الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رئيسنا هو مَن يقول لأمريكا (لا)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
** يذكرنا التاريخ بمقولة قالها الزعيم جمال عبد الناصر منذ سنين، تقول: 
(لو رضيت أمريكا عني فاعرفوا أنني سائر في طريق الخطأ) .. وهي مقولة صحيحة، فأمريكا لا يمكن أن ترضى إلا عمن يكون لها أداة مطيعة لتنفيذ خططها، وكل من ينبطح أمام أوامرها.. ورضا أمريكا يبدأ بإغداق المليارات على مَن ترضى عنه، لكسر نفسه ومحو ضميره والأخذ به على طريق الخيانة.. ويتصاعد رضاها إلى أقصاه حتى يصل إلى فرض من يكتسب رضاها لتولي الحكم..
** ويذكرنا التاريخ أيضا بأن عبد الناصر هو الرجل الذي قال لأمريكا (لا) منذ سنين..
** ويعرفنا الماضي والحاضر بأن مَن يقول لأمريكا (لا) فقد حكم على نفسه بالحرب الضروس وحتى آخر نفس.. 
وهكذا فعلت أمريكا مع جمال عبد الناصر في الماضي لأنه قال لها (لا).. ووضعته على رأس القائمة السوداء.. وقالوا بعد رحيله (لن نسمح بوجود جمال عبد الناصر جديد في المنطقة).. 
وبالفعل مرّت سنوات طوال لم يظهر فيها عبد الناصر جديد في المنطقة، بل لم يظهر حتى من اقترب منه ولو بعض الاقتراب..
واطمأنت أمريكا لسنوات وتأكدت أن مخططها قد نجح، وأن مجهوداتها قد أفلحت، وأنها استطاعت بفعل إغراء المال وشراء الأنفس زيادة عدد طابور من يقولون لها نعم وألف نعم، وأنه لم يعد هناك ما يقلقها من وجود عبد الناصر الجديد الذي يمكن أن يقول لها (لا)..
** ونصل إلى الحاضر القريب جدا، ونرى الاطمئنان الأمريكي يزداد أكثر بعد أن نجحت في فرض رئيس لمصر من جماعة الإخوان التي تعلم أمريكا أنه سوف يكون عبدا مطيعا لها.. وبعد أن وثقت في أن الجماعة أصبحت هي المسيطرة على كل شيء في مصر.. 
** ثم وإذ فجأة تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. ورغم ما بذلته أمريكا من جهود وما دفعته من مليارات الدولارات.. 
إذ فجأة وبين يوم وليلة.. يتغيّر الحال وينتفض الشعب ملبيا نداء أطلقه ابن شجاع صادق مخلص من أبناء جيش مصر.. نادى الرجل على الشعب الذي راهن عليه وأراد الاستقواء به بعد ربه.. وإذا بالملايين تلبّي النداء.. 
خرجت الملايين تتصاعد هتافاتها تطالب بتطهير مصر من جماعة الإخوان الظلامية الإرهابية التي خربت مصر ودمرت مصر وخانت مصر وباعت أرض مصر الغالية للعدو.. نادى الرجل على الشعب فنادى الشعب عليه أن ينقذ مصر ويخلص مصر من أعداء الوطن وأعداء الحياة.. 
وفي لحظة وكما الصاعقة وجدت أمريكا نفسها أمام نفس الفعل الذي فعله رجل سابق اسمه جمال عبد الناصر، رجل كان من أبناء جيش مصر استقوى بشعبه ولم يخذله شعبه.. ومن جديد وعلى نفس الأرض.. أرض مصر ظهر رجل هو أيضا من أبناء جيش مصر اسمه عبد الفتاح السيسي، اختار أن يستقوي بعد ربه بشعبه.. فنادى على شعبه، فخرجت الملايين من الشعب ملبية نداءه.. 
وفي لحظة تاريخية فارقة، لحظة هي خلاصة من شجاعة وتضحية بالعمر في سبيل إنقاذ الوطن، وقف الرجل معلنا خلاص مصر من حكم الجماعة الإرهابية الظلامية العميلة.. 
وتزلزلت الإدارة الأمريكية وهاجت وماجت ومعها أوروبا حليفتها وحليفة الصهيونية.. واعتقدوا أن زلزلتهم سوف ترهبنا وأن مصر ستعود راكعة ومنبطحة من جديد.. 
وكانت المفاجأة أن هذا الرجل الذي هو من جيش مصر ورغم ندرة أحاديثه وأقواله، فإنه بثباته وقوته البادية في ملامحه وبأفعاله التي لا يسبقها كلام، بدا للجميع كأنه يقول أن عبد الناصر عاد من جديد ورغم أنف أمريكا.. 
** إنها اللحظة الفارقة التي انتظرتها مصر سنوات طوال.. لحظة وقف فيها رجل من ضباط جيش مصر اسمه عبد الفتاح السيسي يحمل بسمرته وثباته وقوة شخصيته ومصريته الطيبة ملامح شبيهة بملامح عبد الناصر القائد، وقف مثله مراهنا على الشعب ولم يخسر الرهان كما لم يخسره عبد الناصر من قبل..
راهن الفريق أول عبد الفتاح السيسي على الشعب وكان الشعب عند حسن ظنه وأكثر.. واستقوى السيسي بعد ربه بالشعب وما زال.. ووثق الشعب في السيسي وما زال.. وأحب الشعب السيسي وما زال.. وأراده الشعب قائدا لمصر وما زال.. 
** وأصبحت العلاقة بين الملايين من الشعب والسيسي واضحة ومؤكدة هكذا: لبّت الملايين نداءه، وثقت فيه، أحبته، تريده قائدا لمصر..
