أكد السفير عزت البحيري رئيس الجمعية المصرية للأمم المتحدة أن قضية الهجرة غير الشرعية تتسم بأهمية خاصة محليا وإقليميا ودوليا.
جاء ذلك في كلمة السفير البحيري أمام الندوة، التي نظمتها الجمعية المصرية للأمم المتحدة مساء السبت بعنوان "الهجرة غير الشرعية من مصر ووسائل مكافحتها"، بمشاركة السفيرة نيفين الحسيني مدير شئون الهجرة واللاجئين ومكافحة الاتجار بالبشر بوزارة الخارجية، والدكتور صابر سليمان مساعد وزير الهجرة للتطوير المؤسسي والمصريين بالخارج، وبحضور عدد من الدبلوماسيين والمثقفين والمهتمين بهذه القضية.
وقال السفير البحيري إن قضية الهجرة غير الشرعية تكتسب أهمية محلية نظرا لأن مصر كانت تعتبر إحدى نقاط الانطلاق مما تسبب في قلق دولي ولا سيما أوروبي، وأهمية إقليمية لكون الراغبين في الهجرة يأتون من الدول المجاورة لمصر، مضيفا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أولى أهمية قصوى لهذه القضية، ونتيجة لذلك لم يغادر قارب واحد محملا بمهاجرين من مصر إلى أي دولة منذ سبتمبر 2016.
وأضاف أن نجاح مصر في محاربة الهجرة غير الشرعية يأتي نتيجة الإجراءات الأمنية ومشاريع التنمية خاصة في الأماكن التي كان يخرج منها المهاجرون، حيث تم إنشاء مصانع ومزارع سمكية وتشغيل الشباب حتى لا يفكر في ترك بلاده.
من جانبها، قالت السفيرة نيفين الحسيني إن موضوع الهجرة غير الشرعية أحد الموضوعات التي تشغل الساحة الدولية وإن القضاء عليها يستوجب التنسيق والتعاون بين الوزارات ومنظمات المجتمع المدني، نظرا الى أن المهاجر هو إنسان وله مطالب، حيث لا يمكن معالجة هذه القضية أمنيا فقط بل يجب التعامل معها بشكل شامل.
ولفتت إلى أن الهجرة غير الشرعية ظاهرة قديمة، إلا أنها زادت بشكل كبير عقب ما يسمى بالربيع العربي، لا سيما في اتجاه الدول الأوروبية ذات الأجور المرتفعة، ومع غرق المراكب وفقدان الأرواح بدأ الحوار والتحرك حول كيفية التعاون الدولي لوضع حد لهذه الظاهرة، وتم إصدار إعلان نيويورك الخاص باللاجئين والمهاجرين الذي أوصى باتفاق قدم إطارا لحوكمة التعامل مع الهجرة ومنها احترام حقوق الإنسان المهاجر وإدماجه بالمجتمع ومنع التمييز وكذلك احترام المهاجر لسيادة وقوانين الدولة.
وقالت إن هناك نحو 10 ملايين مهاجر مصري في الخارج، 70% منهم بدول الخليج العربي، 15% في أوروبا و13% بأمريكا الشمالية والباقي بأماكن متفرقة، أسهموا عام 2018 بنحو 27 مليار دولار في الدخل، مضيفة أنه يتواجد بمصر حوالي 5 ملايين مهاجر منهم 2 مليون سوداني منذ نحو عقدين من الزمن، ولا سيما بسبب اتفاقية الحريات الأربعة، ومليون سوري ونصف مليون ليبي، وأعداد أخرى من العراق واليمن والصومال وإريتريا.
وتابعت أن بعض هؤلاء دخلوا مصر بشكل شرعي والبعض الآخر بطريقة غير شرعية، إلا أن هذه الظاهرة توقفت بفضل الاجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ سبتمبر 2016 وإحكام السيطرة على الحدود ومنع خروج ودخول المهاجرين من السواحل المصرية، مشيرة الى أن المهاجر غير المصري الذي لا يستطيع العبور عبر أراضينا يظل بمصر لأن وضعها أفضل من الأوضاع في بلاده.
وشددت السفيرة نيفين الحسيني على أن لمصر سياسة معروفة في قضية الهجرة واللجوء، حيث أنها ترفض إقامة معسكرات وتترك المهاجرين واللاجئين يندمجون بالمجتمع ويعيشون بحرية، حتى أن هناك لاجئين سوريين بألمانيا جاءوا الى مصر، وهذا كان محل إشادة دولية بتعامل مصر الطيب مع المهاجرين واللاجئين على أرضها.
