اعتاد كل يوم منذ بداية الصباح حتى نهاية المساء التجول فى الطرقات، والمتنزهات العامة، متحملًا قسوة الصيف وشمسه المجهدة، عم راغب، ٦٠ عامًا، يبيع «البلالين» للمارة؛ ليجنى قوت يومه، ورغم صعوبة ظروفه الأليمة فإنه يعبر إلى بر الأمان، قائلا «أنا اللى الشقى مخلوق عشاني».
ويضيف أنه منذ صغره حمل على عاتقيه عبء مسئولية إخوته، وفى كبره تحمل مسئوليتهم ومسئولية أسرته البسيطة، وهى ابناه وزوجته بكل مستلزمات الحياة من بيع بضاعته البسيطة «البلالين»، التى اتخذها رفيقًا له طوال يومه، يستظل بها فى عتمة أيامه، رافضا وصف عاطل من قاموس حياته، يقول: «أنا عارف إن البضاعة بسيطة ومش هيشتريها ناس كتيرة، بس أحسن من إنى أكون عاطل، خاصة أنى مش معايا أجيب بضاعة أعلى من دي».
ورغم بساطة بضاعته فإن رزقها واسع، فهى تستقطب أنظار جميع الأطفال، خصوصًا إذا نفخ عدة بالونات، وصنع منها حلقات دائرية بجانب بعضها البعض بألوان وأحجام متباينة: «بلاقى الطفل يسيب إيد أمه أو أبوه ويجيلى جرى ياخد بالونة ويجري»، مبرزًا أكثر ما يحبه فى الأطفال المارة لديه تلقائيتهم وضعفهم تجاه ما يسر أعينهم من بضاعته: «هقول إيه غير إنهم أحباب الله».
تراه فى أوقات المباريات، والمناسبات العامة، وأحيانا كثيرة يغيب عن الأعين، ليستريح فى منزله عدة أيام بخلاف باقى أيامه المعهودة بالمشقة والعناء: «الفترات دى بنام وأصحى عليها، لأنها أسعد أيامى بقدر أوفر لبيتى كل طلباتهم فى الفترات دى؛ لأنى ببيع غالبًا كل بضاعتي».
يختتم «عم راغب» حديثه بأنه لا يبحث عن كسب الدنيا أكثر من كسب الآخرة فى رؤية رضا أهله عنه، وقدرته قدر المستطاع أن يوفر لهم ما يلزمهم من مستلزمات مادية ومعنوية: «دى عندى لوحدها أكبر رزق فى دنيتى وآخرتي».