الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية يكتب.. من وحي 30 يونيو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"هي مجد مصري قديم، ومقوم من مقومات الوطن المصري..." هكذا وصف عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، التي كانت على مر تاريخها أحد أعمدة المجتمع والدولة المصرية، وظلت الكنيسة على مر العصور وما زالت أحد صمامات الأمان للوطن.
ولها - في هذا السياق - سجل زاخر بالمواقف الوطنية المشرفة، ومواقف يسطرها التاريخ بأحرف من نور اتخذها باباوات الكنيسة على مر التاريخ رفضت فيها الكنيسة أية تبعية لأية قوى خارجية. مما جعلها تحسب دومًا رمزًا للاستقلال الوطني.
وكانت الكنيسة القبطية المصرية تاريخيًا، حاضنة للحراك الشعبي الوطني، فنرى القمص بولس غبريال، راعي كنيسة العذراء بحارة الروم زمن ثورة 1919، يفتح أبواب الكنيسة للثوار الذين منعتهم قوات الاحتلال من دخول الجامع الأزهر لتتحول تلك الكنيسة إلى منبر لثورة الشعب طلبًا للاستقلال.
وفي السنوات القليلة الماضية رأينا قداسة أبينا البابا تواضروس الثاني حاضرًا مع ممثلي الشعب يوم الثالث من يوليو 2013 في انحيازٍ واضح للإرادة الشعبية ولثورة الملايين في الثلاثين من يونيو. 
والمشهد السابق يتسق مع أحداث الماضي القريب والبعيد، ففي شهر أكتوبر 1974، نجد قداسة البابا شنودة الثالث يزور جبهة القتال، ليشد من أرز الجنود الأبطال، أثناء معركة تحرير الأرض المحتلة. كما تواجد بين المصابين في المستشفيات يطمئنهم ويشجعهم.
وبعدها بأربعين عامًا، وتحديدًا في الرابع عشر من أغسطس 2013، رأينا خَلَفُه، خليفة مرقس الرسول، شامخًا وسط أجواء امتلأت برائحة حريق أكثر من مائة كنيسة ومبني، حين قال بكل حكمة ووعي باللحظة ومعطياتها عبارة كانت بمثابة صمام أمان: "إن وطنًا بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن"
وأُنقِذَت البلاد وقتها من محرقة.
كما دأب قداسة البابا خلال رحلاته وزياراته الرعوية إلى مختلف بلدان العالم على إجلاء الصورة الحقيقة لمصر الوطن.
بل تبنت الكنيسة - ممثلة في باباها - كافة المواقف التي تدعم وتدفع عجلة التنمية، والوقوف كتفًا بكتف مع المؤسسات الوطنية لقيادة البلاد التي كانت وقتها تقف على مشارف الفوضى ودفعها إلى طريق التنمية التي تضمن لمصرنا التقدم والرخاء.
ومازلنا نرى قداسته متواجدًا دائمًا، كابنٍ بارٍ للوطن، حاملًا كنيسته ووطنه في قلبه، واضعًا وصية مسيحه وإرث أسلافه وأجداده نصب عينيه.
وهكذا فعل أولاده، فنجد الشباب القبطي يقف أمام كنيسة، يتصاعد دخان حريقها، وهم حاملين لافتة مكتوب عليها: "نحن نحبكم نحن نغفر لكم" 
إنه الوعي الوطني لقادة الكنيسة وشعبها الذي تجلى في ٣٠ يونيو والذي علي إثره خرج الشعب بدون أي توجيه من قياداته الكنسية ليلتحم مع باقي المصريين ليحققوا إرادة المصريين. 
إنه الوعي الوطني الذي يعيش في وجدان الأقباط منذ أن تفتحت أعينهم للحياة، وعي تشربوه من كنيستهم، منذ نعومة أظافرهم، تجلى في ٣٠ يونيو معبرًا عن الكنيسة القبطية كأحد مقومات الوطن المصري.