الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

9 أعوام في قيادة الأزهر.. "الإمام الأكبر" حمل رسالة السلام والإخوة الإنسانية إلى العالم.. حرر مناهج الجامعة والمعاهد من التطرف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل في التاسع عشر من شهر مارس الجاري، الذكري التاسعة لتولى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مقاليد المؤسسة خلفًا للإمام الثالث والأربعين في تاريخ المشيخة الدكتور محمد سيد طنطاوي، وعمد "الطيب" خلال سنواته التسع إلي إجراء عدة إصلاحات طالت جنبات المؤسسة التي ضمت إلي جانب الجامع والجامعة والمعاهد، مراصد للأبحاث، وجولات عالمية جعلت منها مؤسسة كبري تحظي باحترام وتقدير كافة رؤساء وملوك وشعوب العالم.
وحملت جولات الإمام الأخيرة وإقراره وثيقة الإخوة الإنسانية مطلع العام الجاري، رفقة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس، رؤية التسامح والمحبة والدعوة للتعايش والحوار مع الآخر، انطلاقا من الرسالة الوسطية التي حملها الأزهر من خلال انتهاجه النهج الأشعري، ما دعا "الطيب" إلي إدانة الأعمال التي تنتهجها داعش والإخوان والقاعدة ومن علي شاكلتها من إرهاب يتنافي مع صحيح الدين الإسلامي.


الجامع الأزهر
شهد الجامع الأزهر في عهد الإمام الحالي، طفرة عظيمة أهمها عملية الإحلال والتجديد التي توجت بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث شهد الجامع أكبر حركة ترميم في تاريخه والعصر الحديث، حين أمر العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبد العزيز بترميم الجامع الأزهر، وتضمنت أعمال الترميم الواجهات الحجرية الخارجية والداخلية، وترميم الزخارف الإسلامية والنقوش والأسقف، وترميم النوافذ الخشبية والمشربيات، وترميم مآذن الجامع، وترميم وإعادة تأهيل أرضيات الجامع بنفس الأرضيات المستخدمة فى الحرم المكي، وأعمال الإضاءة الخارجية والداخلية، وأعمال مقاومة الحريق، وأعمال النقل التلفزيوني، وتأهيل السور الخارجي، وإعادة تنسيق الموقع الخارجي، بالإضافة إلى إعادة إنشاء مبنى دورات المياه.
كما تم الانتهاء من شبكة صرف الأمطار، وشبكة صرف صحى جديدة للجامع بأحدث نظم الصرف المعروفة حاليًا بعد تهالك الشبكة القديمة، كما تم تغيير شبكة الكهرباء بالكامل، وجميع نظم الإنارة بأحدث الأنظمة الحديثة المستخدمة داخل الحرم المكى.


الجامعة

حظيت جامعة الأزهر بعناية الشيخ، الذي دأب علي تطوير المناهج والاهتمام بعملية تطوير وتأهيل الجامعة لتحظي بما عليه من مكانة بين جامعات القارة السمراء، وجامعات العالم، لتشهد طفرة في مجال الطب والهندسة وغيرها من العلوم التي تؤكد نجاح المؤسسة في العلوم الدنيوية بجانب تفردها في الجانب الديني.
وشهدت الجامعة مؤخرًا الاهتمام بإعداد الكتاب الموحد، الذي يتم دراسته ومراجعته وتعميمه بالكليات الشرعية، في خطوة لتجنب الأفكار المدسوسة التي قد يضعها البعض في المناهج الدراسية مما يتسبب في فوضي ونشر أفكار لا تتناسب مع وسطية الأزهر التي يتبناها من خلال النهج الأشعري، ليقوم بعض العلماء المتخصصين بوضع المناهج الشرعية التي تتناسب مع المرحلة الراهنة ومقتضيات العصر، وتتجنب نشر أفكار واجتهادات الماضي التي لا تصلح حاليًا.

من جانبه قال الدكتور يوسف عامر نائب رئيس جامعة الأزهر، لشئون التعليم والطلاب، أن الأزهر يدرس إنشاء معمل مركزى للجامعة من خلال تجميع معامل الكليات العلمية وضمها فى معمل أو أكثر حسبما يتطلب وتوفير ما يلزمه من أدوات وأجهزة، لأكثر من مكان للطلاب جميعا
واوضح إن الدولة توفر جميع الإمكانيات والدعم لجميع المشروعات والدراسات الناجحة والفاعلة للمجتمع.


