الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الصاحب الجدع رزق".. "محمود" يتبرع بفص كبده لصديقه المريض بالإسكندرية.. والمشرف على الجراحة: عملية التبرع استغرقت 8 ساعات ونقل الكبد استغرق 12 ساعة.. والصديقان حالة نادرة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"مافيش صاحب يتصاحب.. مافيش راجل بقى راجل"، بهذه الجملة المقتبسة من إحدى الأغاني الشعبية التي أصبحت أيقونة للشباب في هذا الجيل يرددونها فيما بينهم، والتي ترسخ لمعاني الندالة والخسة بين الأصدقاء، ألا أن ما فعله "محمود" مع صاحبه "عبد الله" ينسف تلك المفاهيم المغلوطة، تؤكد على أن مازال هناك أصدقاء تجمعهم الشهامة والرجولة.



6 سنوات فقط تعرف كلا منهما على الآخر، فكانت كافية لكي يصر "محمود" على تبرع لصديقه "عبد الله" بفص كبده الأيمن، لينفذ حياته من الموت بعد تعرض لمرض وراثي نادر يحتاج إلى زرع كبد، ولم تتوافق فصيلته مع أسرته وأقاربه معه، لكي يتبرعوا له. 

فانتقلت "البوابة نيوز" إلى مستشفى المواساة الإسكندرية بشارع أبو قير، لتلتقي بالمتبرع "محمود" ليكشف عن تفاصيل علاقتهم ببعض وعن موقع العائلة، ألا أن من الصعب التحدث مع "عبد الله" لوجوده في غرفة العزل الطبي منذ الانتهاء من إجراء العملية الجراحية. 

"وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"، هذه الآية التي كانت الدافع وراء إصرار "محمود محمد عبد الله" خريج كلية علوم جامعة الإسكندرية، على تبرعه بفص كبده الأيمن إلى أحد أصدقائه ويتغلب على الضغوط العائلية. 



يقول "محمود": "تعرفت على صديقي عبد الله من أولى كلية علوم، فأنا تخرجت من الكلية ولم تنقطع صلتي بصديقى الذي تأخر في دراسته بسبب مرض الوراثي النادر ويحتاج إلى زرع كبد". 

ويضيف: "وعندما علمت بمرضه فكنت دائما التواصل معه والاطمئنان على حالته الصحية، وخصوصا بعد إجرائه بالعديد من الفحوصات الطبية اللازمة، فأبلغني أن حالته تحتاج إلى زرع كبد، ولازم أن يكون المتبرع من العائلة". 

وتابع: "أن عدد من أفراد عائلة صديقي عبد الله أجروا فحوصات طبية قبل تبرعهم إلا أنهم جميعهم لم يتوافق فصيلتهم مع فصيلته، فأبلغني بذلك فقولت له أنا ما عنديش مانع أني أتبرع لك، لكني ذهاب لمنطقة التجنيد غدا ليكي أترحل، فقولت له سيبها على الله هتتحل". 

ويقول: "بالفعل توجهت إلى منطقة التجنيد للاستعداد لترحيلي على سلاحي، إلا أن ميعاد الترحيل تأجل أسبوعين، فأبلغت صديقي عبد الله، وقولت له أني على أتم الاستعداد لإجراء العملية، فأبلغني وقتها أنه سوف يخبر الأطباء بمركز زرع الكبد بمستشفى المواساة بذلك الأمر". 

وعن موقف أسرته، قال "محمود": "إن وقت إبلاغي لصديقي بموافقتي لم استشير أسرتي في هذا الأمر، إلا أنني قمت بعمل شات على الواتس أب جميعي لوالدتي وأخواتي المسافرين بالخارج، لكي أبلغهم بهذا الأمر، وبدأت كلامي بالآية القرآنية وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا، فكان ردهم ربنا يجزيك خير عليها، وما ينفعش نرفض في حاجة خير، بس انت وراك جيش وأن العملية مش سهلة". 



