الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البطريرك ميشيل صباح يكتب: يسوع يسأل رسله من يقول الناس إني هو؟

ميشيل صباح
ميشيل صباح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحادثة الأولى، قبل التجلي بثمانية أيام، معجزة تكثير الخبز. في تأملنا هذا نرى في هذه الحادثة أمرين: الأول، أن يسوع يتنبّه للناس من حوله ولحاجاتهم. هو كلمة الله، ابن الله الحي، ولكنه جاء إلى الأرض، ليرحم الناس، ويهتم لكل أحوالهم. رأى يسوع الجموع تتبعه في مكان قفر، لا طعام فيه ولا طعام معهم. فاهتم لهم. لم يتركهم للجوع. فصنع المعجزة. كان مع أحدهم خمسة أرغفة وسمكتان. فباركها يسوع، وبها أشبع الجموع.
الأمر الثاني، الذي نراه في هذه الحادثة هو: من يعلِّم مثل يسوع المسيح، من يسير في الطريق الذي سار فيها، يقتدي بيسوع المسيح، فيهتم هو أيضا لهموم الناس. يضيف إلى همومه هموم غيره. المؤمن بيسوع المسيح، إن كان معلِّمًا أو مصلِّيًا، ينزل من علياء تعليمه ومن صلاته، وينظر إلى الناس، إلى واقعهم اليومي، ويرافقهم في همومهم، ليحملها معهم.
وكذلك الجماعة المسيحية كلها، كجماعة، إن كان إيمانها صحيحًا بيسوع المسيح، فإنها تقتدي هي ايضًا به، فيحمل كل واحد فيها هم أخيه أو أخته، مدفوعًا بمحبة المسيح الشاملة لا بروح الطائفية العازلة. كل مؤمن بيسوع المسيح مثل يسوع المسيح يهتم لهموم كل إنسان، وليس فقط لهموم جماعته.
قبل أن يصنع المعجزة، وعلى السؤال من أحد رسله "من أين نبتاع لهم خبزا في هذا القفر؟"، أجاب يسوع: "أعطوهم أنتم ما يأكلون". أي إن كنت تلميذًا ليسوع المسيح فلا تتنصل من أعمال الرحمة. لا تقل: أين نجد خبزًا؟ أين نجد عدلًا؟ أنت مسؤول عن إخوتك، عن كل جائع أو عطشان، أو مظلوم. مهما كان الظرف، ولو كنت في القفر، أو ما يشبه القفر حيث تغيب الإمكانات أحيانا. لا تسأل: من أين وكيف؟ لأنك، عندما تهتم لأخيك، الله يعمل معك، وهو يعرف من أين وكيف تساعد أخاك. ثم، لا تسأل أحدًا من هو؟ لأنه من المفروض أن تعرف أنه إنسان وخليقة الله. فتهتمّ له.
الحادثة الثانية المرتبطة بالتجلي: يسوع يسأل رسله من يقول الناس إني هو؟
أجابه الرسل كل ما يقول الناس عنه: يقول البعض إنك إيليا، والبعض إنك يوحنا المعمدان، أو نبي عظيم. ثم وجَّه يسوع السؤال إلى الرسل مباشرة، قال لهم: وأنتم ماذا تقولون إني هو؟ فأجابه بطرس: أنت المسيح ابن الله الحي. فقال له يسوع: لم تبلغ هذه المعرفة بفضل علم إنسان، بل أبي الذي في السماوات، هو الذي كشف لك ذلك. (لوقا 9: 18-20؛ متى 16: 13- 20؛ مرقس 8: 27-30).
بذلك بلغ يسوع برسله مرحلة جديدة في تعليمهم. عرفوه هم أيضًا، مثل الجموع التي كانت تتبع يسوع، أنه رجل عظيم، ومعلم حكيم، وأن الله يؤيده بصنع المعجزات. وعرفوه أيضا "المسيح" المنتظر، بحسب مفهوم أهل زمانهم. ولكنهم لم يعرفوه "ابن الله الحي"، كلمة الله الأزلي.
كان يوحنا المعمدان قد أعدَّ الناس لمعرفة يسوع المسيح، قال لهم: سيأتي بعدي من هو أكبر مني. أنا أعمد بالماء أما هو فيعمدكم بالروح والنار... (لوقا 3: 16؛ متى 3: 1...؛ مرقس 1: 1...). ولكن ذلك كله لم يكن مثل اعتراف بطرس، أنه المسيح ابن الله الحي.
في حادثة التجلي على الجبل، سيثبت يسوع للرسل حقيقته الإلهية. وبعد ذلك، سيبدأ بالكشف لهم عن حقيقة رسالته، وآلامه وموته وقيامته.