السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

محافظات

قريتي.. "الكرشيف" طراز معماري فريد يزين مباني "واحة الغروب"

شالى القديمة بوسط
شالى القديمة بوسط سيوة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تُعد العمارة أهم الجوانب الفنية للحضارات القديمة والحديثة، فهي تعبر عن وجدان الفنان وحسه المرهف، واختياره أنسب مواد البناء من البيئة المحلية التي تتناسب وطبيعة البلاد التضاريسية والمناخية، ولعل أبرز الأنماط المعمارية التي يشهد لها سكان الأرض بجمالها ودقتها المتناهية في تصميمها، هي العمارة المصرية القديمة التي ما زالت خالدة وشاهدة على إنجازات أجدادنا القدماء، الذين شقوا الجبال وجلبوا منها الصخور الأشد صلابة، وبنوا منها معابدهم ومقابرهم التي أبهرت العالم.
والعمارة المصرية القديمة بالرغم من تشابهها بصفة عامة في طريقة البناء، إلا أن هناك أنماطًا اختلفت بعض الشيء لتتناسب والبيئة الطبيعية في صحراء مصر الغربية بعيدًا عن ساحل البحر الأبيض المتوسط، باتجاه الجنوب الغربي ووصولًا للحدود الغربية للبلاد مع دولة ليبيا الشقيقة، حيث تغرب الشمس في آخر بقاع الأراضي المصرية، واحة سيوة، عروس الصحراء الغربية المصرية، التي يسكنها الأمازيع المصريين.
وفي سيوة اعتاد الأهالي على بناء منازلهم ومبانيهم العامة في المدينة بمادة الكرشيف، الذي تميزت به الواحة دون غيرها، وحافظت على طابعها المعماري والتراثي بالرغم من موجات الزحف العمراني، فمنذ العصر الفرعوني والعصور المتوالية كان السيويين يستخدمون الخامات المحلية، ومنها الصخور الجبلية، والطين، في بناء المعابد، كمعبد آمون، وقاعة تتويج الإسكندر الأكبر، وتلى ذلك استخدام مادة الكرشيف، وهى مزيج من الملح والطين يتم جلبها من البحيرات الملحية الأربعة، أو الأراضي قبل استصلاحها، وقد بنى السيويين بيوتهم بهذه المادة غير المعروفه خارج الواحه، وتتكون بالأساس من بلورات ملح.
وتضم سيوة أربع بحيرات ملحية رئيسية هي، بحيرة أغورمي شمال شرق الواحة وتبلغ مساحتها 960 فدانا، وبحيرة الزيتون بالجهة الشرقية وتبلغ مساحتها 5760 فدانا، وبحيرة سيوة غرب مدينة شالي وتبلغ مساحتها 3600 فدان، وبحيرة المراقي غرب الواحة بمنطقة بهي الدين وتبلغ مساحتها 700 فدان، ومن تلك البحيرات يجلب الأهالي الخامات التي تستخدم في صنع مادة الكرشيف.
وكان سبب اختيار السويين القدماء لمادة الكرشيف، لما تتميز به من خصائص تتناسب والبيئة المحيطة سواء كانت تضاريسية أو مناخية، أبرزها أنها تحافظ على درجة حرارة المبنى صيفًا وشتاءً، حيث ترتفع درجة الحرارة في جميع أنحاء الواحة صيفًا لأكثر من 40 درجة مئوية، فيعطى الكرشيف إحساسا بالبرودة، ويعمل على تقليل البرودة في الشتاء، حيث يعطى الاحساس بالدفء، وكأن الكرشيف مكيف ساخن وبارد من صنع الرحمن، استغله الأهالي في التكيف مع ظروف البيئة.
وبالرغم من مرور مئات السنين على استخدام السيويين لمادة الكرشيف في البناء، إلا أن أهالي الواحة مازالوا يستخدمونه في البناء ونحن في نهاية العقد الثانى من القرن الحادي والعشرون، مع تطور مواد البناء ومواد الطلاء، نجد الأهالي يفضلون خامات البيئة، وهناك العديد من المنتجعات السياحية قد بنيت بنفس النمط، وكذا بعض المنشآت الحكومية مثل فرع بنك القاهرة ومتحف البيت السيوي ومركز سيوه للتوثيق الحضاري والطبيعي والمبنى الإداري لمحمية سيوة الطبيعية.
وفي السياق نفسه، وجه اللواء مجدى الغرابلى محافظ مطروح، بالعمل على ظهور سيوة بالشكل اللائق بها حضاريًا وثقافيًا وتاريخيًا مع عمل التطويرات اللازمة، وتنفيذ بوابة جمالية لمدخل مدينة سيوة تحمل طابع الواحة المعماري باستخدام مادة الكرشيف والطفلة وجذوع النخيل وهى العناصر المعمارية البيئية بسيوة.
ونظرًا لأهمية الواحة ومبانيها الحضارية والأثرية، تم إطلاق مشروع لإحياء مدينة شالي القديمة، وبالفعل تم البدء في أعمال الترميم وإعادة تأهيل مركز رعاية الأمومة والطفولة بالمدينة الأثرية، وذلك في إطار خطة إعادة تأهيل 7 مبانٍ أثرية بحصن شالي، تضم مركز الأمومة والطفولة ومتحف الأرض و5 نماذج للعمارة السيوية، باستخدام مادة الكرشيف.