الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد إحراق رايات "داعش" السوداء.. سيناريوهات السقوط واحتمالات العودة.. ومخاوف من إنشاء تنظيم إرهابي جديد وسيطرة القاعدة بقيادة حمزة بن لادن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نُكست الرايات السوداء فى سوريا مع نهاية تنظيم داعش الإرهابى وخروج عناصره من آخر جيوب التنظيم، قبل أن تشن قوات سوريا الديمقراطية «قسد» المدعومة من الولايات الأمريكية معركة تحرير الباغوز.


ورغم إعلان سقوط التنظيم- الذى لايزال زعيمه البغدادى هاربًا- ما زلن نساء داعش المتزاحمات فى معسكرات الأكراد متشحات بالسواد الذى حملهن إياه التنظيم الإرهابى بما مارسن من معتقداته وأفكاره أيضًا.
وفى ظل مخاوف الدول وخاصة الأوروبية من مواطنيها الدواعش، الذين سافروا إلى سوريا للقتال تحت راية الإرهاب الغاشم أو حتى للزواج من عناصره، يظل تهديد الإرهاب العالمى ساريًا، فى ظل تساؤلات حول من يخلف دولة داعش المزعومة.
فيما يحمل المستقبل عدة سيناريوهات، أبرزها أن تعود القوة إلى تنظيم القاعدة الذى يحاول خلق زعيم جديد بظهور حمزة بن لادن، نجل مؤسس القاعدة أسامة بن لادن.
يقول «جيمس جاى كارافانو» الخبير فى تحديات الأمن القومى والسياسة الخارجية، ونائب رئيس مؤسسة التراث لدراسات السياسة الخارجية والدفاع، إن الإرهابيين عند هزيمتهم يكون لديهم دافع للانتقام.
وأوضح أنه بعد أن طردت القوات المُتحالفة معها القاعدة من أفغانستان، سعى الإرهابيون إلى إيجاد وسيلة لاستعادة مكانتهم، وقد دفعهم ذلك إلى إثارة التمرد السنى فى العراق، وعندما تم سحق القاعدة فى العراق، بحث الإرهابيون عن فرصة أخرى تحول ذلك إلى انتفاضة داعش فى العراق وسوريا.
وأضاف «كارافانو» فى مقال فى صحيفة «ذا ديلى سيجنال» بعنوان «خلافة داعش المنهارة ستعود»: «إن داعش استخدم دعاية واضحة لجميع الذين شاركوا فى الإيديولوجيا الراديكالية- وهو التحدى المُباشر للعالم العربى والغرب و«الشيطان الأكبر» (الولايات المتحدة) على وجه الخصوص»؛ مشيرًا إلى «أن هذه الدعوة كانت أيضًا فعالة بشكل مُثير للقلق؛ حيث استجاب عشرات الآلاف من المُقاتلين الأجانب للدعوة، يتدفقون للانضمام إلى صفوف داعش، كما أطلق التنظيم الإرهابى حملةً إعلاميةً عالميةً شجعت التطرف وألهمت الهجمات الإرهابية فى جميع أنحاء العالم، من شمال أفريقيا إلى أوروبا إلى الولايات المتحدة وأستراليا».
مؤكدًا أن: «الهزيمة الجسدية والاستئصال الجغرافى للخلافة هو إذلال للمتطرفين إنها مهمة مثل النصر العسكرى فى ساحة المعركة»؛ لافتًا النظر إلى أن: «الإرهابيين لن يذهبوا بهدوء إلى الليل، فعندما طُرد بن لادن من أفريقيا، فر إلى أفغانستان. كان هناك خطط لهجمات ١١ سبتمبر ٢٠٠١ الإرهابية ضد الولايات المتحدة».
وبيّن الخبير فى تحديات الأمن القومى والسياسة الخارجية: «الآن وقد تم إنهاء خلافة داعش، سيبحث البقايا مرة أخرى عن طريقة لاستعادة مكانتهم. بالنسبة لهم، يعنى ذلك إظهار أن لديهم القدرة على ذبح واستعباد الأبرياء من جميع العقائد والأديان والألوان، سوف تشتعل الشرر ومحاولة الغضب مرة أخرى السؤال الوحيد هو: إلى أين يذهب الإرهابيون بعد ذلك؟».

