الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

رئيس المركز الإسلامي بنيويورك لـ"البوابة نيوز": القانون المبني على اجتهاد شرعي معتبر يقضي على فوضى الفتاوى.. دويدار: الأنظمة السابقة تركت مسلمى المهجر لشيوخ الدم والدول الراعية لهم لتشويه الإسلام

رئيس المركز الإسلامى
رئيس المركز الإسلامى بنيويورك لـ"البوابة نيوز"
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدولة قضت على سبوبة وبيزنس المتاجرة بالدين.. القنوات المتطرفة حولتنا لدولة فتاوى
تربطنى علاقة صداقة بكبير حاخامات اليهود بنيوريوك.. التفاهم حول المصالح المشتركة سبب تحاورى معهم
أهديت جورج بوش "سبحة البابا شنودة الثالث"
ترامب ورؤساء الغرب يؤمنون بسماحة الإسلام لكن السياسة ومصالحهم تقود توجهاتهم
أعيش فى أمريكا منذ 25 عاما ولم أجد بعثة دعوية قوية
لا يوجد فى الإسلام رجل دين

يدور الحديث دائما عن صورة الإسلام فى العالم، فرغم سماحة الدين الحنيف، إلا أن صورته لدى الكثير من مواطنى الغرب ملطخة بالدماء والتطرف والحرق والنار، وذلك نابع من تصرفات بعض أبنائه، الذين انحرفوا عن القيم الإسلامية السمحة، لتحاور «البوابة نيوز» الدكتور أحمد دويدار، رئيس المركز الإسلامى بنيويورك، للوقوف على صورة الإسلام لدى الغرب ومشاكل مسلمى المهجر.
فإلى نص الحوار..

< لماذا فشل 11 مليون مسلم فى أمريكا فى تكوين «لوبي» مثل 3 ملايين يهودي؟
- يُسأل فى هذا المسلمون أنفسهم، وهذا السؤال لا يستطيع شخص أن يرد عليه، ولا أرى أى عيب فى أن تستطيع أى مجموعة تنتمى لدين ما أن تطور نفسها لتحقيق مصالحها، بشرط ألا تجور على مصالح الآخرين.
< وما علاقة المسلمين باليهود فى أمريكا؟
- يجب أن نفرق بين أصحاب الدين اليهودى، وأصحاب المشاريع السياسية، وفى الفريق الأول أناس فى منتهى الاحترام، ولنا منهم أصدقاء، وبيننا وبينهم جيرة ومواقف أخرى فى التحاور بين الأديان، ولا نرى منهم إلا الأدب الشديد والالتزام بالقانون للدولة التى نعيش فيها، وهذا سر نجاح أمريكا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والإنساني.
< أقمت حوارًا مع اليهود فى أمريكا، ما السبب وراء هذا؟
- الدين مبادئه لا تختلف، وإنما الاختلاف يكون فى الشريعة، فكثيرون يختلط عليهم الأمر ويفسرون قول الله تعالى: {إن الدين عند الله الإسلام}، فى الرسالة التى نزلت على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وقرأت فى تفاسير محترمة عدة، أن الإسلام بالمعنى العالمى الكونى، إنه الدين الواحد الذى ارتضاه الله لعباده منذ خلق آدم حتى خاتم الأنبياء محمد، ولم تختلف فيه المبادئ ولم تتبدل فيه الأوامر والنواهى، إلا فى تفاصيل منهجية بسيطة، ما يؤكد هذا الآيات الأخيرة من سورة البقرة فى قول الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}، وهذا يعنى أن المسلم لا يكمل إيمانه إلا إذا دخل فى عقيدته كل ما جاء من قبل على يد الرسل والأنبياء.
< لكن هناك حملات شرسة تعادى الإسلام فى أمريكا والغرب، فمن وراءها؟
- بعض الخطوط الفكرية تعمل على تشويه صورة الإسلام، وتصفه بأنه دين دم وتطرف، فهم لهم توجهات سياسية وانتماءات لدول معينة، مقابل حصولهم على تمويلات، والإدارات الأمريكية تبحث عن مصلحة اقتصادها وشعبها.
ولكن، يكمن لديهم حقائق الدين الإسلامى والمنطقة العربية، والسياسيين بما فيهم دونالد ترامب، نفسه، يعرفون قدر الإسلام والمسلمين، ولديهم صداقات وشراكات تجارية عدة معهم، ونحن يسعدنا ذلك، وبعض رؤساء الغرب، يعلمون أن الدين الإسلامى دين سمح وكثير من النصوص نزلت لخدمة ظروف معينة، ولا يجب أبدا إسقاطها على كل شىء، لكن السياسة تخدم مصالحهم.

