الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عمار يا مصر.. اللحظات الأخيرة في السباق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ساعات قليلة تفصلنا عن معرفة المرشح الرئاسي الذي ينتظره المصريون، وخلال تلك الساعات تدور بأقصى سرعة ماكينة الشائعات التي لم تتوقف منذ طالب الشعب بنزول المشير عبد الفتاح السيسي في انتخابات الرئاسة المقبلة، من أول شائعة وفاته – لا قدر الله – إلى شائعات وتسريبات تقول إن الرجل يواجه ضغوطا أمريكية وخارجية من بعض الدول التي تميل إلى تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، ليس حبّاً فيها ولكن لأنها الأداة التي تسهل وتنفذ المخطط المقصود لمصر والمنطقة، والأخطر في هذه الضغوط تلك التي تحدث من الداخل من بعض القوى السياسية التي تعبر عن نفسها فقط، ومن بعض رموز الإعلام الفضائي الذين يرددون كلاما يدعو السيسي إلى الانصراف عن الأمر وعدم الترشح، بحجة أن مصر فيها الكثير من المخلصين ولا يجب عودة دولة الفرد مرة أخرى، ويردد بعضهم أيضا حديثا مسموما مفاده أن الوطن به من المشكلات والقضايا والقلق ما لا يستطيع أحد مواجهتهم، وخوفا على فشل الرجل ننصحه بعدم الترشح، بينما يتركون الأمر معلقا دون تقديم بديل يستطيع - من وجهة نظرهم - مواجهة تلك المشكلات والقضايا التي تثقل كاهل الوطن!.
في تقديري أن الضغوط الخارجية يمكن التغلب عليها بطرق سياسية ودبلوماسية كثيرة، في إطار العمل على تقديم نموذج من الشفافية والالتزام بخارطة الطريق التي وافق عليها الشعب في 3 يوليو الماضي، وأما عن المؤامرة الخارجية فأعتقد أن كشفها للعالم أجهض جانبا كبيرا منها، والباقي تتم مواجهته باصطفاف عربي وإقليمي ودولي مع مصر، لكن الخطر هو ما يروج له البعض من الداخل للضغط على الرجل للتراجع عن تلبية الرغبة الشعبية الجارفة التي خرجت إليه في 3 يوليو و26 يوليو 2013، ويومي 14 و15 يناير2014 للاستفتاء على مشروع الدستور وعليه، في أعداد كبيرة فاقت أعداد الاستفتاءات السابقة في مصر، ولعل أخطر ما يروج له البعض في الداخل هو أن بقاء الرجل في منصب وزير الدفاع أمان لمصر من وجوده في منصب رئيس للبلاد، وأن منصب الرئيس سوف يجعل جماهيرية الرجل تتآكل سريعا لأن المصريين سوف يحاسبونه من الدقيقة الأولى، وسوف يقلبون عليه ونكون بذلك قد خسرناه قائدا عاما للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع، وأن ترشح السيسي للرئاسة سوف يجعل العالم يقول إن ما حدث في 30 يونيو هو انقلاب وليس ثورة، وأن تصدره للمشهد في 30 يونيو كان لهدف تولي رئاسة الدولة، وأن فشل الرجل في الحكم وحل مشكلات البلاد سوف يضع الجيش في مأزق ويحمله هذا الفشل..!. 
والردّ على هذه الادعاءات بسيط للغاية ويفهمه ويدركه المواطن البسيط، بل وكل الشعب المصري الذي يرى بأم عينيه قادة القوات المسلحة الذين ذاع صيتهم بين المصريين كما لم يحدث من قبل، ويرى مستوى الكفاءة والقدرة والوعي والالتحام مع الجماهير في أوقات الشدة والعمل الوطني، ولعل الفريق أول عبد الفتاح السيسي بوعيه وفهمه وحسه الوطني أراد أن يقدم للشعب المصري رموزا وقادة من القوات المسلحة لا تقل كفاءة ووطنية وحماسة وحبا للوطن عنه، ما يؤكّد قدرة المؤسسة العسكرية على تقديم قادة لا يقلون عن مستوى القائد العام، ولمن لا يعرف فإن عقيدة القوات المسلحة لا تتغير بتغير القائد وإنما هي أسلوب عمل ومنهج يرتبط ارتباطا وثيقا بمعنى الوطنية المصرية ولا انفصام بينهما على الإطلاق، ومن ثم لا خوف على قدرة وكفاءة القوات المسلحة من رحيل السيسي عنها بالمفهوم العسكري لأنه بحكم رئاسته للدولة وبحكم الدستور سيكون القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهذا يضيف ضمانة ثانية لعدم الخوف على الجيش المصري وهو يواجه التحديات الكبيرة المفروضة عليه بحكم أنه الجيش الوحيد الباقي في المنطقة العربية، بل ربما يكون هناك خطرا في بقاء السيسي بالقوات المسلحة في وجود رئيس آخر لا يدرك الأخطار بالمنطقة، أو يرضخ للضغوط فيعزله من موقعه وبذلك نكون قد خسرناه رئيسا وقائدا للجيش في خطوة واحدة.
أما من يروجون لتآكل جماهيرية السيسي لو أصبح رئيسا للبلاد، فهؤلاء لا يفهمون معنى التفاف الشعب حول قائد ولا معنى حب الشعب لرمز وطني، وأظن أن الشعب سيصبر على أمور كثيرة لثقته في وطنية الرجل وفي إحساسه بالمسؤولية، وأظن أيضا أن السيسي سيقدم للشعب رؤية كاشفة وواضحة للطريق الذي سيسير فيه وسوف يطلب من الشعب مساندته وإعانته على تحقيقها، وهو قد جرب الشعب والشعب قد جربه واختبره في أصعب اللحظات، وأما أن يقول البعض إن ذلك يؤكد الانقلاب فهم - في كل الأحوال - يقولون ذلك ولن يملوا الحديث فيه، وخصوصا الجماعة الإرهابية وتنظيمها الدولي وأصحاب المشروع الصهيو أمريكي في المنطقة، فالحديث حول أن فشل السيسي سوف يحمل الجيش ما لا يحتمل ويضعه في حرج لأن الرجل محسوب على المؤسسة العسكرية، فإنني أعتقد أن هذه نقطة قوة وليست نقطة ضعف، لأن المؤسسة العسكرية - بما فيها من انضباط والتزام وقدرات فنية واقتصادية وتنموية - سوف تساهم في برنامج عمل السيسي عندما يصبح رئيسا، وسوف تدعمه بكل طاقاتها.
في كل الأحوال، الساعات القادمة صعبة وتحتاج وعيا عاليا في التعاطي معها، ويجب علينا ألا نصدق كل ما نسمعه، وأن نعمل فيه العقل، فالصراع الآن على أشدّه ومحاولات إقصاء الرجل لا تتوقف ومحاولات تشويه صورته تزداد إلا أن ذلك في تقديري يصب في صالح السيسي أكثر من أيّة دعاية أو ترويج لصورته التي يحملها الملايين في الشوارع والميادين، لأن الرجل أصبح ضرورة للمرحلة، ومن يرى غير ذلك عليه أن يقدم براهينه على ما يقول.