الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بعد تدشين عبدالرحيم علي حملة دولية لإعلان تنظيم الإخوان إرهابيًا.. حركة النهضة تستشعر الخطر وتروج لجماعة "البنا" في باريس

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«الغنوشى» فى مهمة خاصة بفرنسا لتجميل وجه «الإخوان» القبيح
التونسيون يسخرون من صورة «الكاهن الأعظم» فى «جراج الإليزيه»».. ويؤكدون: لقاء المذّلة

فى تطور جديد، توجه رئيس حركة النهضة الإسلامية، راشد الغنوشى وعدد من أعضاء المكتب التنفيذى للحركة، فى زيارة إلى فرنسا، اعتبرها مراقبون أنها تأتى استكمالًا للدور الخبيث الذى يلعبه الغنوشي، فى تحسين صورة جماعة الإخوان الإرهابية فى الغرب بعد الحملة الشرسة التى قادها النائب عبدالرحيم على فى البرلمان الفرنسي، لإقناعهم بالموافقة على إعلان الإخوان جماعة إرهابية.

وشملت الزيارة لقاءات مع مسئولين فى الرئاسة ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والجمعية العمومية الفرنسية ومجلس الشيوخ الفرنسى ومجموعة من رموز السياسة الفرنسية والمستشار الدبلوماسى لدى الرئيس ماكرون، أورليان لوشوفاليه ولقاء مع كاتب للخارجية جان بابتيست لوموانى، إضافة للقاءات مع طاقم إدارة شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية.
المتابع للموقف الغربى خلال الفترة الأخيرة، يعرف من الوهلة الأولى هدف الزيارة، التى تأتى فى المقام الأول لإقناع المسئولين فى فرنسا بالتراجع عن تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، وعلى الرغم أنه طالب فرنسا بدعم تونس فى مشروع وطنى اقتصادى اجتماعى متكامل وإلى مجموعة من السياسات الجريئة لرفع الحواجز عن مساهمة التونسيين فى الخارج فى الاستثمار والتنمية والنهوض العلمى والتربوى والاقتصادى فى البلاد، فهذا هو الظاهر ولكن ما خفى هو تحسين صورة الإرهابية أمام الغرب.
الشعب التونسى كان له بالمرصاد خلال هذه الزيارة، وسخر من التقاطه صورًا خلال زيارته فى «الإليزيه» وظهر الغنوشى والوفد المرافق له فى «جراج» للسيارات، متكئين على حائط القصر الرئاسى الفرنسي، ما اعتبره الشعب التونسى نوعًا من «المذلّة».
فقال أحد السياسيين: «قيادات النهضة يتكئون على حائط مذلّة المهزومين، ولا قدرة للإسلام السياسى للسيطرة والهيمنة على مصائر الشعوب.. للتوضيح، لم يُستدعَ الكاهن الأعظم، راشد الغنوشي، إلى الإليزيه للتباحث فى شأن السياسة التونسية، لم تعد له صفة لذلك لدى المشغّل الفرنسي، بل لإبلاغه رسالة إلى من تبقى من إخوان ليبيا لحثهم على قبول الإملاءات الفرنسية حول معركة طرابلس وضرورة القبول الطوعى بدخول الجيش وتنظيم انتخابات»، معتبرًا أن مشروع حركة النهضة الإسلامية «قد سقط».
بينما قال حقوقى تونسى: «بجانب الحائط، هم دائمًا فى قمّة المذلّة»، متابعا: «أعتقد أنها بداية النهاية بعد التغييرات الأخيرة بالجزائر والسودان وتغير موقف فرنسا من الإخوان فى ليبيا مؤخرًا».
وأضاف: «الأكيد أن هذه التغييرات ستكون لها تداعيات على تونس، أعتقد أننا سنراهم قريبًا بإحدى الجزر الفرنسية أو اللندنية، المنفى قريبٌ منهم».


