الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

البابا تواضروس يحدد أربعة مقومات لنجاح الكهنوت

سيامة كهنة جدد للخدمة
سيامة كهنة جدد للخدمة بكنائس القاهرة وبلاد المهجر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمم قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، صباح اليوم الإثنين، طقس سيامة كهنة جدد للخدمة بكنائس القاهرة وبلاد المهجر. 
جاء ذلك خلال قداس اليوم الأول من الصوم الأربعيني المقدس الذي بدأ اليوم والذي تولى قداسته خدمته بالكاتدرائية الكبرى بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون صباح اليوم.
وجاءت عظة البابا بهذه المناسبة كالتالي: 
في بداية هذا اليوم أهنئكم بالصوم المقدس هذه الأيام الروحية التي نحيا فيها ونقدم صلواتنا مشفوعة بتوبتنا في هذا الصوم التي تمارسه كنيستنا الأرثوذكسية بنسكيات عالية ونعيش في هذا الصوم ما يسميه البعض بربيع الحياة الروحية أو موسم التائبين.
وفي هذا الصوم الأيام التي ننمو فيها ونراجع أنفسنا ونفحص ضمائرنا ونعرف خطايانا ونعترف من أجلها لكي ما يأتي يوم الجمعة الكبيرة وتقول كل نفس مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في.
ومن فرحنا في هذا اليوم وهو أول أيام الصوم أن نكرس في الكهنوت ثلاثة عشر شماسًا لكي ما يكونوا كهنة يخدمون في بعض كنائس القاهرة وفي أوروبا وفي أمريكا وعندما نجتمع جميعًا ونفرح بتكريس هؤلاء الشمامسة ونفرح بأن يصيروا كهنة في كنيسة الله الحي نعرف بأن المسئولية ليست هينة وأن مسئولية الكهنوت ليست بسيطة ولا نكتفي فيها بمظاهر الفرح والسيامة لكنها خطيرة أمام الله.
ومن أجل هذا، الأحباء الشمامسة المزكون للكهنوت جالسين هنا لكي تصل لهم كل كلمة ونحن وقوف أمام مذبح الله وتكون كل كلمة شاهدة على حياتهم وهم يقيمون بالمسئولية التي فيها.
الأمر الأخطر هو إننا يمكن أن نسمي الكهنوت أنه اختبار إيمان. فالمدعو للكهنوت يبدأ اختبار إيمان يستمر معه طوال حياته فهو اختبار إيمان شخصي له.
كلنا تعرضنا لامتحانات معلومة ومحددة التوقيت ولكن عندما يرسم الكاهن يبدأ امتحانًا يستمر معه طوال حياته، إنه بالحقيقة اختبار إيمان. 
وعند دخول أي امتحان يكون غرضنا هو النجاح لهذا أود أن أتكلم مع المرشحين للكهنوت وكل الحضور عن مقومات النجاح في هذا الاختبار، اختبار الإيمان.
وسأحدثكم عن أربعة مقومات لهذا النجاح.. 
المقوم الأول: أهرب من ذاتك: 
في إنجيل هذا الصباح توجد قصة قصيرة يحكيها الإنجيل في أول يوم للصيام وليس عبثًا اختيار هذا المشهد لكي ما يكون في أول يوم للصيام. 
فالمسيح يسير مع التلاميذ وقد سألهم المسيح سؤالًا "ماذا كنتم تقولون وسط الطريق؟" فابتدوا أن يخجلوا لأنهم كانوا يخجلوا في أحد الخطايا العظيمة التي يسقط فيها الإنسان وهي خطية من هو الأعظم فينا؟ تصور التلاميذ المختارين كل واحد منهم مشغول بمن الأعظم وهذا المرض والداء مازال يعمل ويستشري لهذا المقوم الأول في نجاح الكاهن في اختبار الإيمان أو كهنوته أنه أهرب من الذات أو السلطة أو الأنا. 
