الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أحداث نيوزيلندا والإسلاموفوبيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المجزرة التى ارتكبها مواطن أسترالى وراح ضحيتها ٥٠ شخصا وعشرات المصابين وهم يؤدون صلاة الجمعة، فى مسجدين بمنطقة كريست شرش (أى كنيسة المسيح)، فى نيوزيلندا، ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فى سلسلة الكراهية والبغضاء للمسلمين، والمعروفة باسم إسلاموفوبيا خاصة فى أمريكا وأوروبا وأستراليا. وقبل الدخول فى عرض الإسلاموفوبيا، فإنه يجب الإشادة بموقف رئيسة وزراء نيوزيلندا، السيدة جاسيندا أرديرن، والتى تعاملت بمسئولية وذكاء شديدين مع الأزمة، فقد ذهبت إلى الضحايا وأسرهم فى بيوتهم وفى المساجد مرتدية الحجاب الذى ترتديه المرأة المسلمة، وتحدثت إليهم بلغتهم وبلغة القرآن، واحتضنتهم واتخذت إجراءات فورية بمنع الأسلحة الأوتوماتيكية والنصف أوتماتيكية والتى استخدمها الجانى فى جريمته. وتجاهلت عن عمد ذكر اسم الجاني، لكى لايصبح بطلا فى عيون البعض، ولقد استحقت الإشادة والتقدير والاحترام فى بلادها وفى جميع دول العالم. أما الإسلاموفوبيا فهى الخوف والكراهية الموجهة ضد الإسلام، والتحامل والتمييز ضد المسلمين، وقد ظهر المصطلح فى اللغة الإنجليزية لأول مرة سنة ١٩٢٣ حسب قاموس أكسفورد، ولكن أصبح متداولا فى الحياة اليومية بعدما قام وزير الداخلية البريطانى جاك سترو بنشر تقرير رونيميدى ترست، والذى ترأسه أكاديمى وباحث إنجليزى سنة ١٩٩٧، لدراسة ظاهرة العداء للمسلمين فى المجتمعات الغربية، وانتهى التقرير إلى أن الخوف والكراهية الموجهة ضد المسلمين لا أساس لها وأن التمييز ضد المسلمين يضر بالجميع. إلا أن المصطلح قد تم استغلاله ضد الإسلام والمسلمين على نطاق واسع بعد أحداث ١١ سبتمبر سنة ٢٠٠١، عندما قام مجموعة من الشباب من الدول الإسلامية، باختطاف الطائرات وتفجيرها فى برجى التجارة العالمية فى نيويورك ومبنى البنتاجون فى واشنطن، وما تبع ذلك من غزو العراق وأفغانستان، ثم تلى ذلك الهجمات الإرهابية التى ارتكبتها القاعدة وداعش وغيرها من المنطمات الإرهابية التى تستخدم اسم الدين الإسلامي، ضد المدنيين فى أوروبا وأمريكا، مما خلق صورة نمطية للمسلمين فى ذهن المواطن الغربي، وهى أن الإسلام يحض على العنف، وأن المسلمين لايمكن أن يتم دمجهم فى المجتمعات الأوروبية والأمريكتين، لأنهم أعداء لهذه المجتمعات المسيحية. والحقيقة أن الإسلام كديانة سمحة تدعو إلى التعايش والسلام والمحبة بين البشر، قد ظلم من بعض المنتمين إليه، وكذلك من بعض أعدائه خاصة من بعض الأحزاب اليمينية المتشددة والمناهضة للهجرة وخاصة هجرة المسلمين إلى دول الغرب المسيحي، ومن بعض الجماعات الصهيونية والتى خططت بمكر شديد لكى يحل معاداة المسلمين محل معاداة السامية، وأن يحل العدو الأخضر (الإسلام)، محل العدو الأحمر (الاتحاد السوفيتي)، فى صراع أو صدام الحضارات. وبداية يجب أن نعترف بأن نشأة دولة إسرائيل سنة ١٩٤٨، وزرعها داخل الوطن العربي، واحتلالها للأراضى العربية، وقيامها بكل أنواع الاضطهاد والعنف ضد العرب، قد كان وما زال هو الدافع الأساسى للجماعات الإسلامية الجهادية لاتخاذ العنف سبيلا، وأصبحت الإسلاموفوبيا كلمة متداولة وبشكل يومى فى تلك المجتمعات، وما ترتب عليها من كراهية وتحيز وعنصرية ضد الإسلام والمسلمين. وإذا كان لأعداء الإسلام دور فى ظهور كلمة إسلاموفوبيا، فإن لبعض المسلمين المتشددين دور هام فى تعميق العداوة للإسلام. ومنذ قيام ثورة الخومينى فى إيران سنة ١٩٧٩، واشتعال الخلافات بين المسلمين السنة والشيعة من جهة، وبين المسلمين وغير المسلمين من جهة أخري، والتفحيرات التى تقع فى المساجد والكنائس فى كل من العراق وباكستان وأفغانستان ونيجيريا وغيرها، وآخرها المجزرة التى شهدتها قرية الروضة التابعة لمركز بئر العبد بشمال سيناء، بعدما اعتدى نحو 30 إرهابيا على المصلين أثناء أدائهم صلاة الجمعة، مما أسفر عن استشهاد 311 شهيدًا، بينهم 27 طفلا، وعدد من كبار السن، تجاوز عددهم الستين، و112 مصابا، وهى الحادثة المروعة التى هزت مصر والمصريين وكل دول العالم، وساعدت على تعميق الإسلاموفوبيا. وإذا كان العالم قد وقف متفرجا طويلا بل وشامتا أحيانا، فى سلوك الجماعات الإرهابية فى معظم بلدان العالم الإسلامي، فإنه قد تيقن من خطورة الإرهاب عند وقوع عمليات إرهابية ضد الأبرياء فى أوربا وأمريكا، وفى كلتا الحالتين فقد تعمقت الصورة النمطية للمسلمين فى أذهان المواطن الغربي، بأنه إرهابى وكاره للحضارة الغربية، ولذا فلا بد أن تحارب الدول الإسلاميه بنفسها الإرهاب الذى يمارسه البعض باسم الدين، وهو ما تقوم به مصر منذ سنوات.