الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"يثرب مهد الرسالة المحمدية".. الهجرة النبوية رحلة شاقة مليئة بالمعجزات.. الأنصار آثروا المهاجرين على أنفسهم.. عمر بن الخطاب اختار الحدث التاريخي كبداية لتقويم إسلامي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتفي المسلمون في كل مكان من مشارق العالم الإسلامي ومغاربه، بليلة ميلاد هلال السنة الهجرية لعام 1441، ومطلع شهر الله المحرم، ومع استقبال هذا العام الهجري الجديد تتجدد ذكرى الحدث الأعظم في تاريخ الأمة الإسلامية، حيث هجرة النبي وصاحبه أبا بكر إلى المدينة المنورة "يثرب وقتئذ"، في العام 622 للميلاد، إليها قادمًا من مكة، ليستقبله أهلها مهللين مرحبين.



التقويم الإسلامي
في ولاية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، احتاج المسلمون إلى تقويم ينظم لهم شئون الولايات، حيث اعتمده عمر في السنة 17هـ، بعد أن كتب له أبوموسى الأشعري قائلًا: "يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ"، فجمع عمر الناس، فقال بعضهم: "أرخ بالمبعث"، وبعضهم: "أرخ بالهجرة"، فقال عمر: "الهجرة فرقت بين الحق والباطل"، فأرخوا بها، فلما اتفقوا قال بعضهم: "ابدءوا برمضان"، فقال عمر: "بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم"، فاتفقوا عليه.
4 معجزات 
وفي رحلة شاقة تجلت للنبي بعض المعجزات الإلهية التي تؤيده منها: "خروجه أمام أعين المشركين، ونسج العنكبوت وبيض الحمام أمام غار ثور وغيرها"، فلم يكن فقط هجرته صلى الله عليه وسلم وخروجه من داره أمام أعين المتربصين لقتله ووأد الرسالة قبل انتشارها بالأمر الفريد في تلك الرحلة فقط، فقد سطر القرآن تلك المعجزة في مطلع "سورة يس" فقال جل وعلا: "وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ"، وكان أيضًا لتواجد النبي بـ"غار ثور" وصاحبه شأن عظيم حيث خشى أبوبكر من رؤية المشركين لهما، فقال له النبي "ما ظنك باثنين الله ثالثهما"، فأمر الله شجرة فنبتت في وجه الغار فسترته بفروعها، وبعث الله العنكبوت فنسجت ما بين فروعها نسجًا متراكمًا بعضه على بعض.
وكان لمرور النبي، على "أم معبد" التي تمتلك شاة هزيلة، ودعا: "اللهم بارك في شاتها"، فدرَّت الشاة لبنًا، معجزة ثالثة في طريق الهجرة، قبل أن يكون لموقفه صل الله عليه وسلم من فرس سراقة الذي طمع في الفوز بجائزة قريش المقدرة بمائة ناقة لمن يقبض على النبي وصاحبه معجزة رابعة، حيث دعا عليه النبي فقال: "اللهم اكفنيه بما شئت، اللهم اصرعه"، حتى غاصت قدما فرس سراقة في الصخر.



الأنصار يستقبلون النبي 
خرج الأنصار يوم 12 ربيع الأول، في استقبال النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبا بكر، حاملين سعف النخيل ومرددين الأناشيد المرحبة بمقدمه ومنها: "طلع البدر علينا من ثنيـات الوداع.. وجب الشكـر عليـنا مـا دعــــا لله داع.. أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطـاع.. جئت شرفت المديـنة مرحبًا يـا خير داع".
أول مسجد في الإسلام
نزل رسول الله بقِباء على كلثوم بن الهدم، وقيل على سعد بن خيثمة، ومكث فيها أربعة أيامٍ، عمل فيها على تأسيس مسجدٍ سُمي قباء تيمنًا باسم المكان، وصلى فيه الرسول أول صلاة، بعد أن شارك أصحابه في البناء والحفر ونقل الحجارة.
مؤاخاة المهاجرين والأنصار 
كان أول الأعمال التي قام بها النبي قبل وبعد الهجرة إلى المدينة المنورة تشريع نظام المؤاخاة بين مسلمي مكة ثم بين المهاجرين والأنصار، حيث أعلن ذلك في دار أنس بن مالك بعد بناء المسجد.
وكان من أسس هذا النظام مشاركة المهاجرين للأنصار في السكن والمأوى والطعام مساعدة لهم، حيث إن أغلب المهاجرين قاموا بترك أموالهم وثرواتهم في مكة، فكان التآخي بين أبأ بكر الصديق وخارجة بن زهير، وبين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك، وكذلك عبدالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع.
كما كان الهدف الأساسي من هذا التشريع إرساء أسس تنظيم اجتماعي يلغي الفوارق التقليدية في المجتمع العربي ويستبدلها بروابط جديدة تحقق تغييرا ملحوظا في طريقة حياة المسلمين تميزهم عن باقي القبائل العربية، كما أن هذه المؤاخاة جعلت من التآخي سببًا للوراثة علاوة على النسب كما في الآية الكريمة ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾.



