الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جميلة.. وغبية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم أكن أعتقد أن مقولة: «لا يمكن للجمال أن يجتمع مع الحكمة» قد يكون صحيحًا، إذ إننى اعتقدت أن بإمكان الجميلات دائمًا أن يكنّ ذكيات أو مثقفات بطبيعة الحال. 
كان اعتقادى ذلك نابع فى غالب الأمر من جهلى المدقع بمعايير الجمال الحقيقية التى يتبناها العالم، ومن ثمّ يصفون بها الجميلات لا غيرهن. الجمال من وجهة نظر الذكور بمعنى أصح، ذلك الجمال الجنسى البحت. وعرفت بل وآمنت بأن من المستحيل أن يجتمع هذا الجمال مع أى نوع من أنواع العقل سواء نبوغ فى مجال ما أو كلمات حكيمة فى مواقف مضطربة أو حتى ثقافة عامة أو أى اهتمام حقيقى بالفنون وأعمال العقل.
يظهر على السطح فى ذلك الزمان العجيب، إناثٌ ينتمين «من المفترض» إلى عالم الثقافة، بل أتت شهرتهن «ظاهريًا» من مجالاتٍ ثقافية مثل الكتابة. بينما فى حقيقة الأمر لم تكن الشهرة الحقيقية نابعة من مكان آخر غير مظهرهن الجنسى الفجّ. تلك الأنثى المتفجرة أنوثة فى مجتمع ذكورى علاقته بالثقافة لا تتعدى اتهام نجيب محفوظ بالكُفر وعباس العقاد بالعبقرية. 
ما فطنت إليه ومن جانب أنثوى رأت كثيرًا ورفضت الانصياع لتلك الصورة الهزلية عن الأنثى للفت أنظار العالم إلّى أن هناك سببًا منطقيًا أساسيًا وقد يكون الوحيد فى حقيقة استحالة اجتماع العقل مع الجسد، الأنوثة المبتذلة «الملفتة للأنظار» مع الذكاء، أو بمعنى أبسط الجمال مع الحكمة. ذلك السبب هو أن أى أنثى، تعتقد أنّ من أهم المهام التى عليها القيام بها فى هذا العالم هو أن تتأجج النيران فى سراويل الرجال حين رؤيتها، وبأنها بذلك أنثى كاملة، وبالطبع يساعدها على ذلك الاعتقاد كلمات الإطراء التى تتلقاها من كل حدب وصوب، فيتابعها الملايين على كونها «كاتبة» بينما هو لا ينظر إلى ذلك بشكل مختلف عن متابعته لراقصة يحبها أو ممثلة إباحية يفضلها، هو أن ذلك المظهر الذى تعتمد عليه هذه الشخصية يتطلب الكثير والكثير من الوقت والمجهود والتفكير والتنظيم والترتيب وكل طاقة يحتاج إليها الإنسان لقضاء مهمة قيّمة فى الحياة.
لا يدرك الرجال كيف يمكن للمرأة أن تكون بذلك المظهر الأخاذ الذى يجعله يشعر وكأنه لم يعرف فى حياته أنثى قط. لو أننى شخصيًا استسلمت لما حولى من الضغوط الاجتماعية لأبدو أفضل «فقط ولست خارقة» لم أكن لأملك وقتًا للتفكير بأى شىء آخر غير ماذا سأرتدى فوق ماذا، كيف سأنظم مصاريفى حتى أبتاع كل الملابس التى لم أعد أدخل على الإنترنت سوى لمشاهدتها والاختيار منها. كيف سأهتم بشعرى بعد عدة تغييرات فى ألوانه وتعرضه للسخونة مرة على الأقل أسبوعيا لسنين، وكيف سأدخر عشرة آلاف لشراء شعر إضافى له ليكمل المظهر. ذلك غير الخضوع للعمليات «المؤلمة» التى تصحح كل ما أراه خطأً فى المرآة.. تركت كل ذلك للكثيرات من حولى لأؤمن بأن كل شىء قد يبدو مختلفا عن تلك الصورة النمطية للجمال هو فى حد ذاته جوهر جمالى وبأن من أبغض الأشياء التى تبنتها النساء هو عدم اكتراثهن لكونهن جميعًا متشابهات، نفس الملابس، نفس الشعر، نفس الأسنان، نفس العيون. وهن بذلك قد خسرن نفسهن كبشر إلى الأبد.

لا أدرى كيف للرجال أن يتوقعوا أن من الممكن على النساء أن تكون شهيّة وذكية فى آن واحد عندما تأخذ منها مهمة الظهور بهذا الشكل كل ما تمتلك من وقت وطاقة ومال؟ ولا أدرى كذلك لماذا قد تحاول تلك المرأة التى لا ترى فى نفسها أكثر من جسد لتهتم به الخروج من السرير محاولة الدخول إلى عالم لا يستوى فيه الظاهر مع ما خفى أبدًا، ويسمّونه بـ«الأدب».