المعاهد
حرص الإمام الأكبر علي تشكيل لجنة لتطوير وتنقيح المناهج، ضمت نحو 100 عالم، استطاعت أن تعمل علي تطبيق مناهج شرعية مخففة ومواكبة للعصر شملت مناهج التوحيد والعقيدة والأدب وغيرها.
وقال الشيخ على خليل، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، إن الأزهر الشريف يسعى إلى الارتقاء بالمستوى العلمي للطلاب الدارسين به وتنمية مهاراتهم من خلال المناهج المطورة - بنوك المعرفة - بنوك الأسئلة - الامتحانات التجريبية، وذلك تنفيذا للخطة الموضوعة من قبل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والتي تتماشى مع توصيات مؤتمر مصر تستطيع بالتعليم، للتأكيد على أن التعليم في مصر لا بدّ وأن يساير ويواكب التطورات والأحداث العالمية ويتلاءم مع مقتضيات العصر.
وأكد خليل، في تصريح لـ"البوابة نيوز"، أن قطاع المعاهد الأزهرية، يقوم بالعمل الجاد على تدريب معلمي مرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، لمواكبة التطورات الحديثة في المناهج الدراسية والوسائل التعليمية التي تعد تطبيقا لخطة ٢٠-٣٠.

وأشار إلى أن قطاع المعاهد الأزهرية يسير جنبا إلى جنب مع وزارة التربية والتعليم لتطبيق أحدث النظم التعليمية بدءا من الصف الأول الثانوي للعام ٢٠١٩، لافتا إلى أن الإحصائيات أكدت أن هناك إقبالا ملحوظا على الالتحاق بالمعاهد الأزهرية، كما أن التحويلات من الأزهر إلى التربية والتعليم أصبحت محدودة للغاية.


شعبة العلوم الإسلامية

تُعد شعبة العلوم الإسلامية من أولى المبادرات التي اتخذها فضيلة الإمام الأكبر عقب توليه مشيخة الأزهر، انطلاقًا من قاعدة مفادها أن تطوير الأزهر الشريف لا يستقيم إلا بإصلاح العملية التعليمية إصلاحًا شاملًا، ولذا حرص فضيلته على اصطفاء نخبة من طلاب الأزهر المتميزين الذين يفهمون مسائل العلوم الشرعية فهمًا صحيحًا، للالتحاق بتلك الشعبة.
وبدأت الفكرة عام 2010 بشكل تجريبي في عشر محافظات، عبر استحداث شعبة جديدة بالمرحلة الثانوية تحت اسم "الشعبة الإسلامية" بجانب شعبتي الأدبي والعلمي، على أن يتم اختيار طلاب الشعبة عقب اجتياز اختبارات خاصة، والاهتمام بتعليمهم اللغات الأجنبية، ليكونوا نواةً لجيلٍ أزهريٍ على مستوىً عالٍ من الكفاءة والجاهزية، مؤهلين للالتحاق بالكليات الشرعية.
وفي إطار اهتمام الإمام الطيب بالشعبة وطلابها؛ تم إنشاء معهد العلوم الإسلامية، على مساحة 18 ألف مترًا مربعًا في مدينة القاهرة الجديدة، وهو يستوعب 1200 طالب، ويضم عيادة صحية وأخرى نفسية و42 فصلًا دراسيًا، كما تم تزويد المجمع بوسائلَ تعليميةٍ متقدمة وقاعاتٍ دراسية مجهزة، إضافة إلى سكن داخلي للطلاب يضم غرف إقامة ومطاعم وملاعب، فضلًا عن انتقاء هيئة تدريس على أعلى مستوى، ومناهجَ متطورةٍ ومتميزةٍ.


المنظمة العالمية لخريجي الأزهر

سعي "الطيب" إلى ترسيخ مكانة الأزهر العالمية من خلال طرحه في عام 2007 منذ أن كان رئيسًا للجامعة، مبادرة تأسيس رابطة عالمية ينطوي تحت مظلتها جميعُ خريجي الأزهر الشريف في مختلف بقاع العالم، بهدف تفعيل قوة الأزهر الشريف الناعمة المتمثلة في خريجيه المنتشرين حول العالم، والتواصل معهم بما يجعل للأزهر صوتًا مسموعًا في كل ربوع المعمورة.
ووضع الإمام الأكبر نصب عينيه زيادة حجم التواجد العالمي للمنظمة، لتمتد فروعها إلى تسع عشرة دولة، هي: (ماليزيا، إندونيسيا (فرعان)، تايلاند، الهند، فلسطين، الصومال، السودان، تشاد، بريطانيا، جزر القمر، مالي، كينيا، جنوب إفريقيا، تنزانيا، باكستان، رواندا، كوت ديفوار، سلطنة بروناي)، إضافة إلى عدة فروع تحت التأسيس في كل من: كُردستان العراق، اليمن، النيجر، أفغانستان، نيجيريا، أوكرانيا، والفلبين، كما قدم أزهريون من دول مختلفة طلبات لتأسيس فروع للمنظمة في دولهم.