التلاميذ عندما اختلفوا سويًّا عن من هو الأفضل ويمكن أن يكونوا في كنيسة واحدة ومذبح واحد يجب أن تعلم أن الذات يمكن أن تطيح بك بعيدًا جدًا عن الملكوت. فيجب أن تبتعد عن ذاتك وعن مفهوم السلطة في الخدمة فهذه الكلمة ليس لها وجود في حياتنا الكنسية. أنت خادم لكلمة الله في نفوس شعبك. وعندما نرتدي ملابس الكهنوت السوداء التي تميزنا إنما تذكرنا بتراب الأرض فكأن الإنسان مدفونًا فيها وهذا المعنى لكيما ينتصر الإنسان على ذاته. 
اعلموا أيها الأحباء أن الاتضاع مع أعمال صغيرة خير بكثير من أعمال كبيرة بلا إتضاع. 
فالله لا يهمه الأعمال الكبيرة فالله يبحث عن اتضاعك ثم أعمالك. 
فما المنفعة بأن يهتم الإنسان بالأعمال الكبيرة ويأخذ عنها مديحًا وإستحسانًا وتكون النتيجة أن تنتفخ ذاته ولا يعرف طريقًا للاتضاع. 
إذن الكهنوت اختبار إيمان وأول شئ تعمله فيه أنك تذاكره وتعيشه وتدرسه كل يوم أنك تجاهد ضد ذاتك وأنانيتك. تهرب من أي شكل من أشكال السلطة. تهرب من الأنا الداخلية. اسمعوا معي القديس بولس الرسول بعدما عرف الإيمان واختبر المسيح قال هذه العبارة التي نرددها جميعا "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقويني" أنا لا أستطيع أن أفعل شيئا لكن بإيماني بالمسيح وإنكاري لذاتي أستطيع أن أعمل كل شئ. هذا هو المقوم الأول.
المقوم الثاني: اهتم بأمانتك ونقاوتك الشاملة: فالكاهن عندما يخدم ويوجد في الخدمة يشبه الطبيب الذي يستعد لإجراء عملية جراحية فقبل أن يبدأ يجب أن يدخل غرفة تعقيم ويعقم كامله، من رجليه لشعر رأسه وإلا سيوجد خطورة على المريض. فأعلم أنك مقدم على خدمة النفوس ورعايتها والإيمان بيها فيجب أن تكون نقيًا وأمينًّا. يجب أن تكون نقيًّا في كل المجالات، في علاقاتك مع كل الناس كبار أم صغار رجال أم نساء كثيري الحضور في الكنيسة أم لا. يجب أن تكون نقيًّا كليًّا. فالنقاوة ليس فيها درجات يجب أن تكون نقيًّا في علاقتك بالمال لئلا يفسد كهنوتك وتصير حاملًا لصورة الكهنوت ولكنك لا تملك قوته. يجب أن تكون نقيًّا وأمينًا في كل تعليم تقدمه. التعليم الذي نقدمه في كنيستنا مبني على الكتاب المقدس وأقوال الآباء وسيرهم وتفسيراتهم وقوانين الكنيسة التي نعيش فيها. يجب أن تكون أمينًا إلى أقصى درجة. والنقاوة ليست بها نسب هي شاملة. وبالتالي أهتم لكي ما تنجح في إختبار الإيمان أن تكون نقاوتك مئة بالمئة. ستختلف خدمة الآباء منهم من سيخدم لوحده بالكنيسة أو مع آباء آخرين منهم من سيخدم في مناطق شعبية، في كل هذا يجب أن يكون الإنسان أمينًا إلى المنتهى "كن أمينا إلى الموت فسأعطيك أكليل الحياة.
المقوم الثالث: ارع رعيتك بالأبوة والافتقاد: شغلتنا ككهنة في الأساس هي تقديم الأبوة فهي احتياج لكل إنسان فكل إنسان يحتاج أن يرى هذا في الأب الكاهن لهذا نلقبه بـ "أبونا" وكل إنسان يحتاج للافتقاد والسؤال. ليس المرضى أو الحزانى أو المتعبين فقط ولكن كل أحد. لذلك المقوم الثالث للنجاح في اختبار الإيمان أن ترعى شعبك بالأبوة حتى لو كنت صغير السن مجرد إنك تترسم تصير أبونا فمن هو أكبر سيقبل يديك لذلك يجب أن أبوتك تستمدها من محبتك للمسيح. 
