السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

مشورة أسرية.. الوعي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كتب: إميل لبيب - متخصص مشورة أسرية.

تعرف الأشياء بصفاتها أو أضدادها، بمعنى أن لكل شىء صفات تميزه عن غيره من باقى الأشياء تسهل التعرف عليه وتمييزه عن البقية، أو يمكن تعريفه بالمقارنة بما هو ضد له، فاللون الأبيض عكس الأسود والعكس صحيح، فإذا لم تتمكن من معرفة أحدهما فلن تتمكن من معرفة الآخر.

وكما يقولون لا تعرف قيمة الصحة إلا من خلال المرور بتجربة المرض، ويعرف السلوك المشكل بأنه هو الشاذ عن السلوك السوى، لذلك لا يستطيع المريض النفسى أو غير السوى نفسيًا إدراك مرضه، لأنه يحتاج درجة من الوعى لا يمتلكها وهو مريض، فمن يعانى نفسيًا أو مضطرب سلوكيًا لا يستطيع تمييز مرضه، فهو فى عين نفسه «زى الفل» والآخرون هم المرضى أو يخطئون فى تفسير سلوكياته وتأويل كلماته.

فأول خطوة فى طريق التعافى هو إدراك الشخص لمرضه، واعترافه بحاجته للتغيير، مسيرة تبدأ بالإدراك، والإدراك فى حد ذاته تعافٍ، وكأنها دائرة ملتحمة فى بعضها البعض، بدايتها الإدراك، ومحيطها الفهم، ومحتواها تعاف، ومضمونها النضج النفسى.

فالتعافى ليس نقطة وصول، لكنه محطات تسلم بعضها البعض، وكلما خطوت خطوة فى اتجاهه، أدركت أن هناك المزيد يجب أن تسعى إليه، مسيرة ليست هينة وشاقة تبحث فى دفاتر العمر القديمة وتنبش فى الذكريات المكبوتة للبحث عن أسباب المرض ومعوقات النضج.

وكأن الفرد يبحث بيديه فى ماضيه المؤلم ليثور على السطح الألم والأحزان، فنتألم لنشفى، ألم النمو، ووجع الكبران، فلكى يشفى الجرح لا بد من أن يطهر، ويكوى ويخيط بخيوط من وعى وفهم، فمن يقبل على مخاطرة التعافى، لا بد أن يتملك شجاعة السعى للألم وإعادة تكرار تذكر الأوجاع، وهو ما يهرب منه وتتجنبه الأغلبية مفضلة ألم المرض، عن تألم التعافى، وهو قرار فى حد ذاته اختيار مريض، لأنه لا يمتلك من الوعى ما يجعله يختار تعافيه.