مركز الفتوى الإلكترونية

جاء قرار "الطيب" بإنشاء "مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة"، ليقوم المركز بأذرعه الثلاث: مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، ومركز الأزهر للترجمة، بدور عالمي فعَّال في مكافحة الإرهاب والتطرف، وذلك في إطار منظومة متكاملة ومتشابكة، يبدأها المرصد من خلال متابعة وتحليل وتفنيد شبهات الجماعات المتطرفة ومواكبة القضايا المرتبطة بالإسلام والمسلمين عبر العالم، مثل الإسلاموفوبيا واللجوء وتنامي اليمين المتطرف، فيما يقوم مركز الفتوى الإلكترونية بإعداد الردود الشرعية وتوضيح حقيقة التعاليم الإسلامية السمحة، والتفاعل مع احتياجات جمهور الفضاء الإلكتروني فيما يتعلق بالفتوى والعلم الشرعي، بينما يتولى مركز الأزهر للترجمة تزويد غير الناطقين بالعربية، والمتعطشين للتعرف على الوجه الحقيقي للإسلام، بنخبة من أبرز الكتب والمؤلفات، المترجمة إلى ثلاث عشرة لغة عالمية، والتي تبرز رسالة الإسلام العالمية وشريعته المنفتحة على كل ما يخدم خير البشرية.

يقول الدكتور حمادة إسماعيل شعبان، مشرف وحدة رصد اللغة التركية بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إنه بعد تسع سنوات من قيادة الدكتور "أحمد الطيب" لمؤسسة الأزهر الشريف نستطيع القول بكل ثقة إنه من الشخصيات العظيمة التي تصنع الفوارق في التاريخ بحكمته ونشاطه وجرأته وشجاعته ووطنيته وحرصه على بناء جسور السلام والمحبة بين جميع البشر دون النظرٍ إلى عرقٍ أو جنس أو دين أو لون.

