الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

فريدريك دوجلاس.. أيقونة خالدة في تاريخ التحرر من العبودية

فريدريك دوجلاس
فريدريك دوجلاس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يظل اسم الأمريكي الأفريقي فريدريك دوجلاس أيقونة خالدة في تاريخ التحرر من العبودية في الولايات المتحدة، حيث قضى عمره من أجل تحرير السود من قيود الرق والجهل، ودعا إلى تحرير المرأة، وكان أول أمريكي من أصل أفريقي يترشح لمنصب نائب رئيس الولايات المتحدة، وصار كتابه "مذكرات فريدريك دوجلاس" مُلهمًا للملايين من أنحاء العالم.
إنه فريدريك أوغسطس واشنطن بيلي الذي قام بتغيير اسمه لاحقًا إلى فريدريك دوجلاس، ولد عام 1818؛ ولم يكن يعرف شيئًا عن أباه، وعُزل عن أمه أيضًا في سن مُبّكرة، ليعيش مع جدّته في مزرعة كبيرة ولكن تمّ فصلُه عنها في السابعة من عمره، كما أنّ والدته توفّيت وهو في العاشرة، وعندما كان في الثامنة عشرة تعلم القراءة رغم القانون الذي يحظر تعليم العبيد، حيث كان المبدأ السائد العبدَ لا يجب أن يتعلّم سوى طاعة سيّده، وأن التعلّم سوف يفسدُه وسيغدو غير راضٍ عن حالته ولن يلائمه أن يصبح عبدًا للأبد بل سيرغب بالحريّة، وعندها اكتشف دوجلاس قوّة الرجل الأبيض التي تكمن في المعرفة التي تُمكنّه من استعباد الرجل الأسود. 
تابع العبد الصغير تعلمه من الأطفال البيض في الحَي وعن طريق مراقبة الرجال الذين عمل معهم، وفي أحد الأيّام شاهدته سيدته يقرأ في الجريدة فقامت بانتزاعها منه بغضب مُفصحةً بملامح وجهها عن أنّ التعليمَ والعبودية لا يتّفقان، فاستمرّ في تعليم نفسه القراءة والكتابة سرًّا، وعندما بدأ يقرأ الصحف والكتب اكتشفُ عالم جديد قاده إلى التشكيك بالعبودية وإدانتها، بعدها قام بتعليم عبيد آخرين القراءة أسبوعيًا في مدرسة الأحد. 
فشل دوجلاس في الهرب من العبودية مرتين، وفي عام 1837 وقع في الحب مع امرأة سوداء حُرّة هي "آنا موراي" التي ساهمت في اعتقاده وثقته بذاته، وأنّ بإمكانه الحصول على الحريّة، لينجح أخيرًا في الهرب عام 1838 عندما قفز إلى داخل القطار الذاهب إلى فيلادلفيا ثم من بعدها إلى نيويورك، وعند وصوله أرسل لحبيبته لتتبعه إلى الشمال ثم تزوّجا في العام نفسه، وانضمّ إلى الكنيسة وأصبح واعظًا وهذا ما ساعده في صقل مهاراته الخطابية، وفي عام 1843 انضمَّ للعديد من الجمعيّات، وأصبح ناشطًا في مكافحة الرقّ، ما أغضب مجموعة من الجماهير الذين قاموا بمهاجمته وضربه.
وبينما اضطر دوجلاس إلى التنقل بين أيرلندا وبريطانيا، قام أنصاره في بريطانيا بجمع الأموال لشراء حرّيته، ليُصبح رجلًا حرًّا قانونًا، وبالرغم من تشجيع أنصاره له بالبقاء في بريطانيا لكنّه رفض لأنّ زوجته والملايين من إخوته السود يعيشون هناك في العبودية؛ وعند عودته قام بنشر صحيفته "نجمة الشمال" التي كانت تتحدّث عن إلغاء العبودية، وفي عام 1848 كان الأمريكي الإفريقي الوحيد الذي حضر اجتماعًا عن حقوق المرأة في نيويورك، وأعلن أنه لن يقبل أن يكون له حقّ التصويت كرجلٍ أسودَ إن لم تكن المرأة قادرة على الإدلاء بصوتها؛ وكان من أوائل المطالبين بإلغاء الفصل العنصري في المدارس وكذلك إلغاء عقوبة الإعدام، وفي الوقت نفسه رفض قيام العبيد بثورة مسلّحة.
في أعقاب إعلان الرئيس لنكولن تحرير العبيد، وبعد الحرب الأهلية الأمريكية تابع دوجلاس عملَه من أجل المساواة لصالح العبيد والنساء في أمريكا، وفي عام 1872 أصبح أول أمريكي أفريقي يُرشّح لمنصب نائب رئيس الولايات المتّحدة، وتوفيَّ في 20 فبراير 1895 بعد عودته من اجتماع للمجلس الوطني عن المرأة، ودُفِنَ بجوار زوجته آنا موراي.
نشر دوجلاس سيرة حياته في كتاب "سيرة حياة فريدريك دوجلاس، عبد أمريكي" والذي أصبح من أكثر الكتب مبيعًا وقد تمّت ترجمته إلى العديد من اللغات، وقام بترجمته إلى العربية الكاتب إبراهيم عبدالمجيد بعنوان "مذكرات عبد أمريكي"، كما أسّس صحيفة "نجمة الشمال"، والتي تغيّر اسمها فيما بعد إلى "صحيفة فريدريك دوجلاس"، وأيضًا كتاب "عبوديتي وحريتي".