< يشكو الكثير تجاهل الدولة لأبناء المهجر، فأين تكمن هذه الأزمة؟
- أعيش فى أمريكا منذ 25 عاما، ولم أجد بعثة دعوية قوية، تستطيع أن تغطى احتياجات الجاليات هناك، هناك ندرة فى الكفاءات التى ترسل، ما يؤثر فى نشر القيم الإسلامية السمحة، وطوال حياتى فى أمريكا لا أسمع عن بعثة مستمرة، بل هى زيارات متقطعة لبعض العلماء، أذكر منها زيارة فضيلة الدكتور أحمد الطيب، والدكتور القوصى، والدكتور محمد كمال إمام منذ 14 عاما، وشرفت بصحبتهم بعض الوقت.
إن الدعاة المبتعثين إلى الغرب، كل ما يفعلونه هو قراءة القرآن فقط، دون وجود بصمة بشرية للفكر الدعوى، وخطاب دينى مناسب، هنا يرسلون الدعاة فى عمر المعاش، كمكافأة نهاية الخدمة، فصحته وتجاربه الخارجية محدودة، بالتالى طرحه وتأثيره محدود.
لا بد أن ترعى الدولة مهاجريها المعتدلين، الذين لديهم انتماء حقيقى، حتى ننتج أجيالا تربت على خطاب دينى معتدل يحسن صورة الإسلام والمسلمين، وحتى المنحرفين منهم نواجههم الحجة بالحجة.

< كيف تواجهون أصحاب الإسلام السياسى فى أمريكا؟
- الدول الغربية وتحديدا أمريكا، تفتح المجال لمن يعبر أو أن يتحدث عن رأيه فى أمور دول أخرى، وتحدثنا كثيرا عن ضرورة الاهتمام بالمقيمين فى المهجر من قبل الدولة والأزهر الشريف، حتى لا يتركونهم فرائس سهلة فى يد أصحاب الأجندات السياسية، وإلى الآن لم يسمع لنا أحد رغم أن لدينا منهجا دينيا سمحا بعيدا عن مشاكل السياسة.
والنظام الحالى ورث تركة ثقيلة من البلادة السياسية على مدار السنين، خاصة تعميق العلاقات مع أبناء المهجر، وتركوا الساحة لمشايخ الفتنة والفكر المتطرف وبعض الدول الراعية للإرهاب، وكل مجموعة تحافظ على مصالحها الإقليمية، والدور الآن على مصر لتصحيح الأمر والتحرك لمواجهة هذه الأفكار بالفكر والحجة.

< ماذا تفعل فى المسائل الفقهية التى تعرض عليك من مسلمى أمريكا؟
- ما أستطيع الإجابة عنه أقدمه، وما لا أستطيع أرجع فيه إلى فكر الأزهر فى مصر، لأنه أعدل الأفكار فى العالم الإسلامى.

