الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مات زياد .. الطفل الطبيب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"ربنا يشفيني.. نفسي أكون دكتور.. تعالوا زوروني تاني وهاتولي حاجة حلوة".. بهذه الكلمات أبدأ مقالي عن الدكتور الطفل زياد خالد، والذي قابلته يوم الأحد التاسع من سبتمبر الماضي، كنت ضمن الوفد الذي ذهب لتقديم دعم لمركز الكلى بالمنصورة، وبعد الانتهاء من زيارة المركز، ذهبت مع الوفد لزيارة مستشفى الأطفال الجامعي بالمنصورة لنلتقي الدكتور زياد خالد الطفل الذي توفي وعمره 12 عامًا، حيث كان يعاني من مرض نادر جعله يتردد على المستشفى لأكثر من 6 سنوات. 
وكما كان يلقبه الجميع هناك بـ"الدكتور زياد"، فهو يرافق جميع الزائرين، يعرّفهم على أقسام المستشفى وحجراته، يبتسم في وجه الجميع، كان لديه ذكاء عالٍ جدًا، وتركيز فيما يدور حوله.
وتمنى زياد قبل وفاته أن يصبح طبيبا ومديرا للمستشفى الذي يعالج به، وهو ما تحقق فعليا حينما نفذ مدير المستشفى أمنيته بتفصيل بالطو أبيض له يتجول به داخل المستشفى وجلوسه بمكتب مدير المستشفى إلى أن توفي إثر انتكاسة حالته الصحية.
والدة زياد مصرية أصيلة مؤمنة بقضاء الله؛ لأنه طفل ضمن ثلاثة أطفال يعانون من نفس الحالة، وتواجه نفس المشكلة فهي لا تجد في كل مرة سريرا متاحا للأطفال الثلاثة في المستشفى.
هذا حال طفل ضمن أطفال كثيرة لديهم أمراض عديدة لا يقدرون على السفر للعلاج بالخارج، ويحاولون إيجاد سرير في مثل هذه المستشفيات لكن كلنا نعلم أن المريض ممكن أن يموت لعدم وجود سرير.
وجدت هناك تعاملا آدميا واحتراما للجميع، فإدارة المستشفى تعطي للأمهات زيا موحدا حتى لا يكون هناك فرق بين الغني والفقير.

وحدث مع أبي موقف في مستشفى المبرة بالمحلة الكبرى، تركته يوم الأحد فجرًا، وتوجهت إلى عملي بالقاهرة، وعند الساعة العاشرة صباحًا كان لديه جرعة علاج، وقبل أن يأخذها دخل في غيبوبة ونُقل الى المستشفى، واتصل بي أقاربي لأذهب مسرعًا إلى المستشفى، وعندما وصلت دخلت إحدى الممرضات لتقيس الضغط لوالدي، وعند خروجها كان تعبير وجهها استغراب واستعجاب خرجت وراءها حتى وصلت إلى غرفة التمريض، وعند سؤالها عن حالة والدي قالت لي بصوت عالٍ: "حالته تحتاج عناية مركزة مش سرير عادي"، فقمت بإجراء بعض الاتصالات هنا وهناك حتى توفر سرير بالعناية المركزة بمستشفى المحلة العام، وكانت حالة والدى تستدعي عناية مركزة باطنة إلا أن "الواسطة" وفّرت له سريرا بالعناية المركزة قلب.
وكان هناك موقف آخر خلال الأسبوع الماضي عندما كنت أكشف "نظر" بمستشفى فاروق بالمحلة، وقالت لي الفنية أو الممرضة الموجودة: إن نتيجة الكشف ستظهر بعد ساعتين، وعند سؤالي لها: لماذا؟ أوضحت أن إمضاء المديرة يحتاج ساعتين، ولأن الدكتورة كان عندها كورس شمس مع الزملاء في حوش المستشفى، ذهبت إلى المديرة فنزلت ومضت الورقة في دقيقتين.
أتمنى النظر إلى المنظومة الصحية في مصر؛ فالصحة أغلى ما يملكه الإنسان، فالعبث بحياة إنسان لا يُرضي الله سبحانه وتعالى، فهناك فرق كبير بين مستشفى الأطفال الجامعي بالمنصورة الذى فعليا لديه اهتمام كبير بكل من يذهب إليه، وبين موقفين في مستشفى المبرة وفاروق بالمحلة الكبرى.