الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تاريخ الموسيقى العربية القديمة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول «جيمس هنرى برستد» فى كتابه: فجر الضمير: «لا نبالغ إذا قلنا إن المؤرخ الذى يكتب فى «التاريخ» القديم، يشبه من كان على سفر ليلًا فى مركبة بخارية تشق به المسافات الشاسعة فى ظلمة حالكة يتخللها قبس من النور هنا وهناك، إلى أن يصل إلى محط مضاء بالأنوار الساطعة، فيستيقظ على ضوئه ويرى ما حوله من أناس ومبان وسلع، وبعد أن يقضى لحظة بها يتابع سيره ثانية إلى أن يصل إلى محط آخر وهكذا... هذه الظلمة هى مجاهل «التاريخ» القديم، وتلك المحاط هى المعلومات التى جاء بها الزمن وأبقى عليها الدهر». وهذه هى نفس حال المؤرخ الذى يكتب عن «تاريخ» الموسيقى العربية القديمة، ويحاول حل غوامضها وتذوق جمالها وتتبع تطورها؛ وبيان الصلة بينها وبين غيرها. ويتحدث عن تراجم المشهورين من المؤلفين الموسيقيين والمغنين والعازفين، وأصحاب النظريات والعلماء.
ويمكن تقسيم الموسيقى العربية إلى أربعة مذاهب وهي: -
١- المدرسة العربية القديمة. ٢- شراح الفلسفة اليونانية.
٣- المدرسة المنهجية. ٤- المدرسة الحديثة.
ولكن هذا التقسيم ليس مطلقًا ولا ثابتًا، لأننا نجد – فى كثير من الحالات – نظرية إحدى المدارس القديمة (كما صرح بذلك «هنرى جورج فارمر» فى كتابه القّيم: «مصادر الموسيقى العربية») ما تزال حية حتى بعد انقضاء أجلها. ويرجع هذا إلى أن علم الموسيقى كان من الدراسات الرياضية رفيعة المستوى، كما كان الحال فى أوروبا الوسطى، وكانت الرسائل فى علم الموسيقى – ذات الصبغة الرياضية البحتة – ما تزال تظهر دون مبالاة بما يصرح به علماء الموسيقى المشتغلون بها. وكان العكس صحيحًا، إذ نجد بعض المشتغلين بالموسيقى يهملون ما يقوله الرياضيون كل الإهمال.
ويرى «هنرى جورج فارمر» أن «ابن مسجح» و«ابن محرز» (المتوفيين حوالى عام ٧١٥) هما اللذان أوجدا علم الموسيقى العربية، وأن تعاليمهما قد وصلت إلى أول كاتب معروف فى علم الموسيقى وهو: «يونس الكاتب» تلميذ «ابن محرز». والأمر المؤسف أن كتاب «يونس» ضاع مثل كثير غيره من كتب تلك الفترة، ولم يصل إلينا من رسائل هذه المدرسة سوى رسالة واحدة هى رسالة «ابن المنجم»؛ وهذه الرسالة – مع إشارات أبى الفرح الأصفهانى فى كتاب «الأغانى الكبير – هى المصدر الوحيد لمعلوماتنا عن نظرية المدرسة العربية القديمة.
لقد كان الموسيقيون يتعلمون موسيقاهم بالرواية والمشافهة فى أغلب الأحيان، أى فى تلك الفترة التى عرف فيها العرب طريقة تدوين الموسيقى بالاستعانة بالرموز المأخوذة من الأبجدية، إذ كانت جميع أغانيهم تقوم على طرق معينة أو أشكال لحنية لا يطرأ عليها من التغيير سوى تحلية الصورة أو اللحن بالزخارف.
ووجد نوعان من مجموعات الأغاني: مجموعات كبيرة تسمى – عادة – «كتاب الأغاني»، أو «كتاب فى الأغاني»، وكانت تحوى كلمات الأغانى مع بعض التفصيلات التاريخية المتصلة بها، وبعض أخبار المؤلفين والموسيقيين؛ ومجموعات صغيرة تسمى «كتاب مجرد الأغانى» لا تحتوى إلا على نصوص الأغاني، وتهمل المعلومات الأخرى الإضافية.