الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

حدث في مثل هذا اليوم.. 1932 إضراب جامعة القاهرة تضامنًا مع طه حسين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى ٩ مارس عام ١٩٣٢، حدثت حركة احتجاجات قوية فى جامعة القاهرة، اعتراضا على تدخل الملك فى فصل وتعيين عمداء وأساتذة الجامعة، ما اعتبره الطلاب إهانة لكرامة الجامعة.
القصة بدأت قبل ذلك، عندما تقرر إقالة عميد الأدب العربى «طه حسين» من منصبه كعميد لكلية الآداب جامعة القاهرة وقتها، وبعدها استقال المفكر البارز أحمد لطفى السيد من منصبه كرئيس للجامعة اعتراضا على القرار الذى صدر بعد زيارة الملك فؤاد إلى مقر الجامعة، واعتراضه على عدم التصفيق له.
القضية بدأت حينما طلب وزير المعارف حلمى عيسى من الدكتور طه حسين أن يزوره فى مكتبه، فتوجه إليه ومعه الدكتور عبدالوهاب عزام، وفى أثناء الزيارة قال الوزير: «يا طه حسين باعتبارك عميدا لكلية الآداب، نريد منك أن تقدم اقتراحا للجامعة بمنح الدكتوراه الفخرية لعدد من كبار الأعيان منهم «يحيى إبراهيم، على ماهر، عبدالحميد بدوي، عبدالعزيز فهمي، وآخرين».
رد طه حسين: «يا باشا عميد كلية الآداب ليس عمدة تصدر إليه الأوامر من الوزير، أنا لا أوافق على إعطاء الدكتوراه الفخرية لأحد لمجرد أنه من الأعيان، لا أوافق ولا أستطيع حتى أن أعرض هذا الأمر على مجلس كلية الآداب، لأن المجلس لن يوافق، رد الوزير: طيب أنت لا تسمع الكلام، حانشوف مين ينفذ كلامه»، وتم عرض الأمر على مجلس الكلية، فرفض منح الدكتوراه الفخرية للأعيان المذكورين».
وروى الدكتور طه حسين هذه القصة للكاتب الصحفى محمود عوض، وجاء بها فى كتابه «أفكار ضد الرصاص»، وأضاف إليها قصة أخرى عن زيارة الملك فؤاد إلى الجامعة وكلياتها، يرويها طه حسين على النحو التالي: «قبل وصوله سألنى زملائى باعتبارى عميدا للكلية، هل نلقى محاضرات خاصة بمناسبة زيارة الملك؟ قلت: لا كل محاضرة كما هي، وكل أستاذ فى محاضرته المعتادة».
وحينما وصل الملك ودخل أول قاعة للمحاضرات فوجئ بالطلبة يستمعون إلى محاضرة النظام الدستوري، غضب الملك، ثم غضب مرة ثانية، حينما دخل عدلي باشا رئيس مجلس الشيوخ، فصفق له الطلبة أشد مما صفقوا للملك، يستكمل طه حسين سرد القصة لمحمود عوض قائلا: «فى الواقع أنهم لم يصفقوا للملك أصلا، هنا قال الملك فؤاد: كيف يصفق الطلبة لعدلى ولا يصفقون لي؟ هذا عمل من تدبير الملعون طه حسين».
ويقول الكاتب الصحفى سعيد الشحات: «اجتمعت القصتان لتفجير الغضب ضد طه حسين، والتفجير كان يحتاج إلى سبب، والسبب كان جاهزا وهو كتابه «فى الشعر الجاهلي»، الذى أثيرت ضده ضجة هائلة بدأت عام ١٩٢٦، تتهمه فيها بـ«الطعن الصريح فى القرآن الكريم»، ونتج عن ذلك اتهامات بالزندقة والكفر، وتم التحقيق معه من النيابة، وانتقل الموضوع إلى الأزهر ومجلس النواب، وبقيت القضية طوال هذه السنوات تتصاعد تارة وتنخفض تارة أخري، وكان مطلب أعداء حرية الفكر هو طرده من الجامعة ومن أى وظيفة حكومية».
وتولى «إسماعيل صدقي» رئاسة الحكومة، وحسب «محمود عوض»: اختاره الملك فؤاد ليضرب بيد من حديد، ولكى يحكم بيد من حديد فلا بد أن يفعل أشياء كثيرة، من بينها بالطبع كبت أى اتجاه لنشر حرية الفكر، وكان وجوده فرصة يتجدد فيها الطلب القائم من قبل بفصل طه حسين من الجامعة، وقررت بالفعل نقله يوم ٣ مارس من الجامعة إلى وزارة المعارف.
وفى كتاب «الطلبة والحركة الوطنية فى مصر ١٩٢٢ - ١٩٥٢»، الصادر عن «دار الكتب والوثائق القومية - القاهرة»، يقول مؤلفه، الدكتور عاصم محروس عبداللطيف: «تحمل الطلبة مسئولية الدفاع عن استقلال الجامعة بالتصدى لهذا القرار، وتظاهر طلبة الحقوق والآداب والطب، وفشلت محاولات البوليس منع الطلاب من الوصول إلى السراي.
وقرر الطلبة استمرار الإضراب يومى ٩ و١٠ مارس احتجاجا، وأعلن مجلس اتحاد الجامعة برئاسة الطالب يحيى العلايلى أسفه لهذا القرار واعتبره امتهانا لكرامة الجامعة، وفى كلية العلوم عقد الطلاب مؤتمرا برئاسة سكرتير اتحاد الجامعة طالب الحقوق يحيى نامق، ناشدوا أساتذة الجامعة بتقديم استقالتهم أسوة بمدير الجامعة»، وأصبح ذلك الموقف من وقتئذ رمزا لاستقلال الجامعة، ويوم ٩ مارس هو اليوم الشاهد على ذلك.