وكان لمركز دراسات الشرق الأوسط بباريس، برئاسة النائب عبدالرحيم علي، دور كبير فى إقناع العديد من النواب الفرنسيين، فى تكوين رأى مؤيد لتصنيف جماعة الإخوان إرهابية، من خلال جهود كبيرة بذلها مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس فى هذا الصدد.
كشفت مصادر مطّلعة، أن رئيس حركة النهضة التونسية «الإخواني»، راشد الغنوشي، زار فرنسا، مع وفد كبير من الحركة، بناء على طلب منه، لمناقشة أوضاع حركته إضافة إلى مناقشته إدراج الإخوان إرهابية فى البرلمان الفرنسي.
ووصفت مصادر صحفية تونسية، زيارة رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشى إلى فرنسا بـ«المهمة»؛ لأن الغنوشى يسعى لإقناع الحكومة الفرنسية بأن الإخوان المسلمين ليسوا إرهابيين.
وتأتى خطوة رئيس حركة النهضة، بعد الجهود التى تقودها الحكومة الفرنسية، والتى تهدف لحظر الإخوان المسلمين فى فرنسا، على النهج ذاته الذى تعمل عليه الولايات المتحدة لحظر الجماعة وأنشطتها على الأراضى الأمريكية.
وأوضحت المصادر الصحفية، أن الزيارة تمت بالتنسيق بين حركة النهضة الإسلامية، وشركة علاقات عامة فى فرنسا، التى رتّبت الزيارة مقابل مبلغ مالى كبير.
وأثناء سفر الغنوشي، على متن طائرة تونسية إلى باريس، تعرَض لهجوم وانتقادات من امرأة تونسية حمّلته مسئولية الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتردية التى وصلت لها تونس، خلال السنوات الماضية، وتفاعل العشرات على مواقع التواصل مع خبر الطائرة وهجوم السيدة على رئيس النهضة.
سعت حركة النهضة إلى الترويج بأن الزيارة تأتى تلبية لدعوة من وزير الخارجية الفرنسية، بينما أكد مصدر مسئول فى سفارة فرنسا بتونس أنه «لا علاقة للحكومة الفرنسية، ولا لوزارة الخارجية بزيارة الغنوشى لفرنسا».
كما أكد المصدر نفسه فى تصريحات نُشرت الأربعاء الماضي، أنه «لم توجه له أى دعوة للقيام بهذه الزيارة»، لكنه أضاف قائلًا إن الغنوشى «اتصل بسفارة فرنسا طالبًا تحديد موعد للقاء وزير الخارجية الفرنسي، ووقعت الاستجابة لطلبه».
وبالتوازى مع ذلك، قالت مصادر: إن الزيارة ليست رسمية، وإنما جاءت بترتيب من شركة علاقات عامة فرنسية لجأت إليها الحركة فى سياق محاولاتها لاختراق المشهد السياسى الأوروبي.
وفتح هذا التضارب بابا واسعًا للتأويلات والتكهنات حول دلالات هذه الزيارة وأبعادها السياسية، خاصة فى ظل حالة التخبّط والارتباك التى تُخيم على المشهد السياسى العام فى تونس، وسط خشية متصاعدة من أن تكون هذه الزيارة مقدمة لتحول الملف التونسى إلى الدوائر الغربية.


ولم يتمكن زبير الشهودي، مدير مكتب راشد الغنوشي، من التقليل من وطأة هذه الخشية، بل عمقها عندما اعتبرها مهمة ولها «أهمية استراتيجية للنهضة وللبلاد بصفة عامة خاصة فى خضم الأوضاع الراهنة على غرار انتظار تكوين حكومة الوحدة الوطنية».
وفيما اعتبر الشهودي، أن الوضع العام فى تونس يتسم بنوع من الغموض يستدعى طمأنة شركاء تونس، وخاصة فرنسا، أعرب النائب البرلمانى التونسى الجيلانى الهمامى عن قلقه من هذه الزيارة المفاجئة بالنظر إلى أن علاقات الحركة بالأوساط الحكومية فى فرنسا وعدد من الدول الغربية «ليست على ما يُرام».
وقال الشهودي، إن «الفتور الذى ساد العلاقات بين النهضة وبقية تيارات الإسلام السياسى مع فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، يجعل من هذه الزيارة خطيرة بأبعادها السياسية، بالنظر إلى توقيتها الذى قد تكون له صلة مباشرة بأزمة حكومة الوحدة الوطنية».
واعتبر المحلل السياسى التونسى مصطفى التليلي، فى تصريحات نقلتها صحف تونسية أن زيارة الغنوشى لباريس هى «مفاجأة وخروج عن المألوف، وهى تندرج فى سياق مسعى حركة النهضة إلى التسويق لمشروعها السياسى فى الغرب».
لكنه لم يستبعد أيضًا أن تكون لها علاقة مباشرة بالتطورات السياسية فى تونس ارتباطا بأزمة حكومة الوحدة الوطنية، حيث قال: إن المؤشر الخطير فى هذه الزيارة هو «عرض قضايا تونس الداخلية على القوى الأجنبية التى وصلت إلى حد ترتيب الأوضاع وتحديد أولوياتها».
وبدأت الزيارة يوم الثلاثاء ١٤ مايو الجارى وتنتهى الإثنين ٢٠ مايو ٢٠١٩، حيث وصل الغنوشى باريس على رأس وفد مكون من: رفيق عبدالسلام، مسئول العلاقات الخارجية بالحزب، وعضوى مجلس نواب الشعب عن فرنسا الشمالية حسين الجزيرى وكريمة التقاز، وعضو المكتب التنفيذى للحزب رضا إدريس، وكريم عزوز مسئول حركة النهضة بفرنسا الشمالية.
والتقى الغنوشى خلال اليومين الأولين من الزيارة مع كل من: أورليان لوشوفاليه، أحد المستشارين الدبلوماسيين لدى الرئيس ماكرون، وجابن باتيست لوموانى كاتب الدولة للشئون الخارجية، وعدد من العاملين بإدارة شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية، وعدد من أعضاء لجنة الصداقة الفرنسية التونسية بالبرلمان، ورئيسها السيد جيروم لمبار.
ما يشار إليه، أن الغنوشى ركّز فى زيارته على الالتقاء مع عدد من الكتاب والصحفيين والخبراء المتعاطفين مع تيار الاسلام السياسى والإخوان ومنهم: ألان قريشك، وستيفان لاكروا، وجيل كيبل.
وعقد الغنوشى بالمؤسسة الفرنسية للعلاقات الخارجية IFRI: ندوة تحت عنوان الوضع التونسى فى محيط مضطرب، أدارها الدكتور جيل كيبل.


