الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

قراءات كنسية على درب الصليب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الكنيسة تمنع «القبلة» من الأربعاء
خميس العهد عيد سيدى صغير
الجمعة صلوات للرحمة وأيقونة الصلبوات رمز للمسيح المصلوب

يرتبط أسبوع الآلام فى مصر بالكثير من الطقوس، والأكلات الشعبية التى ترتبط بالثقافة المصرية، فاليوم الأربعاء تتذكر الكنيسة خيانة يهوذا، أحد تلاميذ المسيح، وقبلته التى سبقت تسليمه لليهود، مقابل «30» شاقلًا من الفضة، ولذلك منعت الكنيسة «القبلة» بداية من عشية الأربعاء رفضًا للقبلة الخائنة.
وتمنع الكنيسة فى طقوسها «التقبيل» حتى سبت الفرح، ويُطلق على هذا اليوم اسم «أربعاء أيوب» نسبة إلى أيوب النبي؛ حيث تقرأ فى الصلوات الكنسية التى تقام مساء هذا اليوم «قصة أيوب البار» كما ذُكرت فى الكتاب المقدس، والتى ترمز إلى «المسيح» فى آلامه وتجاربه، وأيضًا فى النهاية المفرحة.
ويرجع البعض أن سبب التسمية إلى الاعتقاد الشعبى السائد، بأن أيوب اغتسل مدلكا جسده بنبات أخضر يسمى «الرعرع» فشفى من أمراضه، وكان ذلك يوم الأربعاء، فنسب إليه، كما يحرص الأقباط على تناول الفريك ويتم إعداده بعدة طرق مختلفة.
تراث شعبي
إلى جانب الطقس الكنسى ارتبط «أربعاء أيوب» بالفولكلور المصري، حيث اعتاد المصريون الاغتسال بالعشب الأخضر، ونبات «الرعرع».
وللطقوس الشعبية دلالات روحية، فالماء يرمز إلى الطهارة والنظافة، والبداية والميلاد الجديد، وأيضًا رمز للحياة، والنبات بما فيه من خضرة إنما يرمز إلى الخير والنماء والخصوبة المتجددة.
وقديمًا كان يذهب البعض للاغتسال بالغطس فى النيل، وآخرون يقومون بالاغتسال فى منازلهم بوضع نبات النعناع أو البقدونس فى ماء الاغتسال، وهناك من يقوم برش ماء الاغتسال داخل المنزل، خاصة أمام الأبواب مستخدمين فى ذلك فروع النبات الأخضر.
«الرعرع» هو نبات طيب الرائحة، شديد الخضرة، وهو نبات مصرى قديم عثر العلماء على حبوبه بين الهدايا الجنائزية فى مقابر طيبة، ويسميه البعض «خبيزة».
«عروسة القمح» إحدى العادات الشعبية، حيث يتزامن الاحتفال بأربعاء أيوب بظهور بشائر زراعات القمح فى شكل سنابل رقيقة خضراء، فيحتفلون بها أو يشركونها فى احتفالاتهم لتصنع منها «العروسة».
لـ «عروسة القمح» جذور فى التراث المصرى؛ حيث ترمز للإخصاب، وكانت العادة فى المجتمعات القديمة أن تصنع العروسة من باكورة محصول القمح، لتقدم كقربان للقوى الخفية التى تمد الزروع بالثمار شكرًا على عطاياها أو اتقاء لشرها.
وكان قدماء المصريين، يقدمون للإله «رنوتت»، أو «إلهة الحصاد»، وعاءً به ماء لتشرب منه، تعلوه حزمة من سنابل القمح وسوقه تمثل البشائر الأولى للمحصول وتعلق أمام الآلهة قربانا لها، كما كان المصريون القدماء يقيمون فى موسم الحصاد عيدًا من أهم أعيادهم يفتتحه فرعون بنفسه، بأن يقدم للإله أولى ثمرات الحصاد رمزًا للخير والبركة.
وتعلق عروسة القمح فى المنازل، وعلى الأعتاب العلوية للأبواب، وعادة ما تترك هكذا طوال العام إلى أن يحل العام التالي، فتصنع بديلتها الجديدة فى أربعاء أيوب لتعلق مكانها.
وقديمًا كان يُحيى أهالى سيناء هذا الطقس السنوى بالتوجه لشواطئ مدينة العريش، حيث يعتقدون أن النبى أيوب شفى هناك، وتبدأ الطقوس قبيل غروب الشمس من يوم الثلاثاء، وتستمر أيضا يوم الأربعاء، اعتقادا منهم بأن من تغرب عليه الشمس وجسده مغمور بمياه البحر يشفى من الأمراض العضال.
الطقس الكنسى
تقرأ الكنيسة فى صلواتها «سفر أيوب» لما يحمل من تشابه مع المسيح فى تجاربه وآلامه الشديدة والنهاية السعيدة التى ختم بها حياته.
