الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

عبدالعزيز المقالح في حواره لـ"البوابة نيوز": الشعر أجمل ما تبقى في الحاضر العربي والرواية قصيدة طويلة.. أزمات الواقع العربي فاقت الخيال ونمر بحالة سيئة تعجز عنها الكلمات

عبدالعزيز المقالح
عبدالعزيز المقالح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أول حديث له بعد حصوله على جائزة الشاعر أحمد شوقى، التى أقامها اتحاد كتاب مصر، فى 21 مارس الماضي، يتحدث الكاتب والأديب والشاعر والناقد اليمنى الكبير عبدالعزيز المقالح، فى أول حوار له على الرغم من عزلته التى اختارها، وحالته الصحية الحرجة، والتى تمنعه من التواصل الإعلامى، وذلك منذ أكثر من 40 عامًا؛ حيث قرر أن يظل فى صنعاء، رافضًا الخروج منها وسط تلاميذه ومحبيه ومورديه، من الأدباء والمثقفين اليمنين والمصريين والعالميين، كما خص «البوابة» بعدد من الصور التذكارية، التى تنشر لأول مرة، التى تجمعه بالدكتور جابر عصفور وسعدى يوسف وعبدالرحمن الغابري، وأدونيس، وأحمد عبدالمعطى حجازى، وهم فى ضيافته بصنعاء.
الكاتب الكبير عبدالعزيز صالح المقالح ليس فقط، مجرد أديب أو شاعر، وإنما أيضًا أستاذ أكاديمى خرج من تحت يديه العديد من التلاميذ والأدباء والشعراء؛ فهو شاعر اليمن ورائد من أهم رواد النقد والثقافة، كما قام بالإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه، وما زالت أعماله الأدبية محط نظر الأكاديميين والباحثين، عشق مصر وحصل على درجة الماجستير والدكتوراه من جامعاتها؛ حيث وصف تلك الفترة التى عاشها فى مصر بالزمن الجميل، وقد عشق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ما جعله كتب عنه قصيدة بعنوان «فوق ضريح عبدالناصر»، قال فيها: «هنا ينام متعبًا، من أتعب الأيام والفصول، من عبرت خيوله فوق جبين الشمس والزمن، فما ونى ولا وهن، حتى ونت من تحته الخيول، واستسلمت لراحة الكفن، فآثر القفول، ونام موهن البدن، من أيقظ العيون، هنا، ينام متعب الجفون»، وإلى نص الحوار...
■ فى البداية.. هل توقعت الحصول على جائزة أمير الشعراء أحمد شوقى من اتحاد كتاب مصر، لا سيما أن هذه هى الدورة الأولى لها؟!
- كيف أتوقع الفوز بجائزةٍ لم يُعلَن عن اسمها إلاَّ مقترنًا بأسماء الفائزين!
■ وكيف استقبلت خبر الفوز؟ خاصة مع اقتران اسم حضرتك مع اسم الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازي؟
- فى ظروفى الصحية الراهنة، ومناخ المحنة التى تشهدها بلادنا حاليًا لم تعد فى القلب مساحةٌ للحزن، ولا مكان للفرح، وتجمعنى بالشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى صداقةٌ عميقة تعود إلى أوائل ستينيات القرن الماضي، وقد كان أول شاعر تعرفت عليه معرفة شخصية، كان يوم ذاك يشرف على صفحات الأدب فى مجلة «روز اليوسف»، وقد نشر لى أول قصيدةٍ فى مطبوعة أدبية فى مصر العربية، وكان ديوانُهُ الأول «مدينةٌ بلا قلب» فى ذلك الحين حديث الأوساط الأدبية وموضع اهتمامٍ نقديّ واسع.
■ لقد كشفت اللجنة المُكلفة من اتحاد كتاب مصر عن حيثيات الاختيار.. فما رأيك فيها؟.. وما الرسالة التى توجهها للاتحاد؟
- تقدير الحيثيات يعود إلى اللجنة نفسها، فهى تضم عددًا من أساتذة الجامعات وعددًا من أعضاء اتحاد الأدباء والكتاب وبعض النقاد، وذلك يعطيها مكانةً مرموقة، ويجعل من حيثياتها مصدر تقدير واعتزاز، أما رسالتى إلى الاتحاد فيترجمها الإعجاب الكبير بما وصل إليه فى المرحلة الراهنة بقيادة الأكاديمى اللامع الدكتور علاء عبدالهادي، الذى نجح فى إبعاد الاتحاد عن دائرة السياسة الضيقة، وأعاد إليه تماسكه بوصفه مؤسسةً إبداعيةً ذات تأثير محلى وعربي.
