو ما جعلنا نعمل على خطة من أجل تحسين السياحة الداخلية"، مؤكدا أن كل ما يحاك من مؤامرات ضد القدس والقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لن يؤثر على أهلنا الصامدين المرابطين. 
وأشار إلى أن البناء والتوسعات ممنوعان منذ سبعينات القرن الماضي رغم أن العائلات تكبر ومساحة البيوت ثابتة، مما يضطر الشباب المقبل على الزواج إلى النزوح لخارج القرية إلى القرى المجاورة وهو ما يعد نوعا من التهجير البطيء لأهل القرية والذين يتركون قريتهم بالتسلسل ..مشيرا إلى أن الاحتلال يمارس سياسة التهجير القسري وبشكل ممنهج ومدروس على المدى الطويل.
وتعتبر القرية من أعلى القمم بالقدس والكاشفة لمحيطها وهو ما يفسر استهداف الاحتلال لها، وقيامه بتحويل أكثر من نصف مسجد النبي صموئيل إلى كنيس رغم أن المسجد يعد واحدا من أهم المواقع التاريخية والدينية حول مدينة القدس الشريف .. حيث بني هذا المسجد، الذي يطلق عليه الفلسطينيون اسم النبي صمويل، في القرن السادس عشر فوق قبر يعتقد أنه قبر النبي صموئيل من العهد القديم.
ورغم هذه التراكمات والأحداث والمضيقات؛ إلا أن القرية تشكل مصدر قلق للوجود الصهيوني في القدس، حيث إنها تعتبر عائقا أساسيا أمام تنفيذ المشروع الاستعماري بتحويل القدس إلى عاصمة كبرى لـ "إسرائيل"، حيث تفصل هذه القرية المستوطنات الواقعة في القدس مع مستوطنة لأخرى واقعة شمال القدس، وكذلك تشكل عائقا أمام الربط بين القدس والداخل في أراضي عام 1948.