دستور المدينة
نظم النبي خلال فترة مكوثه بالمدينة علاقة المسلمين مع غيرهم، حيث بدأ بصحيفة المدينة، وهي وثيقة تنظم العلاقات داخل المدينة بين المسلمين، وبينهم وبين المجموعات البشرية الأخرى خصوصًا اليهود.
وجاء في هذه الوثيقة: "إن من تبعنا من اليهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين، ولا متناصر عليهم"، معددة القبائل اليهودية التسع واحدة تلو الأخرى، وتنصُّ في كل مرة على أن لهم مثل ما ليهود بني عوف، وتضيفُ إلى ذلك إلى أن مواليهم وبطانتهم كأنفسهم. وتقرّر بأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم. 
دور عظيم للنساء 
الداعية بوزارة الأوقاف منال المسلاوي، قالت إن الهجرة حدث عظيم شكل تاريخ هذه الأمة فكان حقًا هو البداية الحقيقية لبعثة النبي، مشيرة إلى أن الهجرة جسدت عظمة هذا الدين من خلال إعلاء قيم الإيثار والأخوة والفداء والتضحية وغيرها من المعاني التي قدمها رجال ونساء وشباب المهاجرين والأنصار على قدم سواء. 
وأوضحت في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أن النساء لعبن دور عظيم من بينهن، السيدة أسماء بنت أبى بكر واحدة من بين النساء اللائي لعبن دورًا كبيرًا في الهجرة النبوية المشرفة، واستحقت أن تلقب بـ"ذات النطاقين"، حيث كانت تقوم على توصيل الطعام إلى النبي ورفيقه أبا بكر في الغار، ورافقتهما طوال الطريق متخذة مما ترتديه وسيلة للحفاظ عليه وإيصاله إلى رسول الله، كما كان لها دور في إخبار النبي بما يدور خارج الغار وطوال رحلة الهجرة، لم تخش أن حياتها مهددة من قبل عصابات قريش، فكانت قدوة ونموذجًا مشرفًا من بين السيدات اللائي خرجن تاركين أسرهم وأبنائهم إلى مكان غير معلوم مصيرهم فيه.
وتابعت، مفهوم الجهاد والهجرة لا يتوقفان عند ما قدمته المرأة المسلمة في صدر الإسلام، بل إن الواقع الذى نحياه يتطلب أن نجد نماذج مشرفة تعمل على الإخلاص والإتقان في عملها، وفى تربية وإرشاد أبنائها، والعمل على رفعة الوطن جنبًا إلى جنب مع الرجل، دون انتظار أو تردد.
وشددت على أن المرأة في الوقت الراهن يمكنها أن تمارس الجهاد بأن تكون مربية لأبناء يعرفون خطورة أن يقعن في خطر الإدمان والمخدرات، وأن تساهم في اختيار أصدقائهم وتوجيههم إلى من هو قادر على الارتقاء بهم ومن هو خطر يهوى بهم إلى طرق يرفضها الدين والمجتمع، كما أن عليها أن تعمل كموظفة على تحسين الصورة التي عليها المرأة بصفة خاصة والموظفة بصفة عامة، من حرص على ضياع مستقبل الناس، والإهمال وغيرها من الأمور التى تتسبب في حالة الامتعاض والضجر، خاصة بين المتعاملين مع موظفي التأمينات والمرور".