رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

عزرائيل يدير البلاد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في دراسته عن نخبة رجال الأعمال في مصر قال الدكتور أحمد ثابت، أستاذ العلوم السياسية: إن مجموع ما حصل عليه رجال الأعمال من القروض بلغ حوالي 176 مليار جنيه، لم يتم استثمار سوى 15% منها فقط، وتم تهريب الباقي لاستثماره في الخارج.. والغريب أن معظم تلك القروض قد تمت بدون وجود ضمانات تحفظ للبنوك أموال المودعين.. في الوقت نفسه يوجد في مصر -وفقًا لدراسات أخرى- 5.5 مليون موظف حكومي رواتبهم ثابتة منذ عام 1980، ويتراوح مرتب المدير العام -وفق القانون الحالي- بين 110 و 160 جنيهًا، ويحصل على علاوة دورية 6 جنيهات.. وهو ما فتح الباب على مصراعيه أمام الفساد والمفسدين..
حتى وصلنا لمعدل لم يسبقنا فيه أحد، وهو جريمة فساد كل 90 ثانية في مصر.. وهو ما كشفت عنه تقارير النيابة الإدارية، بينما وصلت الخسائر الناجمة عن هذا الفساد إلى 50 مليار جنيه سنويًّا، وتشير الأرقام إلى أن حجم الأموال الناجمة من الكسب غير المشروع بلغ نحو 99 مليار جنيه في السنوات العشر الأخيرة.. والمعروف أن ما يتم ضبطه من جرائم يعادل 10% فقط من حجم الجرائم المرتكبة.. فكم يكون معدل الفساد في مصر الآن؟.
والمفارقة المؤلمة أن حجم الفساد أيام الملكية -إذا ما قارناه بالعهد الحالي- يتضح لنا أن الملك ورجاله كانوا أشبه بحرامية الغسيل.. ففي سنة 1935 مثلاً لم يكن هناك سوى 21 جريمة رشوة واختلاس من بين 7415 جريمة حدثت في مصر كلها، وفي سنة 1945 لم يكن هناك سوى 16 جريمة رشوة، و29 جريمة اختلاس من بين 8400 جريمة وقعت في مصر كلها، وفي سنة 1950 لم تقع سوى 14 جريمة رشوة و15 جريمة اختلاس.. ومع ذلك رفعت الثورة شعار التطهير.. وبالمناسبة الأرقام من دراسة علمية للدكتورة سهير عبد المنعم، الخبيرة بالمركز القومي للبحوث، حول تطور الفساد الوظيفي في مصر خلال الخمسين عامًا الأخيرة، وكان هذا هو موضوع البحث الذي تقدمت به لمؤتمر «التغيرات الاجتماعية في مصر».. وجزء من رسالتها للحصول على الدكتوراة عن تطور جرائم «الرشوة» في مصر.
ففي ظل الحكم الحالي -أيام مبارك ومرسي- تراجعت مصر إلى المركز 120 بين 177 دولة يشملها دليل التنمية البشرية للأمم المتحدة.. ويكفي أن نعرف أنه من بين الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة تأتي إسرائيل في المرتبة 22 والبحرين 40 والكويت 44 وقطر 47 والإمارات 49 وكوبا في المرتبة 52 (وهي المحاصرة اقتصاديًّا منذ الستينيات).
كما تسبق مصر أيضًا الجماهيرية الليبية والبوسنة والهرسك وفنزويلا والبرازيل ولبنان وجزر فيجي والمالديف وتركيا، ثم الأردن وتونس والصين وسريلانكا وإيران، وحتى الأراضي الفلسطينية المحتلة والسلفادور وغينيا وسوريا والجزائر وإندونيسيا وفيتنام وهندوراس ونيكارجوا، ثم تأتي مصر في المرتبة 120. بعدها تأتي جزر القمر وبنجلاديش والسودان ثم الكاميرون آخر الدول المتوسطة في التنمية البشرية.
وعلى مستوى عدد العاطلين في مصر تقدرهم المصادر الرسمية بحوالي 2 مليون شخص (وفق البيانات الحكومية المعلنة)، وتقدرهم دراسات أخرى –محايدة دولية ومحلية- بين 6 و 8 مليون.
وعلى مستوى الفقر في مصر أكد تقرير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، التابع للأمم المتحدة، وجود 48 مليون مصري فقير يعيشون في 1109 مناطق عشوائية. ووصف التقرير هؤلاء الفقراء بأنهم جوعى ومرضى. وأشار التقرير إلى تعرضهم لكل أنواع الحرمان من الغذاء والمأوى والتعليم الجيد والرعاية الصحية الكاملة. وأوضح التقرير أن شريحة الفقراء في مصر تمتد وتتسع كل يوم، خاصة بعد استمرار سياسة فرض المزيد من الرسوم التي يتحملها الفقراء وحدهم..
كما كشفت دراسة حقوقية أجريت مؤخرًا عن وجود ما يزيد على 7 ملايين نسمة يعيشون في مناطق عشوائية بمحافظات القاهرة الكبرى وحدها، وأن هذا العدد يتزايد بنسبة 3% سنويًّا، مشيرة إلى أن هذه النسبة تعني إضافة 200 ألف نسمة سنويًّا إلى سكان العشوائيات في القاهرة الكبرى وحدها، التي تضم 76 منطقة عشوائية على مساحة 230 ألف كيلومتر مربع.. وقدرت لجنة الإسكان بمجلس الشعب -أيام مبارك- عدد الذين يسكنون هذه المناطق بنحو 12 مليون نسمة، بينما اختزل الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عددهم إلى 7 ملايين ونصف مليون مواطن.
وفي شأن أمراض المصريين قال تقرير آخر إن 100 ألف مصري يصابون بالسرطان سنويًّا بسبب تلوث المياه، إلى جانب إصابة 35 ألفًا آخرين -من بينهم 17 ألف طفل- بالفشل الكبدي سنويًّا لنفس السبب أيضًا.
وقال التقرير إن نحو 6.8 مليون نسمة لا تصلهم مياه الشرب النقية، بينهم 48% في محافظات الدلتا و52% في محافظات الصعيد، وإن نسبة تغطية شبكات الصرف الصحي للمدن المصرية لا تتعدى 60%، وتقدر بحوالي 120 مدينة فقط، فيما تغطي 170 قرية فقط من إجمالي القرى المصرية البالغ عددها 4617 قرية.
وقد حظيت مصر خلال الحكم الحالي، الذى لم يتغير بتغير الرئيس، بنسبة من الكوارث والحوادث لم تشهدها حتى أيام الطاعون.. والمسلسل لم يتوقف، ولن يتوقف، وليست نهايته قطارات الموت وطرق الموت وعمارات الموت ومستشفيات الموت وأطعمة الموت، حتى الهواء أصبح يحمل رائحة الموت، وكأن عزرائيل هو الذي يدير شئون البلاد!