الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

"قرن أفريقيا" في "عيون" الاتحاد الأوروبي ورعايته

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدي الاتحاد الأوروبي اهتماما بالغاً بالتعاون المتعدد الأوجه مع منطقة القرن الأفريقي، لاسيما في العقود الأخيرة، إذ عمد على نشر سفنه البحرية لمراقبة الشواطئ في المنطقة، وإطلاقه عدداً من المبادرات والبرامج والمهام والبعثات العسكرية والأمنية بالتعاون مع دول القرن الأفريقي الأربع (جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والصومال)، الأمر الذي يثير تساؤلات حول أسباب الاهتمام بمنطقة القرن الأفريقي من جانب الاتحاد الأوروبي؟
وتحتل منطقة القرن الأفريقي - التي تغطي مساحة تقارب مليوني كيلومتر مربع ويقطنها نحو 115 مليوناً 85% منهم في دولة إثيوبيا - مكانة استراتيجية وحيوية كبرى في منظومة أمن البحر الأحمر وبحر العرب إذ إنها تشهد طرق تجارة كثيفة وحيوية، كما أنها مركز لطرق الهجرة المتجهة إلى قارة أوروبا، لذا فإن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى تعزيز تعاونه مع بلدان المنطقة لتعزيز الأمن والاستقرار بما يعود بالنفع على الجانبين.
وترتكز منهجية الاتحاد الأوروبي في التعاون مع منطقة القرن الأفريقي على إطلاق نشاطات ومهام عسكرية ومدنية مدمجة بتعاون وثيق وتنسيق مع أنشطة الاتحاد الأوروبي الأخرى المتعلقة بالتعاون التنموي، المساعدات الإنسانية، التجارة، والتعاون الدبلوماسي، علاوة على دعوة شركاء آخرين سواء كانوا إقليميين أو دوليين للإسهام في مثل تلك الجهود لإحلال الاستقرار في تلك المنطقة الاستراتيجية.
ولأنها منطقة شديدة الحيوية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، فقد أطلقت حزمة من العمليات البحرية والعسكرية من بينها مهمة EUTM Somalia للتدريب العسكري، ومهمة EUCAP Somalia لبناء القدرات المدنية، علاوة على العملية البحرية العسكرية الصرفة التي يرعاها الاتحاد الأوروبي تحت عنوان "أطلانطا"، والتي تكرس جهودها لحماية المياه والشواطئ الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي والمحيط الهندي.
وقبل 10 سنوات، برزت قضية القرصنة على سواحل الصومال التي تحولت إلى كابوس لطرق التجارة والشحن وحركة السفن الدولية العابرة في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وفي الوقت ذاته، استغلت سفن الصيد الأجنبية غياب قوات حرس السواحل الصومالية لتكثيف عمليات الصيد غير المشروع في تلك المنطقة، وقد نجم عن تلك الأوضاع نقص حاد في كميات الأسماك للمدن والقرى الصومالية التي تعتمد على الصيد في كسب قوت عيشها، وهو أمر دفع بعض الجماعات الصومالية تحت وطأة نقص موارد الدخل لديها إلى تشكيل عصابات مسلحة لاختطاف السفن التجارية العابرة في المياه الإقليمية الصومالية وفي منطقة القرن الأفريقي.
وبعد أن كانت البداية استهداف سفن الصيد، تطورت الهجمات إلى تهديد السفن التجارية واختطافها بعد أن تحولت إلى تجارة مربحة نظراً لارتفاع مبالغ الفديات التي كان يطلبها الخاطفون من الشركات المالكة للسفن التجارية العابرة أمام الشواطئ الصومالية.
ومن بين الأسباب التي دفعت قضية القرصنة إلى التفاقم داخل منطقة القرن الأفريقي، غياب الأطر التشريعية والأمنية والعملياتية لمواجهة عمليات الصيد الجائرة والصيد غير المشروع في المنطقة، لذا بات من الواضح أن من الضروري إيجاد مزيج من التدابير والمعايير الملائمة للتعاطي مع العوامل المسببة لتلك المشكلة.
كانت البداية بإرساء ثوابت الملكية المحلية من خلال زيادة قدرات قوات الأمن الوطنية وتعزيزها باعتبارها عنصراً جوهريا لأي تحرك يمكن أن يقوم به الاتحاد الأوروبي في المنطقة، وشرعت المبادرات الأوروبية في التركيز على تدريب قوات الأمن الوطنية لإحلال الاستقرار الداخلي وتمهيد الطريق تدريجياً للبعثات الأوروبية والدولية للتعاون مع وزارة الدفاع الصومالية والجيش الوطني الصومالي، وتزامنت تلك التحركات مع مهام مدنية لبناء قدرات قوات شرطة بحرية وقوات حرس حدود وطنية مع صياغة التشريعات والسياسات المنظمة لعملها.
ومن المعروف أن إطلاق الاتحاد الأوروبي لعمليات أو مهام سواء عسكرية أو مدنية خارج نطاق بلدان الاتحاد يتطلب موافقة الدول الأعضاء عبر مجلس القرار، ويعود أمر اشتراك أي دولة من الدول الأعضاء إلى رغبتها في المشاركة في المهمة العسكرية أو المدنية بتقديم ما يلزم من أصول أو عناصر لتسهيل أداء تلك المهام (كالجنود، المحامين، خبراء إصلاح القطاع الأمني، وحرس السواحل، وغيرهم).
وتشير معلومات المهام والبعثات التي أطلقها الاتحاد الأوروبي في الصومال ومنطقة القرن الأفريقي إلى إسهام 23 دولة كعضو في الاتحاد إضافة إلى دولتي صربيا ومونتينيجرو (الجبل الأسود) اللتين قررتا إرسال خبراء مدنيين وجنود من القوات المسلحة في البلدين للخدمة تحت علم الاتحاد الأوروبي في تلك المهام.