** وبدت العلاقة بين أمريكا والسيسي واضحة هكذا: فأمريكا التي كرهت في السابق عبد الناصر لأنه قال لها (لا).. هي الآن أيضا تكره السيسي وترفضه قائدا لمصر بعد أن قال لها (لا)..
السيسي أعاد لمصر قدرتها على قول (لا).. فهو وعندما وجد في كلمات وزير الدفاع الأمريكي محاولات تدخل أمريكية جديدة في الشأن المصري قال له بكل قوة ووضوح (إن مصر لا تقبل أي تدخل خارجي أو ضغوط على قراراتها، وإن مصر ماضية في تنفيذ خارطة الطريق كما أيّدها الشعب المصري، وإن مصر لن ترضخ لأي شروط مقابل عودة الدعم مرة أخرى، لأن هذا العصر انتهى، وأن الجيش والشعب قادران على مواجهة الإرهاب سواء في سيناء أو غيرها..). 
والسيسي هنا أمام أمريكا هو رجل يستطيع أن يقول لها (لا) في أي لحظة لأنه يستقوى بشعبه كما استقوى من قبل عبد الناصر بشعبه.. وأمريكا تكره وترفض من يستقوى بشعبه.. وتكره وترفض بل وتحارب بشراسة وبكل الوسائل غير النظيفة كل مَن يقول لها (لا).. وأمريكا تكره وترفض السيسي وسوف تحاربه وتحارب فكرة اختياره قائدا لمصر بكل وسائلها غير النظيفة..
** وأمريكا ترفض السيسي قائدا لمصر لأنه أظهر بأفعاله ودون أن يتحدث حديثا متكررا (رطراطا) أنه منحاز إلى الفقراء والبسطاء.. أنه منحاز إلى الشريحة الكبرى من الشعب، إلى الشريحة التي هي الاكثر وطنية وولاؤها فقط للوطن ولا تعرف من الانتماءات إلا الانتماء للوطن.. وأمريكا تكره من يدينون بالولاء لأوطانهم ومن ينتمون فقط إلى أوطانهم لأن هؤلاء خارج إطار سيطرتها.. وأمريكا تريد أن تكون الشريحة الكبرى من الشعب أكثر فقرا وأشد احتياجا حتى يسهل الوصول إليها وشرائها بأرخص ثمن.. 
وأمريكا ترفض السيسي لأنه خرج عنها في أقواله القليلة، إنه يريد لمصر حاضرا به الكثير من الكد والعمل والعلم والإنتاج والاعتماد على أنفسنا والاكتفاء بإمكانيتنا.. وهو ما يبشر بمستقبل جديد أفضل، مستقبل فيه مصر حرة مستقلة، مصر المالكة لسيادتها، مصر صاحبة القرار، مصر القائدة والرائدة لوطنها العربي.. وهذا في عرف أمريكا الصهيونية أمر غير مسموح به..
** أفعال السيسي الأولى –وهو الذي لم يحكم بعد- وأقواله القليلة التي صدرت عنه تقول إن في قيادته لمصر خطرا كبيرا يهدد أهداف أمريكا في المنطقة وأحلام الصهاينة في السيطرة على المنطقة.. لهذا فقيادة السيسي لمصر أمر مرفوض تمامًا عند أمريكا، وهي مستعدة أن تبذل كل ما يمكن وما لا يمكن لعدم حدوثه.. 
** هذا عن السيسي بالنسبة إلى أمريكا.. فماذا عن المرشحين الآخرين لرئاسة مصر عند أمريكا؟ 
للإجابة عن هذا السؤال لا بد من وضع أمرين محددين أمامنا: 
أولهما: الرفض الأمريكي القوى للسيسي رئيسا لمصر.. 
وثانيهما: هذه الحالة الكبيرة من الثقة والحب لدى الملايين تجاه السيسي ورغبتهم فيه قائدا لمصر.. 
بعد تأمل هذين الأمرين.. أستطيع القول بل الجزم بأن: أي مرشح آخر يفكر في الترشح بقلب قوي وثقة في الفوز، سوف يكون مستمدا قوة قلبه هذه وثقته في الفوز من وعد أمريكي بدعمه ومؤازرته ومساعدته بكل الإمكانيات والسبل للفوز بالرئاسة، تماما وكما فعلوها من قبل مع مرشح الإخوان محمد مرسي.. 
من جديد أكرر: إنه لا يمكن لأي مرشح أن يخوض انتخابات الرئاسة بقلب قوي أمام الفريق السيسي (وهذه الملايين من الشعب وراءه) إلا إذا كان هذا المرشح موعودا بقوة بالدعم الأمريكي له وبضمان فوزه، تماما كما حدث مع مرشح الإخوان محمد مرسي.. 
** والسؤال هنا: هل نقبل نحن شعب مصر برئيس جديد لمصر نعرف ومنذ الآن أنه أتى مدعوما من أمريكا، ومفروض علينا من أمريكا؟ 
** هل تقبل يا شعب مصر من جديد برئيس لمصر هو منذ اللحظة الأولى (عبد مطيع) لأمريكا التي أتت به وفرضته عليك، ورغم أنف ما أرادته وطالبت به الملايين من أبناء مصر؟ 
وإذا قبلت يا شعب مصر بهذا الهوان.. ونجحت أمريكا في ما أرادت وأتت بـ(خيال مآتة) جديد يحكمنا.. فسؤالي هنا:
لماذا إذن قمنا بثورتين؟ ولماذا خلعنا حسني مبارك؟ ولماذا عزلنا محمد مرسي؟!