■ عشت حياة زاخرة مليئة بالأحداث، ولك العديد من الآراء، سواء على المستوى الاجتماعى والسياسي، أو الأدبي؛ كيف ترى واقع الشعر العربى فى الفترات الأخيرة؟
- أراه من وجهة نظرى الفاحصة والمتابعة فى حالة تصاعد رغم ما تمر به الأمة من انكسار، وهو بمدارسه المختلفة وأصواته المتعددة أجمل وأزهى ما تبقى فى الحاضر العربى من معانى الإشراق والأمل، وما يقال بين حين وآخر عن أن الرواية قد حلت محل الشعر، وأن هذا هو عصرها فكلام غير صائب، ومبالغ فيه، وما الرواية من وجهة نظرى أيضًا سوى قصيدة درامية طويلة تعددت مقاطعها واتسعت أجواؤها، ومن لغة الشعر استمدت وجودها وسحرها.
■ على المستوى السياسي.. تمر جميع بلدان الوطن العربى بفترة حرجة، من حروب وصراعات بالمنطقة، خاصة اليمن، والتى تشهد الكثير والكثير، ولعل من أهمها نزوح عدد كبير من اليمنيين خارج البلاد.. فبعين الشاعر والأستاذ والرائد كيف تصف هذا الوضع؟
لم يأتِ هذا الواقع العربى الراهن فجأةً، ولا هو وليد المصادفة، إنما جاء تعبيرًا عن تراكمات سابقة كثيرة، أفرزت هذا الوضع الذى لم يكن فى مقدور أى إنسان -عاقلًا كان أو مجنونًا- أن يتصور وقوعَه وظهورَه بهذه الصورة الشوهاء والشنعاء مِن اقتتالٍ بين الإخوة وحروب ودماء، خارج أية معركة، جديرة بأن تخاض من أجل الحق السليب، ونزوح الملايين من بعض الأقطار إلى بعضها أو إلى أقطار أخرى، وضحايا ولاجئين، إنه وضعٌ تكاد الكلمات تعجز عن إيجاد وصف للسوء الذى يمثله.
■ لقد حصلت على درجتى الماجستير والدكتوراه فى مصر فى سبعينيات القرن الماضي.. فماذا تمثل لك مصر، ماذا تقول عنها؟ وماذا تمثل تلك الفترة على الكتاب والأدباء العرب؟
- ذلك هو الزمن الجميل، ليس فى حياتى فقط بل فى حياة الأمة كلها، والتى كانت شعوبها لا تزال على درجة عالية من التضامن والشعور بأهمية التوحد، ويكفى أن اتحاد الأدباء العرب كان واحدًا، وكانت اجتماعاته تتم كل عام فى قطر عربي، بعيدًا عن الحدود والقيود.
■ حصلت على العديد من الجوائز، منها جوائز الدولة، مثل: وسام الفنون والآداب، وجائزة من اليمن بشطريه قبل الوحدة، وجائزة العويس، وجائزة الشعر العربى من مصر وجائزة الثقافة العربية من اليونيسكو، ومؤخرًا جائزة اتحاد كتاب مصر.. ماذا تمثل هذه الجوائز بالنسبة لك؟
- ربما أخذ بعضها بيدى لأدرك ما يمثله الإبداع من تواصل بين البشر على اختلاف ألوانهم ولغاتهم وجنسياتهم؛ إنه السفير المعترف به خارج نطاق السياسة.
■ إذا أحببت أن توجه بعض الرسائل.. فماذا تقول للحكام العرب؟ وما هى رسالتك للأدباء والمثقفين؟ وماذا تقول للشعراء والنقاد؟
- لا أقول شيئًا للحكام العرب؛ لأننى صرت يائسًا من أن أغلبهم ما زال يمتلك قدرةً على السماع، وأقول للأدباء والمثقفين لا تيأسوا من دوركم فى إصلاح ولو بعض ما أفسدته السياسة، أما للشعراء فأقول سلام عليكم، وللنقاد: أين أنتم؟!
■ «اليمن السعيد».. إلى أى مدى تنطبق هذه العبارة عليه اليوم؟
- رغم كل ما يعانيه ويتعرض له أبناؤه سيبقى سعيدًا، وما المحنة السياسية التى يمر بها سوى سحابة عابرة.