وأشارت الى أن مصر تتعامل مع الهجرة من منطلق تنموي وتشارك وزارة الخارجية في حوار مع شركائها الدوليين سواء دول مثل ألمانيا وإيطاليا أو منظمات مثل منظمة الهجرة الدولية لمعالجة الأسباب الجذرية وعمل مبادرات وخلق فرص عمل وتطوير العشوائيات، فضلا عن إحكام السيطرة على الحدود والتصدي لعصابات الاتجار وتهريب البشر.
وأوضحت أن سفارات وقنصليات مصر بالخارج تفتح أبوابها أمام كل مهاجر مصري حتى لو كان مهاجرا غير شرعي لمساعدته على العودة الطوعية أو لحمايته في حالة استغلاله.
وذكرت بدور اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، والتي تضم 26 ممثلا عن الوزارات والهيئات والجهات والمجالس والمراكز البحثية، حيث تم وضع استراتيجية مدتها عشرة أعوام وبرنامج عمل لمدة عامين لمكافحة الاتجار بالبشر، فضلا عن عمل تدريبات للضباط والقضاة حول كيفية التعامل مع ضحايا الاتجار.
من ناحيته، قال الدكتور صابر سليمان مساعد وزير الهجرة إن كل وزارات وأجهزة الدولة المصرية تعمل معا في ملف الهجرة غير الشرعية وعلى ايجاد الحلول الجذرية، موضحا أن هناك جزء كبيرا يتعلق بجهود التوعية لا سيما في المحافظات، حيث تؤكد الدراسات أنها الأكثر عرضة لهذه الظاهرة.
وأكد أن الهجرة غير الشرعية لا ترتبط فقط بالبطالة أو بالأمية بل إن هناك من يقبل عليها بالرغم من مستواه التعليمي والاقتصادي الجيد، وذلك بسبب تطلعاته في ظل عدم وجود فرص هجرة شرعية.
وقال إن وزارة الهجرة بحثت عن الحلول والمسارات البديلة وسبل الهجرة الآمنة مثل تقديم عقود عمل وتأهيل مهني بالتعاون مع الوزارات المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية.
وأضاف أن وزارة الهجرة تتعاون كذلك مع وزارة التخطيط حيث وضعت خريطة للأماكن الأكثر احتياجا والمستهدفة، وقدمت تدريبا للشباب بمقابل مادي ثم المساعدة على العمل بعد انتهاء التدريب.
واستعرض الدكتور صابر سليمان جهود الوزارة لمحاربة الهجرة غير الشرعية حيث قامت بحملات توعية ووجهت رسائل عن طريق الإعلام، ووفرت التدريب المهني والحرفي، فضلا عن التعاون مع وزارتي الدفاع والداخلية من الناحية الأمنية لضبط الشبكات الدولية التى تعمل في التهريب والاتجار بالبشر، مضيفا أن لا أحد ينكر الجهود والنتائج الكبيرة التى وصلت إليها مصر في هذا الملف.
ولفت إلى تعاون وزارة الهجرة مع وزارة الخارجية في العهد الدولي لهجرة آمنة ومنظمة ومنتظمة، وهي مساهمة مصرية قوية تطرح سياسة حوكمة الهجرة وإشراك المهاجرين في التنمية، بالاضافة الى التعاون مع وزارة التعليم الفني لخلق خريجين مؤهلين للمعايير المهنية الدولية أي بشكل معتمد دوليا.
وكشف عن الإعداد لإنشاء أول مركز مصري ألماني للهجرة لتقديم المساعدة لمن يرغب في الهجرة أو يساعد العائدين من الخارج ويقدم لهم حلولا دائمة ومتكاملة، وذلك بالتعاون والتنسيق مع كافة الجهات بالدولة.
واختتم الدكتور صابر سليمان بأن النسخة الخامسة من مؤتمر (مصر تستطيع بالاستثمار) المقرر انعقاده في يونيو المقبل والذي اتفقت السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الدولة لشئون الهجرة وشئون المصريين في الخارج مع الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي، على تنظيمه، سيطرح كل القضايا المتعلقة بالمصريين في الخارج وقضية الهجرة.