اندلعت ثورة الصرب، التى كانت تشير إلى الثورة الوطنية والاجتماعية للشعب الصربى بين ١٨٠٤ و١٨١٧، وتمكنت خلالها صربيا من التحرر الكامل من الدولة العثمانية، وأن تبزغ دولة أوروبية ذات سيادة، ففى مطلع ١٨٠٤ واجه الصرب حقيقة مؤداها أن عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم، وما أن يشهدوا قادتهم وهم يتحطمون تمامًا، والحاصل أن الإنكشارية كانت قد بدأت خلال يناير وفبراير ١٨٠٤ فى تنفيذ مذبحة لنبلاء الصرب المسيحيين تم التخطيط لها سلفًا؛ حيث لم ينقض شهران إلا وتم قتل من ٧٠ إلى ١٥٠ نبيلًا. وعلى الفور اجتمع حوالى ثلاثمائة من نبلاء الصرب فى أوراشاك فى إقليم سومادييا فى فبراير، واختاروا قرة ديورديه بتروفيتش قائدًا لهم بهدف تنسيق العمل وتوجيهه. وكان هذا يعنى فى النهاية أن ثورة الصربيين قد بدأت إذ أصبح لديهم قائد وقضية يحاربون من أجلها.
ووضع قرة ديورديه فى اعتباره أن حل مشكلة بلاده الصرب لن يأتى إلا بإيجاد سلطة مركزية للثورة تعمل على تسوية المشكلات الداخلية التى يعانى منها الأهالى، مثل توزيع الأراضى الزراعية، وتحقيق العدالة ضمانًا لوحدة الموقف. غير أن منافسيه ظلوا ينتقدونه بشدة بغية عزله من القيادة إلا أن الرجل ظل محتفظًا بقدرته على قيادة أول ثورة صربية بشكل مركزى حتى هزيمته العسكرية.
وفى صيف ١٨٠٧ وصل إلى الصرب الكولونيل الروسى بولوتشى لتقدير الموقف السياسى والعسكرى هناك، ولتحديد نوع المساعدة التى يحتاجها الصرب، ونوع المساعدة التى تستطيع روسيا أن تقدمها فى الحرب المشتركة ضد الدولة العثمانية. وكان مزودًا بصلاحيات لعقد أى اتفاق ملزم، وهو أمر لم يكن موضع اهتمام الصربيين، كما تكشف الوثائق المتاحة. وانتهت الزيارة بتفاهم فى العاشر من يوليو، عرف باتفاق بولوتشي- قرة ديورديه طالب ضمن شروط أخرى بتعيين مسئولين روس فى بلاد الصرب، وإقامة حامية عسكرية روسية فى المدن، وإرسال مساعدات روسية عسكرية واقتصادية. أما وقد اعتقد قرة ديورديه أنه حصل على تأكيدات واثقة بدعم روسى؛ فقد تبنى سياسة تستهدف استقلال الصرب وليس مجرد الحصول على حكم ذاتى تحت الحكم العثماني.
