الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت "68".. كابتن كيمبس وعثمان والموتوسيكل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صديقي هذا الذي ذكرني به كابتن «كيمبس» اقتطع من عمري 10 سنوات كنا فيهما ليلا ونهارا معا، كنا نمل من الضحك على أي شيء.. وعلى كل شيء، فالحياة نفسها كانت تسوق لنا النكات والقفشات، وحينما كنا نعبأ أرواحنا من السعادة كنا نجوب القرية ونقذف في النوافذ المفتوحة ما تبقى معنا فالفرح كما كانت تقول جدتي «لو بات يحمض».
كابتن «كيمبس» الذي دخل على مكتبي ليس هو اللاعب الأرجنتيني الشهير، الملقب بـ«الماتادور» ولكنه لاعب آخر من «العجوزة» في نفس عمر الأرجنتيني، الفرق بينهما أن الأول كان هدافا والأخير لم يحرز ولا هدفا في الحياة، بعد وصلة من التعليقات والتواريخ وأسماء اللاعبين كان طلب كابتن «كيمبس العجوزة» «ثلاجة حتى لا يحمض الطبيخ».
كان كابتن «كيمبس» يواصل حديثه بينما كان عقلي ينزل مسرعا من الجريدة ويقطع المسافة إلى قريتي يجمع منها كل المشاهد التي ضحكنا فيها أنا وعثمان خلال العشر سنوات، بين عرض «الكابتن كيمبس»، كانت هناك فواصل منه: «معايا يا أستاذ»، أُجيب: معاك.. وفي الواقع أنا كنت أنتظر أن يعود «عقلي» من القرية ومعه ما جمع من مشاهد لأواصل دوري في الحكي واستدعي ما كان من ضحكات.
الآن عاد «عقلي».. كثيرة هي المشاهد، على عٌجالة «فررتها روحي».. ذلك كان حينما أرسلت «عثمان» بخطاب لحبيبتي، وهذا حينما ذهبت إليه فوجدته يهددهم في «داره» بالانتحار إن لم يزوجوه وكان قد سكب الكيروسين على رأسه ومن حوله ثقاب الكبريت منطفئة، فذهبت وأحضرت له «ولاعة» فانفجرنا ضحكا، وتلك الضحكة كانت حينما علق في إحدى «مباريات دورة مركز الشباب»، وفجأة قطع التعليق وأصبح ينادي: «في إيه يا سعيد.. الحقوا سعيد»، انفجرت أمام كابتن «كيمبس» ضحكا وأنا أتذكر صديقنا سعيد الذي كان يتزحلق على «قائم الجون» فاصطاد «خطاف الشبكة» مؤخرته، كان يجري كـ«الملسوع» ويصرخ «أه يا..» ونحن نتبع نقاط الدم ولا نعرف من أين تأتي، الكابتن «كيمبس» تعجب من ضحكاتي وله عذره لأنه لم يكن معنا في ذلك المشهد، لكن الغريبة أنه انفجر هو الآخر في الضحك.
وبينما أٌقلب أنا في تلك المشاهد اكتشفت صحة نظرية جدتي فالكثير من الفرح بات و«حمض» تحول لمشاهد حزن.
استوقفني مشهد «موتوسيكلنا» الذي شاخ ومازال طوعا لشقيقي «مجدي»، كان والدي رحمة الله عليه قبل سنوات طويلة اشترى هذا «الموتوسيكل»، وكان حينها أعجوبة، فقد كنا نتبادل عليه نحن الثلاثة أب وأنا ومجدي هربا من «مواصلة القرية إلى المدينة»، من يعود أولا عليه أن يعاود الرحلة مرتين ليحضر من لم يأت، كان «عثمان لا يفارقني»، لذا كنت آخذه معي لنحضر شقيقي «مجدي» من المدينة التي تبعد عنا بـ7 كيلو مترات، كنا نضحك وكأننا في نزهة، ذات مرة قابلنا والدي وكان يعاملني كصديق له فإذ به غاضبا يقول: «الموتوسيكل ده أنا جايبه لك ولأخوك بيشيل اتنين بس بتركبوا عثمان ليه؟»، ضحكت وظننته يضحك لكنه أصر على الأمر، فكنا قبل البيت بمسافة نٌنزل «عثمان» يجري بجوارنا ليراه أبي فيضحك ونضحك.
المحزن في الأمر أنه في هذا المشهد لم يعد إلا أنا والموتوسيكل، فأبي رحل وعثمان رحلت عنه روحه الفكاهية فغاب تجمعنا، ومجدي عصرته هنا الحياة ولم تعد «صحة الموتوسيكل» تساعده على التنقل فقرر السفر للخارج.
حكيت للكابتن «كيمبس» ذلك فقال لي يا أستاذ: «لو مش هتعرف تجيب التلاجة.. هات الموتوسيكل».