الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا تجعلوا الغضب يدمر أغلى ما تملكون

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على الرغم من أنني أستاذ علم النفس، داومت لسنوات طويلة على تقديم الوصفات العلمية والطبية للأمهات، حول كيفية تنشئة أطفالهن تنشئة سليمة.
إلا أنني اليوم، ولأول مرة، أستمد من تصرفات طفل صغير أعظم روشتة لي وللأمهات في حياتنا.. وهي أن الهزيمة ليست نهاية المطاف فبإمكاننا الفوز مرة أخرى، فلا تحطموا أبطالكم.. هناك فرق بين اللوم والتحطيم.. فرق كبير في المعنى والفعل، أدركته حينما ألقت بعض الجماهير زجاجات المياه على النجم محمد صلاح بعد خروج المنتخب من البطولة، وبرغم الضجيج الذي غطى استاد القاهرة بعد انطلاق صافرة الحكم لينهي مباراة مصر وجنوب أفريقيا، إلا أن صوت هذا الطفل من ذوي القدرات الخاصة وصل إلىّ جليا، وهو يمسك في حديد المدرجات يحاول النزول إلى الملعب للدفاع عن صلاح، يبكي مخاطبًا والدته: صلاح لأ يا ماما، No MO Mam.. والأم تهدئ من ثورة ابنها وتطمئنه وتضمه وتكرر معه نفس كلماته.. وتقول له: "هذه ليست النهاية لقد خسرنا لنتعلم.. لنقاتل مرة ثانية وثالثة.. وفي مرة ما علينا أن نفوز، بعد أن نكون قد تعلمنا الدرس وأعددنا للفوز عدته".
"الحياة هكذا يا حبيبي مكسب وخسارة، فإذا كنا نفرح للمكسب فلا بد أن نرضى عند الخسارة ونتعرف على أخطائنا ونعالجها، صلاح نجمك المفضل بخير لا تخشى عليه، غدًا سيعود أقوى وسنحقق البطولة في المرة القادمة، وستكون أنت هنا لتهتف بالنصر لنجمك المفضل ولمصر.. الناس غاضبون بعض الشيء ليس كرهًا في نجمك المفضل ولكن حبًا له، فلم يستطيعوا السيطرة على غضبهم ولا على انفعالاتهم".
انتهى حوار الأم مع طفلها الذي أكد بما لا يدع مجالا للشك أنه حقا أمك جيشك الوحيد.
وروشتتي اليوم لكل الأمهات:
1- لا تكسري القدوة في عين طفلك مهما حدث ولو بكلمة، وعلميه أن يتقبل الحياة بحلوها ومرها، بهزائمها وانتصاراتها.
2- شاركيه لحظة بكائه وانفعاله ولحظة فرحه وضحكه ثم استغلي تلك اللحظات ورسخي في ذهنه معنى جديدا للأخلاق.
3- علميه أن كل إنسان معرض للانكسار والإخفاق ويجب علينا ألا ننسى النجاحات السابقة لأنفسنا ولمن حولنا.
4- علميه أنه ما دامت الشمس تشرق فهناك أمل جديد ينتظره ومحاولة جديدة ونجاح جديد.
وأخيرًا كنت أتمنى أن يراعي جمهور مصر العظيم وجود أطفالنا ووجود أسر الشهداء في المدرجات، وبرغم مرارهم أن يهتفوا باسم مصر.. باسم الشهداء.. فقد مررنا بكثير من المحن وآن الأوان أن يتعلم شعبنا العظيم الدرس الأهم في الحياة، أن يتمالك نفسه عند الغضب.. فلا يدمر الأشياء الغالية دون أن يشعر.. ومنها قلب هذا الطفل الصغير، من ذوي القدرات الخاصة الذي رأيته في هذه الحالة، ومن المؤكد أن غيره كثيرين كانوا على حالته يملأون الاستاد.