الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شريعة الإرهاب اغتيال السلام والأبرياء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قُدر لنا أن نعيش زمنا واقعه أشد إيلاما ودموية من أكثر الأفلام عنفا ومأساوية!!.. فما بين حوادث إرهابية تغتال الأبرياء فى كل مكان، وبين أبطال نودعهم كل يوم وهم يحملون أرواحهم على أكفهم لحماية هذا الوطن وشعبه، وبين حوادث وحرائق تدمى القلوب وتدمر أسر نتيجة الفساد والإهمال.. وقفنا عاجزين يوم الجمعة الماضى ونحن نشاهد الإرهاب والإجرام فى أقسى صوره، بعد أن قام أحد الإرهابيين الأستراليين بإطلاق النار عشوائيا على المصلين فى مسجدين بنيوزلندا، ومن فجوره أنه بث مذبحته مباشرة على الفيسبوك لمدة 17 دقيقة، من خلال كاميرا كانت مثبته فوق رأسه أثناء إطلاق النار!!..ليقف العالم مكتوف الأيدى ويشاهد الأبرياء صغارا وكبارا يقتلون بوحشية وهم سُجَّدا!!..ليُستشهد بالفعل 52 مسلما ويصاب أكثر من أربعين بجروح خطيرة.
ونكتشف فيما بعد أن الإرهابى بكل تحدٍ، أرسل قبل المذبحة لسياسيين وجهات حكومية نيوزلندية -من بينها مكتب رئيسة الوزراء- بيانا من 73 صفحة بعنوان «البديل العظيم» -وهو الشعار الذى رفعه بعض المتطرفين الأوروبيين المناهضين لهجرة المسلمين للدول الأوروبية - ويوضح مدى عنصرية الأحزاب اليمينية وكرهها للمسلمين، والذين يريدون القضاء عليهم باعتبارهم -طبقا لادعاءاتهم- غزاة يمثلون خطرا على الهوية البيضاء للغرب، وخشية من قيامهم بإبادة جماعية للأوروبيين البيض الذين يفشلون فى التكاثر والإنجاب!!.. ويقول فيها عن نفسه إنه مجرد رجل عادى من أسرة عادية، وأنه كان يعمل كمدرب لياقة للأطفال قبل العامين الأخيرين، اللذين قضاهما فى التخطيط والإعداد لمذبحته، والتى قام بها بفخر مع سبق الإصرار وبدم بارد، بل إنه أثناء محاكمته أشار بيديه بعلامة - يتبناها بعض المتعصبين الأوروبيين من الجماعات اليمينية والمتعاطفين معها- تشير إلى تفوق العرق الأبيض على باقى الأعراق!!..والغريب أن نجد بعض المواقع تحذف المقاطع التى تظهر الهجوم، وهو ما لا نراه فى الحوادث الإرهابية التى يرتكبها من يدعون الإسلام!!.. ونجد الكثير من الصحف العالمية والمحلية تصفه بالسفاح!! وكأنهم يريدون توصيف الحادث كفعل إجرامى وليس إرهابيا!!..فهم يريدون أن تظل الصورة الذهنية للإرهاب لصيقة بالإسلام وهو منها براء!!.. يتناسون أن الإرهاب صناعة غربية، فالإنجليز هم من دعّموا ومولوا جماعة الإخوان منذ البداية، والتى خرج من عباءتها العديد من الجماعات المتطرفة، التى دربتهم الولايات المتحدة وسلحتهم واستخدمتهم لتحقيق أهدافهم!!.. ويتجاهلون تاريخهم الأسود من حروب صليبية ومحاكم تفتيش وجرائم تعذيب وقتل للأفارقة!!..ويتغافلون عن العمليات الإرهابية التى قام بها الصهاينة ضد اليهود فى العديد من دول العالم، والنهب والحرق لأملاكهم لإجبارهم على الهجرة لإسرائيل!!..ويتناسون الجماعات الإرهابية التى نسبت نفسها للمسيحية أيضا، ومارست العنف والقتل بدعوى نشر الشريعة المسيحية مثل: «جيش الرب للمقاومة» التى أسسها جوزيف كونى فى أوغندا عام 1987 بهدف إنشاء حكومة أصولية مسيحية متشددة، وارتكبوا آلافا من جرائم القتل والخطف فى بعض البلاد الأفريقية، بدعوى إقامة الشريعة المسيحية!!.. و«الجبهة الوطنية لتحرير تريبورا» فى شرق الهند، والتى تهدف للانفصال وتشكيل حكومة أصولية مسيحية، ولا يبدون أى تسامح مع أى دين آخر، وارتكبوا جرائم خطف وتعذيب وقتل للهندوس الذين يرفضون الدخول فى الأصولية البروتستانتية!!.. وجماعة «جيش الرب» التى ترتكب جرائم عنف وقتل، بدعوى مقاومة الأفعال التى تتنافى مع التعاليم المسيحية مثل الإجهاض والمثلية الجنسية، وتعامل القتلة الذين أقدموا على جرائم قتل كأبطال مسيحيين!!..أو«كنيسة الله القادر على كل شيء» التى تأسست فى الصين عام 1990، وتمارس العنف والقتل فى الصين الشعبية وهونغ كونغ..وبالطبع تلك الحركات الإرهابية لا تأتى من الشرق فقط ولكن هناك أيضا جماعات مثل «المسيحيين المعنيين» الذين يؤمنون بوجوب طرد المسلمين من إسرائيل بالقوة، وتضم أوروبيين وأمريكيين يمارسون العنف ضد المسلمين، ويخططون لتفجير الأماكن الإسلامية المقدسة فى القدس، كذلك «فينس الكهنوتية» والتى ترى أن العنف ضد غير الأنجلو ساكسون البيض المحافظين -أَمر به الله - وإن الأنجلو ساكسون البروتستانت البيض هم شعب الله المختار، وتضم مسيحيين وملحدين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، وتمارس العنف والسطو والتفجير!!..فكفانا تبنيا للفكرة التى صدروها لنا، بإلصاق الإرهاب بالإسلام، وكفانا مساعدتهم بتصديق وترويج فكرة أن الجماعات الإرهابية التى تقتنع بالإسلام هى صنيعة كتب التراث الإسلامى، وأن مناهج الأزهر تضم فى طياتها ما يشجع على الإرهاب!!.. فالإسلام لا يدع سوى للتعامل مع كافة البشر بالرحمة والأخلاق.. وكما قال رسولنا الكريم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».. والمقصود بالناس كافة البشر.. إن الجماعات الإرهابية صناعتهم وتبنيهم وتمويلهم ليستخدموها لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، وإذا كنا قد وجدنا حالات من خلفية أزهرية، فهم من الأساس ينتمون لتلك الجماعات واندسوا داخل الأزهر بفكرهم الضال!!. فكفانا التعامل من منطلق المثل الشعبى «اللى على راسه بطحة».. فيضعوننا دائما فى موضع الدفاع عن النفس.. بل يجب أن نعلى أصواتنا بالحقائق، ونواجههم بجرائمهم على مدار التاريخ، ونفضحهم أمام شعوبهم، باعتبارهم هم فقط «صناع الإرهاب».