ويسمى اليوم أيضًا بـ «يوم التآمر»؛ لأن يهوذا تلميذه تآمر مع رؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل على يسوع فى ذلك اليوم لكى يسلمه إليهم، واتفقوا أن يسلمه إليهم مقابل ثلاثين شاقلًا من الفضة، وبسبب هذه المؤامرة تصوم الكنيسة كل يوم أربعاء لكى تشارك المسيح آلامه.
وتمارس الكنيسة صوم يومى الأربعاء والجمعة من كل أسبوع على مدار السنة، ما عدا فترة الخماسين، منذ العصر الرسولي، لأن فى الأربعاء تذكار التشاور على تسليم المسيح، وفى يوم الجمعة تذكار صلبه.
خميس العهد
وضعت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خميس العهد فى الأعياد السيدية الصغرى، وبحسب الأنبا بنيامين مطران المنوفية فى كتابه «الأعياد السيدية فى الكنيسة القبطية»، فإن خميس العهد هو بداية العهد الجديد الذى دشنه المسيح مقدمًا خلاصه للكنيسة ممثلة فى التلاميذ القديسين، من خلال جمعه بين ذبيحة الصليب والقيامة، لذلك فيوم خميس العهد يمثل مركز الأحداث الخاصة بالآلام والموت والقيامة.
طقس كنسي
رتبت الكنيسة الطقس ليؤكد عدة أحداث مهمة منها خيانة يهوذا؛ حيث يقرأ الأبركسيس الذى ينص على فقد يهوذا الإسخريوطى مكانته كتلميذ لخيانته، ويردد الحضور «يهوذا يا مخالف الناموس».
الحدث الثاني، قيام المسيح بغسل أرجل التلاميذ، والذى ترجمته الكنيسة فى «صلاة اللقان»، ليرمز غسل الأرجل إلى التوبة والنقاوة التى نسميها المعمودية الثانية الدائمة.
وثالث الأحداث هو تدشين سر التناول، ويعتبر قداس خميس العهد الأصغر على مدار السنة كلها إذ يخلو من عدة أجزاء تقرأ باقى السنة.
فولكور شعبي
يقول المقريزى شيخ «المواعظ والاعتبار فى ذكر الخطط والآثار»، إن العامة يطلقون على خميس العهد خميس العدس لعادة الأقباط طبخ العدس نهار الخميس.
وأضاف، يتم عمل العدس قبل الفصح بثلاثة أيام، ويقومون بملء إناء من ماء، ويزمزمون عليه، ثم يغسل للتبرك به أرجل سائر النصارى، ويزعمون أن المسيح فعل هذا بتلامذته فى مثل هذا اليوم، كى يعلمهم التواضع، ثم أخذ عليهم العهد أن يتفرقوا، وأن يتواضع بعضهم لبعض.
ويوضح: عوامُّ أهل مصر يطلقون عليه «خميس العدس» من أجل أن النصارى تطبخ فيه العدس المصفى، ويقول أهل الشام «خميس الأرز» «وخميس البيض». ويقول أهل الأندلس «خميس أبريل».
ويضيف: جملة المواسم العظيمة. فيباع فى أسواق القاهرة من البيض المصبوغ عدّة ألوان، ما يتجاوز حدّ الكثرة، فيقامر به العبيد، والصبيان، والغوغاء، ويُنتدب لذلك من جهة المحتَسب من يردعُهم فى بعض الأحيان. ويهادى النصارى بعضهم بعضًا، ويهدون إلى المسلمين أنواع السمك المنوع، مع العدس المصفى والبيض.
الجمعة العظيمة
فى كتابه «محاضرات فى علم اللاهوت الطقسى القبطي» شرح الأنبا بنيامين، مطران المنوفية، طقس الجمعة العظيمة، والتى تُسمى «الجمعة الحزينة»؛ لأنها بها تم صلب المسيح، بحسب العقيدة المسيحية.
وأكد أن الكنيسة تحتفل فى هذا اليوم احتفالًا مهيبًا، ويكون الصوم فى هذا اليوم بزهد وتقشف شديدين، كما تمنع فيه القبلة وألحان هذا اليوم «حزايني» كلها.
ويضيف: كما تعرى فى هذا اليوم المذابح من ملابسها الثمينة، إشارة لعرى السيد المسيح لأنهم عرُّوه وجلدوه، وهذا إعلان عن تأثير الخطية وبشاعتها من خلال الطقس لكى يعرف الجميع أن الخطية تعرى الإنسان.
ويكمل، تركز الكنيسة فى قراءتها على انتظار البشرية لهذا الخلاص، وتوضح التشبه بالمسيح الذى قابل الشر بالخير وهكذا ينبغى أن نسلك، وهو الذى بذل نفسه لأجلنا فنبذل أنفسنا نحن أيضًا لأجل الآخرين.
أيقونة الصلبوت
فى وسط الكنيسة يتم وضع أيقونة الصلبوت، التى توضح صلب المسيح والآلام التى تحملها، ويوضع حولها ثلاثة صلبان؛ لأن الصليب علامة ابن الإنسان، وهو فخر المسيحية.