وأضاف "أن شقيقي في تمريض وله أصدقائه في مركز زرع الكبد بمستشفى المواساة، فاستفسر عن العملية ومدي المخاطر التي ممكن تحدث، فأبلغوه أن المتبرع بيخرج بعدها بأسبوع، ومع الوقت الكبد ينمو ويعود إلى حجمه الطبيعي مرة أخرى، ولا توجد أي مخاطر على المتبرع". 

وأشار إلى "أن بعد والدتي وأخواتي تأكدوا أن لا يوجد خطر من العملية، وافقوا على إجراءها، وقمت بعمل الفحوصات الطبية والاشعاعات والتي أثبتت توافقي مع صديقي عبد الله". 

وكشف "محمود" عن رد فعل أسرة صديقه "عبد الله"، "كانوا فرحانين جدا أن في حد هتبرع لأبنهم وأن في توافق بينهم، وأن أسر صديقي قبل وبعد العملية كانوا يعاملوني مثل نجلهم في كل شئ، وعلى الرغم من عدم وجود تواصل بيني وبين أهله من قبل". 

وعن وقت العملية، قال "محمود": "إن العملية استمرت لمدة 12 ساعة، وسط حضور العائلتين، منذ إجراء العملية فكان الوضع بينهم متوتر جدا بسبب وقت العملية"، مضيفا "أن تربيت والدتي لي هي كانت الدافع على اني اعمل كدا، ولم أندم على ذلك، لان أسرتي ربوني على حب الخير". 

واختتم قائلا: "موقفي دا لإنقاذ حياة بني آدم وحياة صحبي، وأن لم أفعل ذلك بمفردي، بل هناك العديد أصدقائنا في الكلية كان لهم دور في توفير له أكياس الدم، وخصوصا وأن فصيلة صديقي عبدالله فصيلة نادرة، هي وقفت مجموعة من الأصدقاء مع بعض، وليس محمود بمفرده". 



ومن جانبه، قال الدكتور أحمد الجندي، منسق وحدة زراعة الكبد بمستشفى المواساة الجامعي، والمشرف على الجراحة، أن عملية محمود المتبرع استغرقت 8 ساعات، بينما عملية نقل الكبد لجسد عبد الله استغرقت 12 ساعة، تحت إشراف طاقم طبي ما بين جراحين وتخدير وآشعة وأطباء معامل". 

وأضاف "الجندي"، خلال تصريح خاص للبوابة نيوز، "أن تم إجراء آشعة وفحوصات طبيه له أثبتت توافقه مع عبد الله، إلا أن محمود كان لديه تغيير خلقي في الأوردة المغذية للكبد وتسمى طبيا ثلاثي التفريع، فتم إبلاغ محمود بذلك، إلا أنه أصر على استمرار العملية". 

وأشار إلى"أن نجاح زراعة الكبد تصل من 85% إلى 98%، وأن حالة الاثنين جيدة، فمحمود حالته في تحسن مستمر وخلال أيام سيخرج من المستشفى، وأما عبد الله، في غرفة العزل الآن يتم إعطائه أدوية لقبول الكبد في جسده، وحالته أيضا في تحسن". 

وأضاف إن تكلفة عملية زراعة الكبد 310 ألف جنيه، وتحملتها جامعة الإسكندرية، نظرا لوجودهم في التأمين الصحي للطلاب الجامعة، أما في الحالات العادية تتحملها حاليا البرنامج الرئاسي للقضاء على قوائم الانتظار، مشيرا إلى أن مستشفى المواساة الوحيدة التي بها زراعة كبد بالإسكندرية. 

وأكد على "أن حالة محمود وعبد الله تعتبر من الحالات النادرة التي لم تتكرر من قبل، فدائما يكون المتبرع من العائلة أو الزوجة، أما أصدقاء فكانت غريبة جدًا لم نراها من قبل".