الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

بعد استقالة بوتفليقة.. "الإخوان" عينهم على الجزائر

بوتفليقة
بوتفليقة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما أشبه الليلة بالبارحة، فالأمس القريب كان يشهد تحركات شعبية حاشدة وربما غير مسبوقة، فى عدد من الدول العربية، وهى العاصفة التى سُميت بـ«الربيع العربي»، وبدأت باجتياح تونس، قبل أن تمر بمصر وليبيا واليمن، لتستقر فى سوريا بلا حل يشير إلى قرب هدوء زوبعتها هناك.
وفى كل مرة اشتدت فيها عاصفة «الربيع العربي»، كان لجماعات الإسلام السياسى تدخلاتها التى دمرت ليبيا واليمن وسوريا، وكادت أن تقضى على مصر، لولا تحرك الشعب فى ٣٠ يونيو ونجاحه فى إسقاط حكم «المرشد».
وتحولت التيارات الإسلامية السياسية، مع اندلاع احتجاجات واضطرابات الربيع العربي، فى عام ٢٠١١، إلى عوامل ضغط على أوطانها، من أجل تحقيق مكاسب بدت وقتها لهذه الفئة من أصحاب الفكر الأصولى المتشدد والراعى للإرهاب، فرصة مواتية للإجهاز على كل شيء، والفوز بحلم طال انتظاره، وهو السيطرة على الحكم فى المنطقة العربية، أو معظمها.
رياح الربيع الساخنة
وفى الأيام الماضية، وبالتحديد فى الـ٢٢ من فبراير الماضي، هبت رياح الربيع الساخنة على الجزائر، وخرج الجزائريون بأعداد هائلة، إلى الشوارع يطالبون الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بعدم الترشح لولاية خامسة، فى فترة حكمه الممتدة منذ ٢٠ عاما، والتى بدأت يوم ٢٧ من أبريل عام ١٩٩٩، حتى استجاب الرئيس وقرر الاستقالة، وبدأت مرحلة الاستعداد لإجراء انتخابات رئاسية خلال ٩٠ يومًا.
ووعت القوات المسلحة الجزائرية، هى الأخرى، درس الربيع العربي، مقررة الانحياز إلى المطلب الشعبي، لذا تجرى الأمور بسلام، نحو مرحلة انتقالية، يتشارك فيها الشعب مع جيشه بحثا عن مستقبل مستقر وأكثر إشراقا.
هذا الطرح قد يكون حالما أكثر من اللازم، إذا تم إغفال طرف مهم فى المعادلة الجزائرية، وهو التيار الإسلامي، الذى وإن كان من غير الممكن إنكار ما طرأ عليه من تغيير فى الجزائر، منذ بداية الألفية الجديدة، إلا أنه يبقى طامعا فى السلطة، الأمر الذى يطرح سؤالا مهما وهو: هل يمكن أن تخلو سيناريوهات الحكم فى الجزائر بعد بوتفليقة من الإسلاميين؟
أين يقف الإسلاميون؟
يعتمد نجاح المرحلة الانتقالية فى الجزائر، على إجابة هذا السؤال، التى ستحدد هل ما ستفضى إليه هذه المرحلة من سيناريوهات سيؤمن وصول قوى مؤمنة بالديمقراطية والتعددية إلى المكان الشاغر برحيل بوتفليقة؟ أم هناك احتمال إلى أن يقفز المتطرفون على كرسى الحكم؟ لتعيش الجزائر مرحلة سوداء جديدة، ربما تتجاوز فى تأثيرها العشرية السوداء التى عاشها الجزائريون فى نهاية القرن العشرين.
صحوة متأخرة
وأشار الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن أطماع الإسلاميين فى الحكم تبقى متأججة مهما كانت حالتهم السياسية ضعيفة، ومهما كانوا فاقدين للشعبية، مشيرا إلى أن ما يقلل من خطورة الإسلاميين فى الجزائر، هو أن الشعب لم ينس بعد جرائمهم الإرهابية، خاصة بعدما تجددت فى مصر، وليبيا، وسوريا، بشكل يؤكد أن العنف هو ديدن هذه التيارات مهما ادعت غير ذلك.
