الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خلافة "داعش" الرقمية.. "ثوب من هواء" لا يستر الهزيمة.. المنصات الإلكترونية للتنظيم الإرهابي تفقد عرشها.. "فيسبوك" و"تويتر" يحذفان الدعاية الخاصة بداعش.. والإرهابيون يستخدمون "الإنترنت المظلم"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى أوج سيطرته على مساحات شاسعة من العراق وسوريا فى ٢٠١٤ و٢٠١٥، كان لدى تنظيم داعش الإرهابى حضور قوى وضخم على الإنترنت من خلال عدة منصات إلكترونية تروج لأفكاره وممارساته الدموية، ناشرة بيانات وصورًا ومقاطع فيديو للعمليات الوحشية التى ينفذها عناصر التنظيم ضد من يسميهم الإرهاب الأعمى كفارًا، وبعد الهزيمة التى تلقاها التنظيم الإرهابى أصبحت آلة الدعاية القديمة وسيلة لندب ما قد أصبح بعد الهزيمة ركامًا وأطلالًا.

فيما صار التنظيم الإرهابى يستخدم «الإنترنت المظلم» أو «الدارك ويب»، وهو جزء مشفر بشدة من الشبكة العنكبوتية تستحيل مراقبته، بالإضافة إلى تيليجرام، التطبيق المعنى بخدمة المراسلة المشفرة، لحث وتشجيع المؤيدين له حول العالم على شن هجمات فيما يعرف بهجمات «الذئاب المنفردة».
أتى فى ورقة بحثية صدرت فى نوفمبر الماضى، من قبل مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مؤسسة فكرية مقرها العاصمة الأمريكية واشنطن، أن تنظيم داعش يرغب فى الاحتفاظ بـ«خلافة رقمية» لدعم وجوده الواهى وجذب داعمين جدد فى بلدان أخرى بعيدًا عن العراق وسوريا.
فيما يقول محللون إن التنظيم الإرهابى، ربما فقد خلافته المزعومة التى نصبها لنفسه على الأراضى التى اغتصبها فى سوريا والعراق، لكن مشاهد القتل الهجمية التى كان يبثها التنظيم فى مقاطع الفيديو الدعائية له على الإنترنت ربما ستظل عالقة فى أذهان الكثيرين كنموذج لزراعة الرعب فى النفوس.
فصورة الجندى السورى الذى سحقته دبابة يقودها داعشى، وما تم من حرق معاذ الكساسبة، الطيار الأردنى حيًا فى قفص، بمصاحبة عدد لا يحصى من فظائع داعش، بما فى ذلك عمليات قطع رئوس لمراسلين غربيين وعمال إغاثة، ستبقى زمنًا فى ذاكرة الكثيرين، ويرى «تشارلى وينتر»، أحد كبار الباحثين فى المركز الدولى لدراسة التطرف بكلية كينجز كوليدج لندن، إن شأن تنظيم داعش يقارب شأن تنظيم القاعدة الذى استمر فى حضوره فى الأذهان بعد مقتل زعيمه أسامة بن لادن عام ٢٠١١.

لم يكن التنظيم الإرهابى أول من استخدم سفك الدماء كأداة دعائية، إذ قام تنظيم القاعدة بنشر مقطع فيديو لقطع رأس الصحفى الأمريكى، دانيال بيرل فى مدينة كراتشى الباكستانية عام ٢٠٠٢، غير أن تنظيم داعش تميز بمقاطع الفيديو المنتجة على الطريقة الهوليوودية واستخدام مواقع التواصل الاجتماعى سواء فيسبوك أو تويتر أو يوتيوب أو تيليجرام. 
وفى مقال نشر الثلاثاء الماضى فى صحيفة لوموند الفرنسية، قال وينتر إن تنظيم داعش استثمر الكثير من الوقت والمال والكثير من الطاقة لعناصره التى عملت على إنتاج هذه المواد الدعائية أكثر بكثير مما كانت عليه الجماعات الإرهابية الأخرى التى سبقته، ليكون بذلك أحد الأوائل من حيث الارتقاء وتحسين عملية إنتاج المحتوى الدعائى للترويج لممارساته الدموية التى ربما لم يعد لها أثرًا ماديًا.
فالتنظيم الإرهابى استخدم ببراعة مواقع التواصل الاجتماعى لتوطيد عملية تطرف الآلاف من الشباب المسلم المحروم من حقوقه، عبر الترويج لكونه الطرف الذى لا يقهر فى ساحة المعركة على عكس من يحاربونه، وكان يتم نشر المحتوى الترويجى لداعش على أوسام (هاشتاجات) رائجة على وسائل التواصل الاجتماعى، ومنها كأس العالم ٢٠١٤ فى البرازيل. وبينما سيطرت مقاطع الفيديو الدموية على عناوين الصحف حول العالم، كان تنظيم داعش يبث مقاطع فيديو أخرى تظهر الحياة اليومية للناس فيما يزعم بأنها أرض الخلافة، جاعلًا من مقاطع الفيديو هذه آداة جذب للمزيد من المؤيدين؛ إذ يهدف التنظيم الإرهابى إلى عرض صورة مثالية للحياة فى مناطق يسكنها جنون الإرهاب. 
كان الدواعش الأوروبيون فى طليعة حملة التنظيم الدعائية، فقد قام العديد منهم بالتقاط صور لأنفسهم حاملين بنادق هجومية على صدورهم، مثل جنيد حسين، الشاب البريطانى ترك بلاده وسافر إلى العراق، حيث قتل فى غارة جوية أمريكية.

وقال رافايلو بانتوتشى، مدير دراسات الأمن الدولى فى المعهد الملكى للخدمات المتحدة، وهو مؤسسة أبحاث مقرها لندن، فى مقال له إن من كان يشرف على إدارة القسم الدعائى لتنظيم داعش، شبابًا فى العشرينيات من عمرهم، تم جذبهم لاعتناق أفكار الجماعات الإرهابية قبل تركهم لأوطانهم والسفر لسوريا والعراق، حيث المركز الرئيسى لتنظيم داعش. 
ويرى بانتوتشى أن هذا الحضور على وسائل التواصل الاجتماعى، جعل الآلة الدعائية لتنظيم داعش هدفًا رئيسيًّا لوكالات الاستخبارات الدولية، وفى أغسطس عام ٢٠١٦ قتلت غارة جوية أمريكية أبومحمد العدنانى الناطق باسم تنظيم داعش فى شمال سوريا، ودمرت غارة أخرى المركز الإعلامى للتنظيم فى مدينة الموصل العراقية. 
وتحت ضغط من الحكومات الغربية، بدأ كل من فيسبوك وتويتر حذف الدعاية الخاصة بداعش من على منصاتهم، وأنشئت مرشحات للمحتوى العنيف ما حجب التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها داعش من الترويج لأفكارهم بالأريحية التى كانت موجودة فى الماضى، فالآن يعانى كل من يحاول نشر محتوى عنيف من عقبات تمنع نشره على وسائل التواصل الاجتماعى، لكن لم تنجح الشركات التكنولوجية فى منعه كليًا.