وتوضع الشموع مضيئة حول أيقونة الصلبوت؛ لأن المصلوب هو نور العالم، وأبطل الموت بموته وأنار الحياة والخلو، وإشارة إلى الحياة التى لا يغلبها الموت.
الميطانيات
تنتهى صلوات الجمعة العظيمة بعمل «100 ميطانية»، وهى كلمة يونانية تعنى سجود، فى كل اتجاه ويردد الشعب «كيرياليسون» أو «يارب ارحم»، وذلك لاستمطار مراحم الله ورأفته على البشر. ويتم عمل 100 ميطانية فى كل اتجاه تبدأ بالشرق ثم الغرب ثم الشمال ثم الجنوب (الجهات الأربعة) ثم 50 ميطانية أخرى جهة الشرق إشارة إلى اليوبيل والحرية التى نلناها بالصليب.
الزفة
فيها يحمل الأسقف أو الكاهن أيقونة الصلبوت، ويطوف بها فى الكنيسة إشارة لحمل جسد المسيح ودفنه، ويحمل الشمامسة الشموع والصلبان والمجامر فى الكنيسة والهيكل وهم يرتلون بالدفوف كيرياليسون.
الدفن
يتم وضع ستر أبيض على المذبح، فوقه صورة الدفن والصليب مع خمسة فصوص مر، مع الحنوط والورود (إشارة للحياة)، ثم نثنى الستر الأبيض من جهاته الأربع، ثم وضع شمعدانات جهة اليمين وجهة اليسار إشارة إلى الملاكين واحد عند الرأس والآخر عند الرجلين.
شراب الخل الممزوج بالمر
على درب المسيح يقوم البعض بشرب الخل تذكارًا لشرب المسيح، لذلك الشراب المر على الصليب، وهو إشارة للأحزان والآلام التى احتملها من أجلنا فنقدى بصبره.
ساعات الصلاة

تدور القراءات حول أحداث القبض على المسيح، بحسب ما جاء فى الأناجيل، وقد رتبت الكنيسة ابتداء من هذه الساعة أن تتلو أربعة أناجيل فى كل ساعة.
ففى الساعة الأولى، تقرأ الأناجيل التى تتضمن النصائح والوصايا الوداعية لتلاميذه، ويشملها الخطاب الوداعى الأخير الذى ألقاه الرب على تلاميذه عقب خروج يهوذا الأسخريوطى لإتمام القبض عليه، وهذا الخطاب يقع فى خمسة إصحاحات من بشارة يوحنا الإنجيلي، وقد قسمته الكنيسة إلى أربعة أقسام، تتلوها فى هذه الساعة، وتسمى «فصول البارقليط» أى المعزي، لأنه يتكلم فيها كثيرًا عن الروح القدس المعزى الذى سيرسله إلى تلاميذه ولأن فيها كلمات تعزية كثيرة يطمئن ويثبت بها تلاميذه.
وفى الساعة الثالثة، تقرأ النصوص حول شكوك التلاميذ ومحاولة علاجها، وتقرأ الأناجيل من فصل الإنجيل متى والخروج إلى جثسيماني، وإنجيل مرقص وشكوك التلاميذ وتبدد الرعية.
بينما تقرأ فى الساعة السادسة صلاة المسيح الحارة الحزينة فى البستان، بحسب ما جاءت فى الأناجيل الأربعة حتى القبض عليه.
الساعة التاسعة تتضمن قراءات القبض على المسيح، وفى الساعة الحادية عشرة تقرأ فصول محاكمته أمام رؤساء اليهود.
وتحوى هذه الأناجيل محاكمة المسيح أمام حنان، ثم أرسله موثقًا إلى قيافا؛ حيث تمت المحاكمة الثانية، وهناك أنكر بطرس سيده وصاح الديك فخرج بطرس خارجًا وبكى بكاء مرًا.
كما تم الاستهزاء بالمسيح فكانوا يهزأون به ويضربونه ويجدفون عليه، ثم اجتمع أعضاء مجمع السنهدريم ليلًا فى بيت قيافا رئيس الكهنة فى جلسة طارئة وغير عادية لمحاكمة المخلص، وأما رؤساء الكهنة والمجمع كله فكانوا يطلبون شهادة زور على يسوع ليقتلوه، ولما وجدوها حكم الجميع على المسيح أنه مستوجب الموت، وهكذا حكموا عليه بالموت.
عادات شعبية
أضاف المصريون العديد من الأكلات، والتى لها رمز روحى لهذا اليوم، فيحرصون على تناول «المحشي» لأنه يتم «لفه» مثل الكفن، والكنيسة تحتفل فى نهاية الجمعة العظيمة بدفن المسيح، والطعمية التى يرمز شكلها الدائرى إلى الحجر الذى وضع على القبر، و«الفول النابت»، والذى يرمز إلى الحياة بعد الموت.