واضاف: ليس أدل على ذلك مما قام به فضيلته من تناغم وتكاملٍ مع القيادة الدينية الأكبر للديانة المسيحية والمتمثلة في "البابا فرانسيس" بابا الفاتيكان، حيث التقى به خمس مرات توجها بتوقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية".
وتابع في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، إن مؤتمرات فضيلة الإمام وجولاته في الشرق والغرب تدل بلا أدنى شك على أن هذا الرجل بجدارة هو "مهندس السلام العالمي" في وقتنا الراهن. لقد وضع فضيلته روشته علاجية لمرض العنف والاختلاف الخارج عن إطار التسامح داعيًا إلى تطبيق العدل وتجنب الظلم والكيل بمكيالين ومؤكدًا على أن الأديان بريئة من الإرهاب وإنه يجب النزول بمبادئ الأديان وأخلاقيتها إلى أرض الواقع، ومشددًا على أن هذه الخطوة تتطلب إقامة السلام أولًا بين رؤساء الأديان وعلمائها وإزالة جميع التوترات والتوجسات من بينهم إيمانًا منه بأن السلام إذا لم يتحقق بين دعاته لا يمكن لهؤلاء الدعاة أن يمنحوه للناس، ففاقد الشيء لا يعطيه.
واستطرد، انتفض الأزهر لما حدث لمسلمي الروهينجا في إقليم "أراكان" الميانماري، واصفًا ما يحدث لهم بالهمجية واللا إنسانية الناتجة عن موت الضمير العالمي وموت أصحابه وموت كل معاني الأخلاق والعدل والحرية وحقوق الإنسان. كما غضب لأزمة اللاجئين وتفاعل معها، ووصف السلام الذي يبغيه اللاجئون بـ "السلام الضائع، الذي تبحث عنه أمم وشعوب ومرضى وهائمون على وجوههم في الصحراء إلى أوطان بعيدة نائية لا يدرون أيبلغونها أم يحولُ بينهم وبينها الموتُ والهلاك والغرق والأشلاء والجثث الملقاة على شاطئ البحرِ في مأساة إنسانية لا نعدو الحقيقة إذا قلنا إن التاريخ لم يشهد لها مثيلًا من قبل".
وفي إطار الدور العالمي لمؤسسة الأزهر الشريف ــ هذا الدور الذي تكفله مكانة الأزهر في نفوس المسلمين إضافة إلى الدستور المصري التي نصت إحدى مواده على أن الأزهر مسئول عن الدعوة ونشر علوم اللغة العربية والدين الإسلامي في مصر والعالم ـــ استحدث الإمام الأكبر مجموعة من الهيئات الجديدة التي تُعين الأزهر على أداء مهمته، من أهم هذه الهيئات "مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإليكترونية والترجمة"، وهذا المركز كما هو واضح من اسمه عبارة عن ثلاثة هيئات هم "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" و"مركز الفتوى الإليكترونية" و"مركز الأزهر للترجمة".
وأشار إلي أن المرصد هو أقدم هذه الهيئات تم افتتاحه في يونيه 2015 للقيام بعدة أهداف، أهمها رصد وتحليل وتفنيد كل ما تبثه الجماعات المتطرفة من إصدارات مرئية أو مسموعة أو مكتوبة بأي لغة من اللغات، سواء كان ذلك على مواقع الإنترنت أو صفحات التواصل الاجتماعي أو المنتديات؛ ليغلق على الإرهابيين والمتشددين وأصحاب الفكر المتطرف جميع النوافذ التي يتسللون من خلالها إلى عقول الشباب، ويستقطبونهم، ويكفرون لهم مجتمعاتهم ويفسقون علمائهم بدعايتهم الضالة والمضللة. يعمل المرصد بإثنى عشر لغة حية (العربية، الإنجليزية- الفرنسية – الألمانية – الأسبانية – الصينية – الفارسية – الأوردية – اللغات الإفريقية – التركية، العبرية، الإيطالية)، ويعمل به عدد من الباحثين والباحثات خريجي أقسام اللغات جامعة الأزهر، يعملون بجدٍ ودأبٍ.
وألمح، إلي أن المرصد لا يكتفي بكتابة المقالات والتقارير ونشرها على منصاته المختلفة العربية والأجنبية بل يخرج إلى الجامعات ويلتقي مع الشباب في مؤتمرات توعوية يتحدث فيها عن قيم الانتماء والهوية والمواطنة وغيرها من القيم، وذلك ليقوي مناعتهم ضد فيروس التطرف الذي لو تُرك له الحبل على الغارب لاجتاح العالم بأكمله. كما عقد المرصد العام الماضي ورشة عمل كبرى في قاعة مؤتمرات الأزهر الشريف تحت عنوان "اسمع وتكلم"، شارك فيها 400 شاب وفتاة من مختلف الجامعات المصرية، تولوا هم إدارة الورشة ونقاشاتها المختلفة في العديد من القضايا المطروحة.

ومن أجل إيصال رسالته إلى الجميع يُراعي المرصد الجمهور الذي لا يهوى القراءة ويحب المشاهدة، ويقوم بتصوير مجموعة من المقاطع المصورة التي يعالج كل مقطع منها قضية معينة، وينشرها على "اليوتيوب"، كذلك يقوم بعمل حملات برسائل قصيرة تعالج كل رسالة أيضًا قضية معينة، أو تأصل لقيمة إنسانية محددة، ومن أشهر هذه الحملات والتي حققت انتشارًا واسعًا كانت حملة "يدعون ونصحح"، كانت هذه الحملة تعالج قضايا "الحاكمية"، و"الجهاد" و"الولاء والبراء"، وترد على المتطرفين وتفند ادعائهم حول مثل هذه القضايا.
وشدد المشرف بمرصد الأزهر على أن المرصد هيئة أزهرية عظيمة ووسيلة وآلية من وسائل تجديد الخطاب الديني، فالخطاب الديني لم يعد قاصرًا على المنابر وحصص الدين في المدارس فقط، بل يجب إيصاله إلى الجميع.