وأوضحت مصادر، أن الزيارة هدفت بالأساس إلى مناقشة فكرة حظر الإخوان التى طالب بها خمسون نائبًا بالبرلمان الفرنسي، حيث حاول خلال تلك اللقاءات أن يشرح كيف تغيرت الجماعة فى الفترة الأخيرة وانسلخت عن كل أفكارها المتشددة وخطت طريقًا آخر للعمل.
كما تأتى هذه الزيارة أيضًا فى سياق الدور الحالى الذى يلعبه داخل التنظيم العالمى للجماعة، حيث أوضحت مصادر خاصة، أن الغنوشى يضطلع الآن بدور كبير فى التنظيم الدولي، خاصة عقب الهيكلة الجديدة التى قامت بها الجماعة، ومنها تولى إبراهيم منير إدارة الفرع المصرى مكان محمود عزت، وتولى الغنوشى قيادة الجناح السياسي.
ويقوم الغنوشى الآن بمحاولات لتجميل وجه التنظيم عقب محاولات إدراجه إرهابيًا فى كل من أمريكا وفرنسا وبعض الدول الأوربية الأخرى، فضلًا عن تسويقه أن الجماعة مؤمنة بالديمقراطية، وأنها على استعداد للمصالحة مع الأنظمة العربية.
وقالت تقارير إعلامية، إن رئيس حركة النهضة الإسلامية التونسية راشد الغنوشى بات الرجل الثانى فى تنظيم الإخوان المسلمين العالمى إثر تعيينه رئيسًا للمكتب السياسي، وذلك فى مؤتمر تنظيم الإخوان المسلمين العالمى الذى عقد فى إسطنبول.
وتأتى محاولات الغنوشى فى فرنسا وإعلانه عن انفصال النهضة عن التنظيم الدولي، خطوة أولية متفق عليها بين قيادات التنظيم الدولى والحركة، من أجل تنفيذ مناورة التعويم السياسى والاجتماعى للحركة، وتعميق الانخراط داخل المجتمع التونسى سياسيًّا واجتماعيًّا، فى الوقت الذى يخوض فيه مناورات كبيرة لتجميل وجه التنظيم الدولى للجماعة.
فى هذا السياق، فإن حركة النهضة تتشابه مع إخوان مصر، فى موضوع العلنية والسرية فى العمل، فلم يكن العبء الإخوانى ممثلًا فقط فى النصوص المؤسسة، وإنما تمثل كذلك فى الحمولة التاريخية التى حملتها الجماعة منذ أسس البنا «التنظيم الخاص» عام ١٩٤٠ ورسخ مفهومًا خاصًا للبيعة وأصبحت الجماعة ذات تكوين مزدوج علنى وآخر سري.. وإن ما يعلنه رئيس النهضة حول تغيرات وتحولات الجماعة لا يشير بشكل من الأشكال إلى انفصامه عن الإخوان، لكنه يشير إلى تغيرات التيار، وفشل مشروع الإسلام السياسى، وهذه هى الجملة التى أطلقها القيادى بحركة النهضة الإخوانية بتونس، جلال الورغي.
وأفرزت التجربة النهائية لجماعة الإخوان، وغيرها من الجماعات، أنه يتم توظيفها فى مخططات دولية وإقليمية، وبلا شك فإن النهضة استوعبت تجربة ما حدث للجماعة الأم فى مصر، وهى تلعب الآن دورًا لمحاولة إعادتها، وعدم تجريمها فى أوروبا.