الأربعاء 22 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

الـ(لا) الأعلى في التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هو مجرد برج عال ارتفاعه 187 مترًا.. صحيح أنه وقت بنائه كان يعد البناء الأعلى على مستوى العالم بعد برج إيفل، لكن ارتفاعه الآن لا يمثل شيئًا بجوار ناطحات السحاب التى ملأت العالم.. وهو أيضًا مجرد مزار سياحي وسط كم كبير من المزارات السياحية الموجودة في مختلف ربوع مصر.
أتحدث عن (برج القاهرة) أو (برج الجزيرة) كما كان معروفًا في السابق.
فهل برج القاهرة هو فعلا مجرد برج عال كان فى زمن بنائه هو الثاني في علوه؟ وهل هو مجرد مزار سياحي مثله مثل بقية المزارات السياحية في مصر؟
لا ليس كذلك أبدًا، إنه رمز ورمز كبير لمصر الدولة.. كيف هذا؟
إن قصة برج القاهرة، تقول كيف هذا:
عقب قيام ثورة 23 يوليو 1952فى مصر، كانت الجزائر تواصل كفاحها الشعبي الطويل ضد المحتل الفرنسي والذي راح ضحيته مليون شهيد، وكانت الثورة الجزائرية تحظى بتأييد ومؤازرة ومساعدة من مصر ومن جمال عبد الناصر قائد ثورة يوليو ورئيس مصر.. وفى عام 1956 أتى إلى مصر قادما من أمريكا رئيس المخابرات السعودية كمال أدهم الشخصية وثيقة الصلة بالأمريكان، وذلك لمقابلة جمال عبد الناصر حاملا معه مبلغا- كان يعد ضخما ومغريا في ذلك الوقت- قدره ستة ملايين جنيه، وذلك مقابل توقف مصر عن مساندة ومساعدة الثورة والثوار فى الجزائر.. وأخذ جمال عبد الناصر الستة ملايين جنيه، وأعلن في خطاب له أمام الشعب ما حدث، متحدثا عن الرشوة الأمريكية لمصر مقابل تخليها عن دورها العروبي، مبلغا أمريكا بأن مصر لا يمكن أن تتخلى عن دورها تجاه الثورة في الجزائر وعن مساندة ومساعدة أشقائها الثوار في الجزائر في معاركهم وكفاحهم ضد المستعمر، وأن مصر تقول (لا) للرشوة الأمريكية.
وأخذ المبلغ ورفض حتى استخدامه في إقامة مشاريع تنموية كانت مصر فى أشد الحاجة لها حينئذ، وقرر بناء برج عال ليكون شاهدا على أفاعيل أمريكا المتدنية.. والأهم ليكون رمزا عاليا لكلمة (لا) قولا وفعلا للهيمنة الأمريكية والتسلط الأمريكي.. (لا) لخيانة المبدأ.. (لا) لكل من يريد أن يدفع مصر للتخلي عن دور الشقيق الأكبر والبلد الأكبر القائد الرائد.. (لا) لأي محاولات لأن تكون مصر بلا عزة ولا كرامة مهما كانت المغريات.
وتم بناء برج القاهرة واستغرقت عملية بنائه سنوات امتدت من عام 1956 إلى عام 1961، وكان بناء (برج القاهرة) عاليًا شامخًا مهيبًا يعد لطمة كبيرة على وجه أمريكا.. ويقال إن البرج قد سمى داخل الأروقة السياسية الأمريكية بـ(شوكة عبد الناصر).. وسماه المصريون تندرا وسخرية (وقف روزفلت).
هذه هي قصة برج القاهرة, والتي أقصها اليوم بعد أن انتشر منذ أيام خبر حول اتفاق قد تم بين من (يحكمون) مصر الآن، ورجل أعمال لبناني تقدم لشراء برج القاهرة وحظي بالموافقة!!
هذا الخبر الغريب العجيب تداوله العديد من المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي على (الإنترنت) مصحوبا بأخبار حول تجمهر العاملين بالبرج وإغلاقهم أبوابه ومنعهم زوار البرج من الدخول.. انتشر هذا الخبر ولم يحرك المسئولون فى مصر ساكنا ولم ينبسوا بحرف ينفي أو يؤكد رغم مرور أيام على بثه، لا رئيس دولة ولا طاقم مستشاريه ونوابه ومتحدثيه ولا رئيس حكومته ولا وزير سياحته نبسوا بحرف فيه نفي أو تأكيد.. صمت مطبق مريب!!
والسؤال هنا: هل هذا الخبر حقيقة؟! هل سيتم بيع برج القاهرة لرجل أعمال مهما كانت جنسيته؟!..
بل السؤال الأصح هو: هل سيتم بيع رمز مصر؟! رمز كرامة مصر؟! رمز عزة مصر؟! رمز الـ(لا) الأعلى في التاريخ؟!.. هل يمكن حدوث هذا وكيف؟!.. هل لأن البرج مرتبط باسم جمال عبد الناصر والموقف يرتبط بجمال عبد الناصر والستينيات وما أدراك ما الستينات؟!
غباء كبير إذا كان هذا هو فهم المسئولين الآن في مصر ورؤيتهم لـ(برج القاهرة) وما يمثله.. صحيح أن عبد الناصر هو صاحب الموقف وهو من اتخذ القرار وهو من قال (لا) .. وهو من أعطى الصفعة لأمريكا المغرورة التى اعتادت شراء الرؤساء والدول بالأموال، وهو من كشف موقفها المتدني.. لكن الحقيقة أن الموقف وإن اتخذه عبد الناصر الذي كان رئيسا لمصر، هو موقف بمصر الدولة، ومصر الدولة هي من قالت (لا) لأمريكا ولصلف أمريكا.. ومصر الدولة هي من قامت بتأصيل هذه الـ(لا) وجعلتها ناطقة مرئية يشاهدها العالم في صورة برج عال سمته (برج القاهرة) ليظل رمزا على مدى السنين والتاريخ.. فكيف بكم تبيعون رمزا كهذا؟! ولمصلحة من أو إرضاء لمن؟! أو أخذا بالثأر لمن؟!
أجيبونا يا من تحكمون مصر الآن.. أجيبونا أيها المسيطرون على مصر الآن.. أجيبونا.. هل هذا الفعل الشائن حقيقة أم أنه خبر كاذب؟!
أجيبونا وأسرعوا في الإجابة وإياكم والتباطؤ، لأن الطوفان قد أصبح وشيكا.. فالكيل قد طفح وفاض بمصر وبشعب مصر!!