الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"الحسين بن علي".. سيد شباب أهل الجنة

مقام الحسين
مقام الحسين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ"، بتلك الكلمات خلد النبي صلى الله عليه وسلم مكانة حفيده من فاطمة الزهراء، وأحد شباب أهل الجنة في نفوس أهل الإسلام علي اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، فللحسين بن علي مكانة خاصة عند أهل السنة والمتصوفة والشيعة أيضًا، ويعد مولده ذكري يحتفي بها أهل الأرض، سواء من خلال احتفالات تقام في ربوع الوطن العربي وفي مقدمتها مصر بساحة مسجده القائم بحي الجمالية، أو من خلال مرقده الشريف بالعراق حسبما يحتفل الشيعة.
ولد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، في عام 625 للميلاد، بالمدينة المنورة، ونشأ في بيت النبوة، حيث لأب هو أول من أسلم من الصبية الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وأمه هي سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ابنة رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، سماه الرسول حسينًا بعدما أراد والده تسميته حربًا، فعن علي قال: "لما ولد الحسن جاء رسول الله فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت: سميته حربا. قال: بل هو حسن. فلما ولد الحسين قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربًا. قال: بل هو حسين. فلما ولد الثالث جاء النبي قال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلت سميته حربًا قال: هو محسن. ثم قال: إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر"، وقام النبي وأذن في أذنيه بالصلاة،وأقام له عقّيقة ذبح خلالها كبشًا كما فعل مع أخيه الحسن.
قال عمران بن سليمان:"الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية"، وجاءت الروايات أن فاطمة كانت تحلق شعر أبنائها في اليوم السابع من ولادتهم وتتصدق بوزن الشعر فضة على المساكين وأهل الصفة، دفعته إلى أم الفضل بنت الحارث زوجة العباس لترضعه، وقيل أنها رأت رؤيا قبل مولده، فيروى عنها أنها قالت:"يا رسول الله رأيت في المنام كأن عضوا من أعضائك في بيتي أو قالت في حجرتي، فقال تلد فاطمة غلامًا إن شاء الله، فتكفلينه، فولدت فاطمة حسنًا فدفعه إليها فأرضعته بلبن، فجئت به يومًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبال على صدره فدحيت في ظهره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهلًا يرحمك الله أوجعت مشهور، فقلت ادفع إلي إزارك فأغسله، فقال: لا صبي عليه الماء فإنه يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية".
أطلق عليه النبي لقب سيد شباب أهل الجنة فقال:"الحسَنَ والحُسَيْنَ سيِّدا شبابِ أَهْلِ الجنَّةِ"، وهو خامس أصحاب الكساء، كنيته أبا عبد الله، ولُقّب بعدد من الألقاب منه "السبط، سيد شباب أهل الجنة، ريحانة رسول الله، الشهيد، سيد الشهداء، الزكيّ، الطّيب، الوفي، السّيد، والمُبارك".
ويتمتع الحسين بمكانة كبيرة عند عموم المسلمين بمختلف طوائفهم، وذلك لأنه حفيد النبي محمد وابن ابنته فاطمة، وحِبُه وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة، وخصَّه النبي بقوله أنه منه، وغيرها من الأوصاف التي تصفه بها الأحاديث النبوية، ولا تختلف طوائف المسلمين حول هذه النقاط، ومن هذه الأحاديث: وصفه أنه من النبي والنبي منه، فعن يعلى بن مرة قال:"قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنْ الْأَسْبَاطِ"، وعن أبي هريرة قال:"سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي"، وروي عن عبد الله بن مسعود قال:"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا أَرَادُوا أَنْ يَمْنَعُوهُمَا أَشَارَ إِلَيْهِمْ:أَنْ دَعُوهُمَا فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ وَضَعَهُمَا فِي حِجْرِهِ. فَقَالَ:مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّ هَذَيْنِ".
