الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإسلامبولى ارتاح الجسد والمفكر باقٍ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
اعتدت تهنئة أهلى وأصدقائى تليفونيا فى الشهر الكريم، ولكننى هذا العام لم أتمكن بسبب ظروف خاصة، ورغم ذلك حرصت على مكالمة أب فاضل أعتز به، لتهنئته والاطمئنان على صحته بعد إصابته بمرض السرطان اللعين.. بدا على صوته الألم والاستسلام للمرض الذى يغزو جسمه، ورغم ذلك ظل محتفظا ببهجته وابتسامته الدائمة، ولكن الغريب أنه ودعنى وأخبرنى بشعوره المؤكد بأنه سوف يقابل ربه فى هذا الشهر الكريم!!.. مر ثلث الشهر الكريم وبمجرد دخول الثلث الثانى جاءنى خبر وفاته كما توقع، وكما أخبر الكثير من أهله وأصدقائه بأنه سيموت فى أحد أيام الجمعة فى رمضان الحالى.. انه المستشار كمال الإسلامبولى رجل القانون البارع الذى شغل منصب رئيس محكمة الاستئناف الأسبق، ثم أصبح من كبار المحامين، إلى جانب كونه كاتبا وشاعرا ومفكرا وطنيا حرا لا يخشى فى قول الحق لومة لائم.. ورغم معرفتى التامة بقدر مروءته ومواقفه النبيلة، إلا أننى فوجئت بالكثير من المواقف الإنسانية الراقية التى رواها أصدقاؤه ومعارفه بعد وفاته.. هذا الفارس القوى الذى جسد بمواقفه معنى الرجولة، فكان دائما عونا للضعيف والمظلوم، يمنح وقته وجهده وماله بسخاء.. وبقدر حبه وعطائه فى مجال عمله، بقدر حرصه واحتضانه الكامل لأسرته الصغيرة، التى كان يفرض حمايته لهم، فيرعاهم فى حضوره وغيابه، ويهتم بأدق تفاصيلهم، فكان نعم الأب لابنتيه الجميلتين ياسمين (رئيسة نيابة إدارية) وهبة (المعيدة بإحدى كليات الحقوق).. وكان نعم الرفيق والسند لزوجته المستشارة/ نادية الشهاوى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية..وحاول بقدر استطاعته ألا يحملهم الهم والخوف أثناء مرضه، الذى استقبله بصبر وقوة وصلابة، فبدأ رحلة علاجه فى الخارج منفردا، حتى لا يحملهم أعباء لا يقووا عليها، حتى وهن الجسم رغما عنه، ولم يستطع إخفاء الألم ومواجهته بنفس الابتسامة والمرح الذى كان يسخر بهما من المرض.. وقد روى بأسلوبه القصصى الرائع عن تجربة مرضه الموجعة، تحت عنوان «إسلامبوليات» والتى كان ينشرها على صفحته الخاصة على الفيسبوك، ويتناول من خلالها موضوعات متنوعة، ويقدم فيها خبرته وخلاصة تجاربه، ويعلق فيها على الموضوعات والقضايا العامة المطروحة.. فقد كان إلى جانب حنكته ومهارته القانونية يتمتع بأسلوب أدبى بليغ وسلس، يتمكن من خلاله من طرح أفكاره، ومناقشة القضايا المختلفة بعمق وبساطة فى نفس الوقت، وقد نشرت له مقالات كثيرة فى العديد من الصحف.. بالتأكيد ترك هذا المفكر الكبير الكثير من التلاميذ والأبناء الذين لم ينجبهم، والذى سيكون كل منهم ولدا صالحا يدعو له.. ولكن أتمنى أن تقوم أسرته الرائعة بتجميع مقالاته وكتاباته فى كتب، حتى يستفيد منها قطاع جماهيرى أكبر، وتكون علما ينتفع به.. رحم الله المستشار كمال الإسلامبولى الذى صبر على محنة المرض ولم يجذع، وظل معطاء حتى صعود أنفاسه إلى بارئها..وكل العزاء لأسرته الرائعة التى ندعو لهم بالصبر والسلوان.