كان واحدًا من القلائل الذين نالوا تعليما من بين الفقراء والفلاحين في عصره، وعبّر عن الروح الأمازيغية في أعماله، كما ناهض الاستعمار والظلم، هو الروائي الجزائري مولود فرعون والذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الإثنين.
وُلد فرعون في 18 مارس 1913، في قرية جزائرية لعائلة فقيرة، وفرعون ليس اسم عائلته، بل كانت السلطات الفرنسية تطلق الأسماء على العائلات الجزائرية، وبالرغم من فقره فقد استطاع مولود الالتحاق بالمدرسة الابتدائية في قرية "تاوريرت موسى"، ولم تردعه الظروف الصعبة عن إكمال دراسته الأولية، وبعدها خاض العديد من الصراعات ليلتحق بالمدرسة الثانوية.
وكان المعتاد في تلك الفترة أن يترك الأطفال الدراسة بعد حصولهم على الشهادة الابتدائية، وبعد إنهائه الثانوية دخل "مولود" مدرسة المعلمين بالجزائر العاصمة، ولم تكن مدرسة المعلمين لمولود فرعون مجرد مدرسة عليا يلتحق بها ليكمل تعليمه، بل هدفًا وضعه نصب عينيه منذ البداية، أن يصبح معلمًا ويعود مرة أخرى إلى بلدته الصغيرة ليؤدي رسالته في تعليم صغارها.
وحقق مولود حلمه كما أراد، فبعد تخرجه تم تعيينه عام 1935 في قريته مدرسًا، ثم التحق بعدها بمدرسته الابتدائية عام 1946 ليرد جميلها، وترقى في المناصب التعليمية حتى أصبح مديرًا لمدرسته، وكان آخر مناصبه هو مفتش لمراكز اجتماعية عام 1960.
وفي 15 مارس 1962 قبل أقل من أسبوع من قرار وقف إطلاق النار بين فرنسا والجزائر قامت مجموعة متطرفة باغتيال فرعون بوضح النهار، حيث كان في اجتماع مع مجموعة من العاملين في قطاع التعليم.
وكانت أشهر أعماله رواية "الدروب الوعرة" وأيضا رواية "ابن الفقير" والتي تتناول الظلم الذي عاشه الشعب الجزائري لسنوات، وتدور الأحداث عقب نهاية "معركة الجزائر" الشهيرة عام 1957م، متناولة مأساة الفقراء الجزائريين، ويشرح فيها كيف يتكون الطبع الحقيقي للرجل القبيلي، حيث إن الطفل الرضيع تبدأ معركته مع الحياة منذ ولادته؛ فإما أن يقاوم الحياة ليحظى بالعيش بكرامة أو أن يستسلم للحياة والفقر ويعيش بالذل والمهانة لبقية حياته.