عودة الراية للقاعدة
توقع عدد من التقارير الأمنية والاستخباراتية، أن تزداد قوة تنظيم القاعدة مع تراجع تنظيم داعش، فى وقت ربما يلجأ فيه المقاتلون الهاربون من داعش إلى الدخول فى كنف القاعدة التى تحاول كسب أرض انتزعها منها التنظيم الإرهابى المهزوم. وفى السياق ذاته، يقول الخبير السياسى «كولين بى كلارك»: «إن عملية تسليم راية الإرهاب حدثت بين تنظيمى «القاعدة» و«داعش»، وإن كانت دون اتفاق بين الطرفين، فحين أسس أبوبكر البغدادى الذى كان قائد تنظيم القاعدة فى العراق، ووحد فرع التنظيم مع ما يُسمى جبهة نصرة أهل الشام فى سوريا مُعلنًا عن تنظيم داعش، جاء هذا التنظيم بديلًا لتنظيم القاعدة الأم».
كما يؤكد «كارافانو» أيضًا على: «أنه رغم هزيمة داعش، لا تزال دولة سوريا بعيدة عن الاستقرار، وأن الفوضى هناك تعد بيئة ترحيب للإرهاب، وبينما تم إحراز تقدم ملحوظ فى العراق، لا يزال الصراع الطائفى قائمًا»، مُشيرًا إلى أنه لا يمكن تجاهل أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب فى العالم؛ حيث قدمت طهران أماكن لتنظيم القاعدة من قبل، ما يعنى أن نظام الملالى قد يساعد المتطرفين السُنة مرة أخرى، إذا كان ذلك يساعد فى إثارة المتاعب للآخرين.


فروع التنظيم 
تتفشى بقايا داعش والقاعدة وأمثالهما حول الشرق الأوسط وما وراءه، وليس هناك نقص فى الأماكن التى يمكن أن يجدوا فيها الملاذ والتعافى وإعادة التجمع والارتقاء مرة أخرى.
وفى ذلك يقول «كارافانو»: «إن دول شمال أفريقيا مثل ليبيا وتونس لديها سببٌ وجيه للقلق بشأن أن تكون فى المرتبة التالية على قائمة المتطرفين، وأكثر الإرهابيين عاطفية ربما يميلون للعودة إلى أفغانستان، وتحويلها إلى ساحة قتل يسيطر عليها الإرهاب مرة أخرى».
وعلى ذات الأرضية كتب «كولين بى كلارك» الخبير السياسى فى مؤسسة راند، فى مقال نُشر فى مجلة ناشيونال إنترست المجلة الأمريكية نصف الشهرية، فى أكتوبر الماضي، بعنوان «كيف وأين يمكن أن ترتفع جماعة إرهابية أخرى لملء الفراغ الذى تركه داعش؟»، مُتحدثُا حول ما إذا كان فرع داعش فى ليبيا، هو أبرز المرشحين لخلافة التنظيم الإرهابى المهزوم، على غرار تمكن تنظيم القاعدة من حفر اسمها عن طريق فرعها فى شبه الجزيرة العربية.
ويؤكد «كلارك»، الذى أجرى دراسات حول تمويل داعش، ومستقبل الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، أنه مع خراب مشروع الخلافة فى «داعش»، يمكن أن ينمو أحد الفروع التابعة له ليصبح أكثر فتكًا وقدرة على العمل من التنظيم الأساسى خلال ذروته فى عام ٢٠١٥، ومع وجود مجموعات امتياز داعش وفروعها فى جميع أنحاء العالم، لا يوجد نقص فى المتنافسين يحل محل داعش كأخطر مجموعة إرهابية فى العالم؛ حيث يرى أن هناك العديد من العوامل التى تؤجج ظهور فرعٍ جديدٍ لداعش، بما فى ذلك الضعف النسبى لقوات الأمن فى المنطقة التى يعمل فيها الإرهابيون، لذا يصعب تمييز أى جهة فرعية يمكن أن تصبح التهديد الرئيسى التالي.
يضيف الخبير السياسى فى مؤسسة راند: «أنه بالإضافة إلى ذلك يتطلب قياس التهديد فهمًا حقيقيًّا لقدرات الفروع التابعة لداعش، ودرجة توفر الملاذ الآمن، والسهولة النسبية التى يمكن بها للمجموعة تجديد مواردها».
وعلى صعيد متصل، يقول «دانيال بيمان»، أستاذ الأمن القومى بجامعة جورجتاون، وكبير زملاء معهد بروكنجز: «إن ﻟﯾﺑﯾﺎ قد تكون اﻟﻣﻼذ اﻷكثر ﺧطورة لتنظيم داعش، فى اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻘرﯾب، فالمنطقة مغمورة بالأسلحة، وهى بمثابة نقطة محورية ومفترق طرق للجهاديين من جميع الأطياف، وتقع على بعد ٢٠٠ كيلومتر عبر البحر الأبيض المتوسط من أوروبا». ورغم أن عدد المقاتلين المرتبطين بـ«داعش» فى ليبيا يُعتقد أنهم بالمئات، فإن الفرع الليبى مرتبط بعمليتين خارجيتين رئيسيتين، ونجح فى حصر الهجمات على الأراضى الأوروبية، بما فى ذلك هجوم سوق عيد الميلاد فى برلين فى أواخر عام ٢٠١٦، والقصف المميت الذى وقع فى مانشستر فى عام ٢٠١٧، كما أطلقت المجموعة هجمات إقليمية مدمرة فى باردو وسوسة بتونس.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن تنظيم داعش يحتفظ بكيانات متخصصة فى ليبيا، بما فى ذلك ما يُسمى «لواء الصحراء» و«مكتب الحدود والهجرة»، المسؤول عن العمليات الخارجية واللوجستيات والتوظيف، بحسب «بيمان».