كما عدد في وصفه كثير من الصحابة ومنهم الإمام علي حيث قال:"كان الحسن أشبه الناس برسول الله من وجهه إلى سرته، وكان الحسين أشبه الناس به ما أسفل من ذلك"، وقال أيضًا: "الحسين أشبه برسول الله من صدره إلى قدميه، وعن عمرو بن العاص الذي قال:" هذا أحب أهل الأرض إلى أهل السماء اليوم"، وقال عنه عن أبي المهزم: "كنا مع جنازة امرأة، ومعنا أبو هريرة، فجيء بجنازة رجل، فجعله بينه، وبين المرأة، فصلى عليهما، فلما أقبلنا أعيا الْحُسَيْن، فقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب، عن قدميه بطرف ثوبه، فقال الْحُسَيْن: يا أبا هريرة، وأنت تفعل هذا، قال أبو هريرة: دعني فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك عَلَى رقابهم".

ويعتقد أهل السنة أن أهل البيت تجب محبتهم وموالاتهم ورعاية حقوقهم، وأن المسلمين مأمورون بالصلاة عليهم مع الصلاة على النبي، وأنّ لهم حقًا في أداء الخمس من المغنم والفيء، فعن عائشة بنت أبي بكر قالت: "خرج النبي غداة وعليه مرط مرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم دخلت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليُّ فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
روى عن النبي عدة مرويات أنه أخبر بأن الحُسين سيُقتل، منها أن جبريل أو ملك المطر أخبره بذلك، ومنها أنه رأي رؤيا بذلك، حيث روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أنس بن مالك قال: "اسْتَأْذَنَ مَلَكُ الْمَطَرِ أَنْ يَأْتِيَ النَّبِي فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ لأم سلمة رضي الله عنه: "احْفَظِي عَلَيْنَا الْبَابَ لَا يَدْخُلْ أَحَدٌ"، فَجَاءَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، فَوَثَبَ حَتَّى دَخَلَ فَجَعَلَ يَصْعَدُ عَلَى مَنْكِبِ النَّبِيِّ فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: أَتُحِبُّهُ؟، فقال النبي: نَعَمْ، قال: فَإِنَّ أُمَّتَكَ تَقْتُلُهُ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ الْمَكَانَ الَّذِي يُقْتَلُ فِيهِ، قال: فَضَرَبَ بِيَدِهِ فَأَرَاهُ تُرَابًا أَحْمَرَ، فأخذت أم سلمة ذَلِكَ التُّرَابَ فَصَرَّتْهُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهَا، قال: فَكُنَّا نَسْمَعُ: يُقْتَلُ بِكَرْبَلَاءَ."، وروى البيهقي في سننه عن أم سلمة أنها قالت: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ اضْطَجَعَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَرَقَدَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ خَاثِرٌ، دُونَ مَا رَأَيْتُ مِنْهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، ثمَّ اضْطَجَعَ وَاسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ تُرْبَةٌ حَمْرَاءُ وَهُوَ يُقَلِّبُهَا، فقلت: مَا هَذِهِ التُّرْبَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: "أَخْبَرَنِي جبريل أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ - لِلْحُسَيْنِ -"، قال: قلت له: يَا جِبْرِيلُ، أرِنِي تُرْبَةَ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، فَهَذِهِ تُرْبَتُهَا"، وكذلك قوله: «لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا، فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ"،وأخرج ابن السكن والبغوي عن أنس بن الحارث الكاهلي عن النبي محمد أنه قال: "إن إبني هذا - يعني الحسين - يقتل بأرض يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره".
استشهد الإمام الحسين في العاشر من شهر محرم 61 هـ، 10 أكتوبر 680 للميلاد، في موقعة كربلاء، ودفن جسده بها، وقيل نقل إلي البقيع، كما شهدت رأسه الشريف تعدد الروايات حول مكان دفنها فقيل كربلاء، وقيل دمشق، وقيل عسقلان ومنها إلي القاهرة حيث المسجد القائم باسمه في حي الجمالية بمواجهة الجامع الأزهر.