الأبوة لها معاني عميقة جدًا حتى عندما نخاطب الله نقول "أبانا الذي في السموات". كل يوم قبل خروجك من البيت صلى طالبًا من الله نعمة الأبوة وتمارسها لذلك نختار الكاهن متزوجا لديه أبناء حتى يكون قد اختبر في النطاق الضيق الأبوة الجسدية ثم تمتد إلى الأبوة الروحية في الرعاية والخدمة. ارع شعبك بالأبوة والأفتقاد وكيف أن تبتكر وسائل لتصل إلى كل أحد. أحيانا يخطئ الخادم في مدارس الأحد عندما يستلم كشف أسماء المخدومين. وعندما يغيب أحدهم يحذفه من الكشف فيتقلص العدد كل سنة. فبعد مضي أعوام قليلة يجد أن الأولاد الذي يخدمهم تشتتوا دون أن يعلم ما هو مصيرهم. أما الكاهن الواعي، الكاهن الأب، الكاهن الحقيقي فهو يعرف خاصته تمامًا يفتقدهم. لكن قبل كل شئ من خلال الأبوة. الأبوة التي تظهر في السؤال والافتقاد والاهتمام.
المقوم الرابع: ارفع قلبك بالصلوات الحارة: فالكاهن وظيفته مصلي. كل واحد فينا له وظيفة ووظيفة الأب الكاهن الأوليه والأساسية هي الصلاة. وليست كعمل روتيني لكن حقيقة بحرارة القلب نرفعها أمام الله. ليست صلوات بالشفتين فقط والقلب مبتعد عن الله وليست صلوات روتينية يقوم بها لأنها دوره فقط. ارفع صلواتك باستمرار واعتمد على الصلاة وهذه الصلوات الطقسية أو السرائرية أو الليتورجية أو الفردية ارفعها بحرارة.
هذه الصلوات هي اعتمادك وزادك ونجاحك فبالصلوات تستطيع أن تصنع العجب وتتوب النفوس بالصلوات تستطيع أن ترعى كل أحد فهي أعتمادنا وإتكالنا. 
وفي الصوم الكبير نقول "الصوم والصلاة هما اللذان يخرجان الشياطين" شيطان الذات شيطان الخطايا الخفية والظاهرة هذه الشياطين كلها يمكن أن تخرجها بالصلاة والصوم.
إذن أيها الأحباء المزكون للكهنوت لتعلموا أنكم عندما تنالون هذا السر أنما تبدأون امتحانًا يستمر معكم طوال الحياة هو اختبار الإيمان ولكيما تنجح يجب أن يكون لك هذه المقومات الأربعة: 
- اهرب من ذاتك 
- اهتم بنقاوتك الشاملة 
- ارع رعيتك بالأبوة والافتقاد 
- ارفع صلواتك بقلبك وبحرارة روحية.
طبعًا لكي ينجح الأب الكاهن في خدمته يجب أن يصلي من أجله كل الناس فليست خدمة الكاهن خدمة بسيطة وتكريس النفس أمام الله في كنيستة المقدسة عمل عظيم لذلك يجد من يحاربه ومن ينتقده ومن يشوه صورته. وهذه ليست الآن فقط لكنها منذ أيام المسيح. لذلك يجب على الرعية أن تصلي بحرارة من أجل خدمة الأب الكاهن.
نشكر الله أنه أعطانا أن نأتي لهذه الساعة ونشكر دير القديس العظيم الأنبا بيشوي ونيافة الحبر الجليل الأنبا صرابامون أسقف ورئيس الدير وكل الآباء الرهبان. فنحن ضيوف عندهم نأخذ بركة الدير وبركة الآباء وبركة الأرض المقدسة هنا.
ويشاركني في هذا كل الآباء الأساقفة الحاضرين معنا وكل الآباء الكهنة والشمامسة وكل الحضور.
نشكر الله أنه يعطينا هذه النعم الكثيرة ويعطينا فرح أن تكون كنيستنا دائمًا مثمرة وكنيسة ولود تلد أبناء أحباء. 
وكل أب كاهن مرتبط بأسرته فالتكريس ليس فقط للأب الكاهن ولكن لزوجته وأولاده فهم المساعد الأول في نجاح خدمته.