الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العرب.. مهمة إنقاذ العراق من بؤر الصراع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الفترة الوجيزة بين تتابع، أولًا: القمة الثلاثية، التى جمعت قادة مصر، العراق، الأردن فى مصر.. ثانيًا: زيارة وفد سعودى غير مسبوق بحجمه للعراق، إذ أوفدت الرياض برئاسة 9 وزراء مجموعة تتجاوز 100 من كبار المسئولين والمستثمرين حاملين خريطة تنموية شاملة، لم يسبق لدولة أن أرسلت إلى العراق وفدًا بهذا العدد والتنوع، ما يؤكد على جدية الخطوة فى تحقيق أهدافها بدخول السعودية حديقة العراق من باب يعرفه نظامها الحديث ومنطلق تنموى وتحديثى لإعادة الإعمار بمختلف مجالاته، هذا الفكر التقدمى لا تجيده إيران الحالية، وقياداتها الدينية تعى ذلك جيدًا، بعدما جربهم العراقيون على مدى 16 عامًا. البلد الجريح بالحروب كادت أن تحيله دول الجوار الإقليمى من «أرض السواد» إلى «الأرض الجرداء»، بالإضافة إلى مضاعفة معاناة الشعب عبر الإذلال والابتزاز عن طريق قطع إمدادات الكهرباء من طرف.. وممرات المياه وإقامة السدود من الطرف الآخر، بما يمس المتطلبات الأساسية للمواطن، ثالثًا: زيارة سيقوم بها خلال الأسبوع المقبل رئيس وزراء العراق عادل عبدالمهدى إلى السعودية، لتوقيع 13 اتفاقية على غرار التى تم توقيعها مع مصر والأردن، رابعًا: عقد منذ أيام فى السعودية اجتماع بين الأمانة العامة لمجلس تعاون دول الخليج والعراق لوضع خطة العمل المشترك المتفق عليها من الجانبين فى التنسيق السياسى والأمنى بهدف تعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة والتعاون بين الطرفين فى مكافح الإرهاب.
تعاقب هذه الخطوات العربية لم يجر بعيدًا عن «أعين» تراقب فى إيران وتركيا، إذ يعلم كلا الطرفين أن الوجود العربى هو البديل الشرعى لمعالجة النتائج الكارثية التى أفرزتها الهيمنة الإقليمية على العراق.. كما يدرك «محور التقارب العربي» أن الأنظمة الإيرانية والتركية ستبذل كل ما فى استطاعتها لعرقلة هذا التقارب، الذى تفرضه جذور النسيج الاجتماعى وروابط التاريخ المشترك تحديدًا بين العراق والسعودية، فالحدود الممتدة نشرت أفرعًا تنتمى إلى قبائل واحدة على أراضى البلدين، أشهرها قبائل «شمر» و«عنزة» و«حرب».. علمًا بأن الانتماء القبلى له عقائده وجذوره الراسخة بين مشايخ وأفراد هذه القبائل وقوانينها القائمة على الثقافة والهوية العربية المشتركة.
المساعى العربية لكسر الاحتكار الإقليمى فى قطاعات الطاقة والتصدير والزراعة والأعمار، بالإضافة إلى إغراق السوق العراقية- وهى سوق مثالية- بالبضائع المستوردة أو المهربة عبر الحدود الجنوبية والشمالية، مع الأزمات الاقتصادية التى تجتاح إيران وتركيا، وفق اعتراف رئيس إيران حسن روحانى بتأثير العقوبات الأمريكية على اقتصاد بلاده.. كما ستسهم إعادة فتح معبر عرعر الحدودى بين العراق والسعودية فى تقليص قيود احتكار التعاون الاقتصادى مع إيران.. فى هذا الإطار، يمثل الالتفاف العربى حول العراق خطوة اقتصادية فى الاتجاه الصحيح بعد كل المعاناة التى تكبدها العراق نتيجة سيطرة القوى الإقليمية سياسيًا واقتصاديًا وآمنيًا على الساحة المنهكة من الحروب.
هذه الحالة الإيجابية للانفتاح العربى على العراق لا يمكن قراءتها بمعزل عن قرار إدارة الرئيس الأمريكى ترامب بتصنيف الحرس الثورى الإيراني، بما فى ذلك فيلق القدس، كمنظمات إرهابية مؤكدة أن هذه الخطوة ستزيد من حجم الضغط الاقتصادى المفروض من واشنطن على إيران وتحميلها أعباء إضافية فى تمويل هذه القوات، بسبب «دعمها المتواصل للإرهاب».. علما بأن مهام هذه القوات منذ إعلان الخمينى تأسيسها هى تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول الأخرى عن طريق العمليات العسكرية. إيران بادرت بممارسة ضغوطها على العراق عبر حث المرشد الإيرانى خامنئى «ضمان خروج القوات الأمريكية من العراق بأسرع وقت، حيث إن طردهم يصبح صعبًا عندما يستمر وجودهم العسكرى فى أى بلد».. المرشد أيضا انتقد التقارب السعودى العراقى واصفًا إياه بأنه، لا يعكس حقيقة موقف الرياض».
حقائق التاريخ والسياسة تؤكد أنه إذا حضرت مصر والسعودية إلى العراق، حضر العرب.. وإن غابتا غاب الجميع.. هذا الواقع من المرجح أن يصبح له دور فاعل فى التخفيف من تداعيات قرار ترامب بكل التعقيدات التى سيضعها أمام العمل العسكرى والدبلوماسى لا سيما فى العراق، حيث ترتبط قوى سياسية بعلاقات «وطيدة» مع الحرس الثوري، الالتفاف العربى حول العراق، بالإضافة إلى كل الروابط المشتركة قد يصبح. إذا أحسنت إدارته، ورقة رابحة فى تبادل المصالح العربية الأمريكية المشتركة.. وهى اللغة الوحيدة التى يجيد سماعها الرئيس الأمريكى ترامب.