وقال «بدر الدين»، إن قادة التيار الإسلامى فى الجزائر، حاولوا اللحاق بالصحوة الشعبية، لكن بشكل متأخر، وبعد أكثر من شهر كامل على انطلاق الشعب مطالبا بوتفليقة بالرحيل.
وأضاف: «فى يوم ٢٤ مارس الماضى أصدر ٥ من قادة جبهة الإنقاذ، التى يقودها عباس مدني، المقيم حاليا فى قطر، بيانا أشادوا فيه بالحراك الشعبي، متخلين عن الخطاب المتشدد المعتاد من هذه الجبهة، وهو ما يمكن وصفه بالتراجع التكتيكي، الذى يؤكد رغبتهم فى دخول المعترك السياسى الجزائرى مجددا».
وأشار بدر الدين، إلى أن حركة «حمس»، التى تعد ممثل الإخوان فى الجزائر، لم تتخذ موقفا محددا كالعادة، وتأرجحت بين تأييد الخروج على بوتفليقة، وتحريم التظاهر ضد الحاكم، مضيفا: «وهذا موقف معتاد من الإخوان الذين يريدون تحقيق أفضل المكاسب بأقل جهد، وبلا خسائر».
ولفت بدر الدين إلى أن الجزائريين يدركون جيدا، كيف تآزرت هذه الحركة مع بوتفليقة وروجت إلى بقائه فى الحكم، وهو ما بدا واضحا فى رفض القوى الشعبية التى قادت التظاهرات المطالبة بالرحيل، أن تتعاون مع حركة «حمس»، بل ولم تشهد احتجاجات فبراير ومارس الحاشدة، أى مشاركة من الحركة، أو أى ترديد للهتافات المعتادة لها، أو حتى رفع لافتات تتعلق بها.
وأتمّ بدر الدين تصريحاته بالتأكيد على أن القوى السياسية فى الجزائر، تمتلك قدرا كبيرا من الوعي، بأهمية تلافى أخطاء «الربيع العربي»، والتعاون مع القوات المسلحة، التى انحازت للشعب، فى الخروج من المرحلة الانتقالية، نحو دولة مدنية عصرية، تخلو من حكم الفرد، وتخلو أيضا من سيطرة الفئة المتطرفة التى تفسد أكثر مما تصلح.
أما الدكتور طه علي، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، فحاول استشراف المستقبل، لوضع سيناريو واضح لموقف الإسلاميين من التحولات السياسية الجارية فى الجزائر، مشيرا إلى ملاحظة أساسية مهمة، هى أن من قاد الحراك الشعبى فى الجزائر خلال الأسابيع الماضية، كان مجموعة من القوى المتنوعة، غير المنظمة، التى تضم فى بنيانها الأساسى شبابا معترضا على الأوضاع الصعبة التى يعيشها.
وقال «علي»: «حينما يتم الاحتكام لأى انتخابات، فإن المرشح للفوز فيها، يكون القوى المنظمة والممولة فقط، كما حدث فى التجربة المصرية بنهاية عام ٢٠١٢».
وأضاف «علي»، أنه رغم الدور التاريخى الذى لعبه حزب جبهة التحرير، فى مسيرة استقلال الجزائر، فإنه تحول فى النهاية إلى حزب ممثل للسلطة، يعانى من الأمراض التى تعانى منها أحزاب السلطة فى المنطقة العربية، والعالم الثالث بشكل عام.
وألقى «علي» الضوء أيضا، على أن القوى الإسلامية الجزائرية، ليست بعيدة عن دروس «الربيع العربي»، وبالتأكيد استفادت هى الأخرى منها، لا سيما فى ظل قوى إقليمية ودولية مستعدة لدعمها بالمال والإعلام، حتى يكتمل امتداد الخط الإخوانى فى بلدان المغرب العربي.
وأكد «علي» على أنه رغم عدم وجود تحرك ملموس للقوى الإسلامية فى الحراك الشعبى الأخير ضد بوتفليقة، لكن يجب الانتباه إلى قدرتهم على الحشد عند التصويت سواء فى الاستحقاقات المتعلقة بالمرحلة الانتقالية، أو حتى عند اختيار الرئيس الجديد.