الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تراحموا يرحمكم الله

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التراحم هو التعامل بلين ورقة وعطف. وفى القاموس «تَرَاحَمَ الناس»، أى رحم بعضهم بعضا. وفى الأحاديث النبوية ورد فى العديد منها على سبيل المثال عن عبدالله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من فى الأرض، يرحمكم من فى السماء، وعن عمرو بن حبيب الثقفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يرحم الناس، لا يرحمه الله. هذا هو النهج الذى ينبغى علينا دائما أن نتخذه سلوكًا فى حياتنا، لا أن نقرأ عنه أو ندلل عليه فقط فى حصص التعبير، المعنى الذى صار يقفز إلى عقلى ويزعجنى كلما ذهبت إلى السوق كسيدة عادية تنتقى الخضار وتقارن أسعار السمك والسبانخ والطماطم كعادة كل النساء، هذا الإزعاج الذى لا ينتج عن ارتفاع ثمنها، فكلنا يعلم أننا فى ظروف استثنائية وكلنا نلحظ ارتفاع الأسعار عالميًا لا محليًا فقط، وقد نكون أفضل من بلاد كثيرة لم تمر بما مررنا به منذ سنوات وما يبذله الرئيس من جهد فى بناء دولة حديثة نفخر بها، لكن الأمر هو أكوام الخضروات والفاكهة، التى يفضل التجار تركها لتذبل وتفسد ثم تلقى فى القمامة على أن يخفضوا ثمنها، فيظل السعر ثابتًا لأطول فترة ممكنة وكانوا من قبل يقومون بتقسيمها إلى فئات متدرجة فى السعر حسب «الظزاجة والجودة»، ما يسمح لأكبر عدد من الناس بالحصول عليها بما يتماشى مع دخلهم دون هذا الهدر الذى نراه متمثلًا فى الأكوام الملقاة بجوار صناديق القمامة بشكل مستفز، هل بلغت بنا القسوة إلى هذه الدرجة؟ وهل اختفى التراحم بالدرجة نفسها التى تتمثل فى جشع التجار فقط، بل تتسبب فى تنغيص حياة الشرائح الفقيرة من المجتمع، الشرائح التى ينظر أطفالها إلى الفاكهة ويشيرون إليها فيقولون لهم- وحشه يا حبيبى بتوجع البطن- كلمة قاسية مرقت كسهم لم يخترق أذنى ذات مرة وأنا بالسوق فحسب، بل اخترق قلبى فهل تدرون أيها التجار ما تفعلونه بالمجتمع ككل لا بغذاء أفراده فقط؟ هل تدرون أن ما تفعلونه يرتد تأثيره مباشرة إلى سياسة الدولة، التى ينبغى أن نكمل معها المسيرة لا أن نقف فى وجهها وتعرفون جيدًا المتربصين الذين يجيدون الصيد فى المياه العكرة، بل ويعكرون الرائق منه ويشوهون كل جميل بالشائعات، وما تفعلونه ما هو إلا دعم حقيقى لهم لا للدولة، إن الآباء لا يفكرون فى تفنيد أسباب الغلاء هل الجشع والفساد أم غلاء السعر العالمى فتراحموا، وعودوا إلى طبيعتنا المصرية السمحة الكريمة المعطاءة، لأن الأزمات تستلزم الاصطفاف والتكاتف لا الفرقة وتنغيص العيش والجشع الذى يعمى عمن نحسبهم أغنياء من التعفف وتراحموا يرحمكم الله وترفقوا بمصرنا الحبيبة.