الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بريطانيا توجه ضربة قوية لـ"ذراع إيران" في لبنان.. تصنيف "حزب الله" كجماعة إرهابية لتطويق سياسات طهران العسكرية في المنطقة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

صادق كل من مجلس العموم البريطانى ومجلس اللوردات البريطانى على قرار بتصنيف حزب الله اللبناني، وأذرعه العسكرية والسياسية كافة كجماعة إرهابية، وبموجب هذا التصنيف سيعاقب القانون البريطانى كل من يدعم أو يساند أو يروج لحزب الله؛ وتصل العقوبة إلى أكثر من عشر سنوات.


جاء التصويت بعد أن أقر البرلمان مشروع القرار لحظر الذراع السياسية للحزب، تجنبًا لاعتراض «جيرمى كوربن» زعيم «حزب العمال» المعارض الذى طرح فكرة الحوار مع «حزب الله». بررت الحكومة البريطانية قرارها بأنه جاء على خلفية استمرار سياسة «حزب الله» فى امتلاك الأسلحة وتخزينها، بما يتنافى مع قرارات مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى دعمهم لإطالة أمد الصراع السوري. ورغم القرار البريطانى؛ فإن هناك تعاطيا حذرا من بعض القوى الأوروبية فى انتهاج نفس الاستراتيجية مع «حزب الله»، تخوفًا من التداعيات العكسية للقرار على علاقاتهم بالحكومة اللبنانية التى تضم ثلاثة أعضاء من الحزب.


ردود الفعل الدولية

أثار القرار البريطانى حالة من الجدل حول مستقبل التعاطى مع «حزب الله» بعد حظر كل أذرعه، بما فيها الجانب السياسي، فعلى الصعيد اللبناني؛ اعتبر «سعد الحريرى» رئيس الوزراء، أن القرار البريطانى يخص بريطانيا وليس لبنان. فيما أوضح «جبران باسيل» وزير الخارجية أن القرار لن ينعكس بشكل سلبى على لبنان لأنهم اعتادوا على هذا الأمر من قبل دول أخرى. فيما أعلنت رئاسة أمن الدولة للسعودية، ترحيبها بالقرار، معبرةً عن تقدير الجهود البريطانية فى اتخاذها القرار الذى ينعكس على استراتيجيتها فى محاربة الإرهاب على الأصعدة كافة. مؤكدة أن السعودية ستستمر فى التعاون والتنسيق مع شركائها للتصدى للتحركات الإيرانية وأذرعها- حزب الله- بما يتوافق مع أمن واستقرار المنطقة. وعلى الصعيد البريطاني؛ أيد «جيرمى هنت» وزير الخارجية البريطانى، القرار، لأن لندن لن تدعم الإرهاب، بالإضافة إلى كونه إشارة واضحة لـ«حزب الله» أن أنشطته المزعزعة لأمن المنطقة غير مقبولة، كما أنها تضر بالأمن القومى البريطاني. مؤكدًا أن العلاقات مع لبنان لن تتأثر، كما أنهم يدعمون استقرار وأمن لبنان دائمًا. وأشادت إسرائيل بالقرار، وحثت الاتحاد الأوروبى كذلك على تصنيف الميليشيا الشيعية اللبنانية والحركات السياسية المدعومة من إيران فى مجملها كمنظمة إرهابية. وعبر «إيمانويل ماكرون» الرئيس الفرنسى، عن رفضه للقرار، قائلًا لن تضع باريس أى حزب لبنانى ممثلًا فى الحكومة على قوائم الإرهاب، رغم اعتبار الذراع العسكرية التابعة لحزب الله منظمة إرهابية، إلا أنها ما زالت تتعاون مع الذراع السياسية الممثلة فى البرلمان، فلديه ثلاث حقائب وزارية من أصل ٣٠ حقيبة وزارية.


مآلات القرار البريطانى

يعد القرار بمثابة تطويق لسياسات طهران وأذرعها العسكرية فى المنطقة بشكل صريح، وذلك فى سياق ما تنتهجه من استراتيجيات معادية، ساهمت فى نشر حالة عدم الاستقرار التى استطاعت توظيف استمراريتها لصالحها. وفيما يتعلق بمستقبل «حزب الله» فمن المتوقع أن يستمر فى تحركاته نتيجة ما يتلقاه من دعم خارجى من بعض القوى الدولية. بجانب احتمالية أن تقوم بعض الدول بضم ذراعه السياسية إلى قوائم الإرهاب وفى مقدمتهم أستراليا؛ حيث أعربت وزيرة خارجيتها عن إمكانية اتباع النهج البريطانى فى التعاطى مع «حزب الله» وتصنيفه بكونه جماعة إرهابية. والجدير بالذكر؛ أن أستراليا قامت بحظر الذراع العسكرية لحزب الله، وصنفته كجماعة إرهابية عام ٢٠٠٣، وفيما يخص القوى الأوروبية، فمن غير المتوقع أن تسير على النهج البريطانى، لأنها تسعى إلى اتباع سياسة الاحتواء مع الفاعلين العنيفين من غير الدول بدلًا من مواجهتهم.

وعلى الجانب الآخر، من المتوقع ألا تتأثر الحكومة اللبنانية بالقرار البريطاني، أو انعكاسه بشكل سلبى على مسيرة العلاقات البريطانية اللبنانية، فقد صنفت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية حزب الله كجماعة إرهابية، ولكنها ما زالت على علاقات وثيقة بلبنان. ولكن لا بد من التأكيد أن التأثير قد يكون داخليا على عملية صنع واتخاذ القرار الحكومي.


دلالات القرار

أسهمت نشأة «حزب الله» المدعوم من قبل إيران فى الثمانينيات، فى بلورة ملامحه وسياساته التى تجاوزت الجانب السياسى والعسكري، نتيجة خوضه عددًا من الحروب الأهلية فى لبنان، ومواجهته لإسرائيل على الحدود اللبنانية الجنوبية، الأمر الذى انعكس عليه بشكل عميق ومنحه قوة كبيرة فى عملية صنع القرار الداخلي، فما زالت الجماعة المسلحة الأقوى فى لبنان متجاوزًا الجيش الوطني.

وفى الآونة الأخيرة، لعب الحزب دورًا بارزًا على الصعيد الداخلى إبان فوزه فى الانتخابات البرلمانية التى جرت فى مايو ٢٠١٨، ومشاركته فى تشكيل الحكومة، بتعين ثلاثة أعضاء فيها. هذا بجانب تحركاته الخارجية المتوافقة مع الأجندة الإيرانية التى عززت من حالة الفوضى، وعدم الاستقرار فى المنطقة.

ويمثل القرار ضربة قوية لـ«حزب الله» وتحركاته التى تنامت مع زيادة حدة الفوضى فى المنطقة العربية، فلم يعد هناك حد فاصل بين كونه حزبًا يمارس السياسة داخل الأراضى اللبنانية، وما بين كونه أحد الأذرع العسكرية التابعة لإيران، الذى يعمل على زعزعة الاستقرار فى المنطقة من خلال تدخله فى الأزمة السورية وتوظيفه لها لخدمة مصالح طهران، كما أسهم فى خلق موطئ قدم لها على المدى الطويل.