بيت العائلة المصرية

طرح الإمام الأكبر فكرة إنشاء هيئة وطنية مستقلة باسم "بيت العائلة المصرية" عام 2011، بالتعاون مع قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الراحل، حيث يجمع بيت العائلة: الأزهر الشريف والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والكنيسة القبطية الكاثوليكية، والكنيسة القبطية الإنجيلية، والكنيسة الأسقفية الإنجليكانية.
وساهم بيت العائلة برئاسة الإمام الأكبر والبابا تواضروس الثاني، في الحفاظ على نسيج الأمة المصرية والتأكيد على مبدأ المواطنة وإعلاء قيمة الوطن، كما نجح في احتواء العديد من المشاكل التي تثار من وقت لآخر بين مسلمين ومسيحيين ومن ثم قطع الطريق على من يحاولون الوقيعة بين أبناء الوطن.
حيث شهد في أكتوبر 2017، توقيع الدكتور محمود حمدي زقزوق، أمين عام بيت العائلة، والسفيرة نبيلة مكرم، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، بروتوكول تعاون لنشر مبادرة "بيت العائلة المصرية" بين أبناء الجاليات المصرية في الخارج، ليصبح بمثابة "مظلة وطنية" تجمع المصريين في الخارج، على اختلاف مشاربهم تحت سقفها.
وتوج "بيت العائلة" بجائزة الإمام "الحسن بن على" للسلم الدولي، التي يمنحها "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" بدولة الإمارات، نظرًا لدوره الكبير في ترسيخ قيم العيش المشترك والمواطنة.


بيت الزكاة والصدقات المصري

أشرف "الطيب" على إعداد مشروع قانون لإنشاء بيت مستقل للزكاة، ليكون مصدرَ ثقةِ المواطنين المتبرعين ودافعي الزكاة وإيصال الأموال لمستحقيها بكفاءة وفاعلية حسب أحكام الشريعة الإسلامية، ليصدر في التاسع من سبتمبر من العام 2014م، القانون رقم (123) لسنة 2014 بإنشاء "بيت الزكاة والصدقات المصري" تحت إشراف شيخ الأزهر؛ بهدف صرف أموال الزكاة في وجوهها المقررة شرعًا، ولبث روح التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع. وحدد القانون موارد البيت، ومنها على وجه الخصوص أموال الزكاة التي تقدم طوعًا من الأفراد أو غيرهم، وكذلك الصدقات والتبرعات والهبات والوصايا والإعانات التي يتلقاها البيت ويقبلها مجلس أمنائه.

وتوسع دور بيت الزكاة وحجم الأعمال التي يتلقاها في السنوات الأخيرة، حيث يتم توزيع مساعدات شهرية على أكثر من 80 ألفًا من المحتاجين، كما كان للبيت دورٌ فاعلٌ في رفع وعي المواطنين بأهمية فضل فريضة الزكاة في تحقيق التنمية، فضلًا عن دعمه للعديد من المشروعات القومية التي تستهدف الفقراء والمحتاجين ومستحقي الزكاة.


أسرة مستقرة تساوي مجتمع آمن

أعلن الشيخ صالح عباس وكيل الأزهر الشريف، تدشين مبادرة الأزهر للتوعية الأسرية والمجتمعية، تحت شعار "أسرة مستقرة تساوي مجتمع آمن"، موضحًا أن الأزهر كان له السبق من خلال وحدته الخاصة بـ"لم الشمل" في التعامل مع المشاكل الأسرية والطلاق ونجحت في علاج الكثير من الحالات.
وتابع خلال كلمته للإعلان عن المبادرة، إن الوحدة تبلي بلاء حسن، وبالفعل استطاعت أن تصلح مشكلة يعاني منها المجتمع، لافتًا إلي أنه وجه شكوى خاصة وصلت إليه إبان رئاسة لقطاع المعاهد الأزهرية ونجحت الوحدة في التعامل معها.
وأضاف: "الأسبوع الماضي وجد الأزهر طلباَ من قبل وزارة التضامن الاجتماعي من خلال سمية الألفي، نيابة عن الوزيرة غادة والي يتضمن عقد بروتوكول ومذكرة تفاهم مع الوحدة، وعدة قطاعات بالأزهر، لأنهم اكتشفوا العمل الجليل الذي تقدمه، حيث السبق في التعامل مع مشاكل الطلاق وغيرها".


لجنة المصالحات العليا
إيمانًا من الإمام الطيب بدور الأزهر الشريف في تحقيق وحدة الصف ولم الشمل، ونبذ الفرقة والخلاف ليس فقط بين أبناء المجتمع المصري وإنما في مختلف المجتمعات التي تعاني من انقسامات داخلية وحروب أهلية، أصدر فضيلتهُ توجيهاتهِ بإنشاء "لجنة للمصالحات" بالأزهر في عام 2014م، بحيث يكون نشاطُها داخلَ مصرَ وخارجَها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة النفس والدم، وذلك إعمالًا لمقاصد الشريعة الإسلامية العليا.
وقرر بأن يكون للجنِة الحقُ في الاستعانة بمن تراه من المثقفين والسياسيين ووجهاء البلدة محل النزاع ممن يتمتعون بالسمعة الطيبة والسيرة الحسنة، ويقوم الأزهر بإرسال خيرة علمائه من أصحاب الحضور والقبول عند الناس لتسهل بهم عملية الصلح ووأد الفتنة في مهدها، على أن تكون قراراتها ملزمة للجميع بما لا يتعارض مع القانون. وقد نجحت اللجنة في إتمام مصالحات عدة في ربوع مصر، كما ساهمت في مؤتمر المصالحة الوطنية بجمهورية إفريقيا الوسطى.