< ننتقل إلى تجديد الخطاب الدينى، كيف ترى محاولات التجديد فى مصر؟
- لأول مرة نسمع ولى أمر وهو رئيس الجمهورية، برغم كل مشاغله، يوجه كلاما مباشرا بتجديد الخطاب الدينى، ولكن للأسف هم يترجمون هذا الأمر واختزاله فى توحيد خطبة الجمعة فقط، أو الكلمات التى تقال على ألسنة الدعاة، وهناك فرق بين تنقية الفكر وإعمال العقل لتصحيح المنهج العام للمؤسسات الدينية، واختزال تجديد الخطاب الدينى فى خطبة جمعة موحدة.
والخطاب الدينى موضوع كبير لا بد من تعديل أدوات الاستنباط القديمة بالحديثة، وكيفية استغلال العلم فى ذلك، وطول عمرنا ندرس أن مقاصد الشريعة هى حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال، فحين أضفت إليهم البيئة والوقت، فى أحد المؤتمرات، اعترض على كثير من العلماء بحجة أن الأوائل لم يتركوا شيئا نتحدث فيه، وهذا أمر غير مضبوط، ومما لا شك فيه، أن سكوت أهل العلم عن مقاصد جديدة لا يجعلنى أجبن أو أصمت.



< ما السبب فى تردى الخطاب الدينى ووصوله إلى هذه الحالة؟
- الأنظمة السابقة سمحت بانتشار الفتاوى المضللة، ما تسبب فى حالة من الكره والترهل فى كافة المؤسسات والرأى العام، ويحسب للنظام المصرى الحالى، ومن أكبر حسناته، السيطرة على سبوبة وبيزنس المتاجرة بالدين، بغلق القنوات التابعة إلى الجماعات المتطرفة التى فرضت نفسها وصية على الشعب حتى أصبحت مصر دولة فتوى وليس قانون.
النخب وبعض من يتحدثون فى أمور الدين، لا يعرفون الفرق بين الواعظ والفقيه وقارئ القرآن والمحدث والمفتى واللغوى والأصولى والمؤرخ والتشريعى.
لدينا أفكار وتابوهات فى المجتمع ظن أنها دينية، وهى ليست دينية، فمثلا غلق الشوارع لأداء صلاة التراويح وراء الشيخ فلان؛ لأنه يجعل المصلين يبكون، وهذا ليس من الدين أو السنة، وفى نفس المكان تجد المصلين فى صلاة الفجر لا يتعدون اليد الواحدة، كانت مصر تعيش حالة التدين الصورى، لا تزال بعض آثاره قائمة حتى الآن، وحالة قداسة وبدعة فاحشة، فالتكلف فى السنة ضد السنة، فلماذا لا يصلى الناس التراويح فى المساجد القريبة منهم، ونحافظ على البيئة وحركة المرور، ونسهم فى إعمار كل المساجد، ونقضى على ظاهرة خلق القداسة المزيفة لبعض المشايخ، والتى قد تفتنهم فينحرفون بالجماهير.

< كيف نوقف فوضى الفتاوى وتسخيرها لصالح بناء المجتمع؟
- علينا أن نستغل الفتاوى كأدوات رحمة، واستيعاب الاختلاف لأنه أساس التراحم بين الناس، ولا بد أن تكون محروسة بعناية توجهات الفكر الدينى المناسب للدولة، فالأصل أن الإسلام يكفل الحريات، فإذا فرض قانون على أمر بناء على فتوى، فينفذ القانون دون الرجوع إلى الفتاوى الأخرى، فمثلا فرض عمل شهادة صحية قبل الزواج، للحماية من الأمراض وضمان نسل قوى، هذا لا يهدم الدين وكان غير موجود أيام النبى، فهنا نسن قوانين فرعية لها أصل شرعى مصلحى معتبر من القواعد الأصولية، يقضى على فوضى الفتاوى ويضبط المجتمع على المستويات كافة.

< ما قصة الهدية الثمينة التى أهديتها لجورج بوش؟
- كنت فى رثاء أحداث سبتمبر، ودعيت إلى إلقاء كلمة أمام الرئيس الأسبق جورج بوش، وكوفى عنان وهيلارى كلينتون، وعندما قمت بمصافحته لاحظ فى يدى سبحة، فقال لى ما هذه شرحت له ما نفعل بها، وقلت له إنها فى كل الأديان، وأبلغته أننى حصلت عليها من البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، وأوضحت له أنه رجل دين مسيحى ونحن نحترمه، فمنحتها له كهدية، ووضعها فى جيبه، وثانى يوم، زعمت الصحافة الصفراء أننى أعطيته هدية ثمينة، بالكذب والافتراء.