مجلس حكماء المسلمين

قاد الإمام الأكبر، مع عدد من علماء الأمة وحكمائها، مبادرةَ تأسيسِ مجلسٍ لحكماء المسلمين ليكون بمثابة هيئة دولية مستقلة، تهدف إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وترسيخ قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر، وتجنب عوامل الصراع والانقسام والتشرذم، وتم إنشاء المجلس في الحادي والعشرين من رمضان من العام 1435هـ الموافق التاسع عشر من يوليو من العام 2014م، ليضم ثُلَّةً من علماء الأمة الإسلامية ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطية.
ويُعتبر المجلسُ أولَ كيانٍ مؤسسي يهدف إلى توحيد جهود لم شمل الأمة الإسلامية، إضافة لإطلاق مشروع "قوافل السلام" بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وتخفيف حدة التوتر الديني الذي يحيط بكثير من المجتمعات المسلمة، ومحاربة "الإسلاموفوبيا". وقد تصدى المجلس للعديد من القضايا الملحة التي تشغل الأمة الإسلامية مثل خطر الإرهاب والفكر المتطرف، كما أولى اهتمامًا بالغًا بالقضية الفلسطينية وقضية مسلمي الروهينجا فضلًا عن قضايا الحوار بين الشرق والغرب والسلام العالمي.


التقارب مع الفاتيكان

بعد انقطاع للعلاقة بين الأزهر والفاتيكان لستة أعوام متتالية، أعاد الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس الثاني، أواصر المحبة والتآلف بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية من خلال وثيقة الإخوة الإنسانية التي شهدتها الإمارات فبراير الماضي، وذلك بعد خمس لقاءات متتالية بين القاهرة والفاتيكان والإمارات.
وحرص الطيب وفرنسيس علي التأكيد بأن الإخوة لا تستلزم أتباع الديانتين بقدر ما هي دعوة للجميع بأن يتكاتف من أجل الإنسان، الذي حرصت عليه الأديان جميعًا وشملته كافة الديانات بالعناية.
ضاعف المنح الدراسية للطلاب الأفارقة
ووافق شيخ الأزهر، على قرار لجنة شئون الطلاب الوافدين، بمضاعفة عدد المنح الدراسية المقدمة لطلاب أفريقيا، لتصبح 1600 بدلا من 800 منحة دراسية، وذلك بمناسبة رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي 2019.
ويحظى الأزهر بمكانة تاريخية متميزة في مختلف أرجاء أفريقيا، من خلال تواجده الفعال عبر مسارات متعددة؛ تشمل قوافلَ إغاثيّةً وطبية لمساعدة المحتاجين وعلاج غير القادرين، وقوافل للسلام لنشر ثقافة التعايش والتسامح بدلًا عن الكراهية والعنف، إضافةً إلى استقبال طلاب 46 دولة أفريقية للدراسة في جامعة الأزهر ومعاهده، وتدريب الأئمة الأفارقة على آليّات مواجهة الأفكار المتطرفة والتعامل مع القضايا المُستحدَثة، وإنشاء معاهدَ أزهريّةٍ ومراكزَ لتعليم اللغة العربية، فضلًا عن: الدَّور المِحوَريّ لبعثات الأزهر التعليمية والدعوية في نشر تعاليم الإسلام السمحة في ربوع القارة الأفريقية.
ومع تَسَلُّم مصرَ رئاسةَ الاتحاد الأفريقي؛ حرَص فضيلة الإمام على استثمار وتَوظيف كلّ عناصرِ الثّقل الأزهري في أفريقيا؛ لمواكبة التحركات المصرية تُجاهَ القارة السمراء، حيث قرّر فضيلتُه تشكيلَ لجنةٍ مختصّة بالشئون الأفريقية بالأزهر، تكون مهمتها العمل على وضْع البرامج والخُطط والأنشطة التي من شأنها دعم دول القارة وشعوبها.