الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

40 عاما من حكم الملالي.. أزمات اقتصادية واحتجاجات شعبية وعقوبات أمريكية.. الحرس الثوري يسيطر على معظم المؤسسات الاقتصادية.. سخط شعبي ضد الحكومة.. واتهامات بإهدار موارد الدولة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أربعون عامًا مرت على وصول الخمينى لحكم إيران، فيما يسمى بـ«الثورة الإسلامية»، ومنذ وصول الخمينى، تشهد إيران على مدار الأربعين عاما استمرار الاحتجاجات السياسية، فما حدث لم يكن سوى استبدال نظام الشاه بحكم المرشد.


وأشار بعض المحللين خلال الذكرى الأربعين لوثوب الخمينى للحكم فى إيران إلى تأزم الوضع الخارجي، على خلفية الخروج الأمريكى من الاتفاق النووي، وانزعاج القوى الدولية من النفوذ الإيرانى المتصاعد فى منطقة الشرق الأوسط، فضلًا عن اتجاه طهران لتنشيط برنامج الصواريخ الباليستية، متجاهلة القوانين والمواثيق الدولية.
وتعيش طهران فترة من أصعب الفترات منذ الانقلاب على الشاه، وتتمثل أبرز المشكلات الداخلية فى انهيار سعر الصرف فى مواجهة الدولار، واستمرار تراجع صادرات النفط بعد فرض الحزمة الثانية من العقوبات الأمريكية فى نوفمبر لعام ٢٠١٨؛ حيث هبط الريال الإيرانى مسجلًا رقمًا قياسيًا فى تراجعه أمام الدولار منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووى مع دول (٤+١). ومن هنا، فقدت العملة الإيرانية أكثر من نصف قيمتها خلال عام ٢٠١٨، مما أدى لضعف الاقتصاد وزيادة المصاعب المالية فى المصارف المحلية، بالإضافة إلى تصاعد الطلب على الدولار بين الإيرانيين.


وظهرت مشكلة الأمن الغذائى ونقص بعض أنواع الأغذية؛ حيث يعانى الشعب الإيرانى على خلفية العقوبات الأمريكية التى أعقبت فترة الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووي، وعدم قدرة شركات الأغذية العالمية على التصدير لطهران. فلم تتمكن مجموعتى «كارجيل» و«بنجي» الأمريكيتين، و«أولام» السنغافورية من إبرام صفقات تصدير جديدة للقمح، الذرة والسكر الخام بسبب عدم قدرة البنوك الغربية على تحويل مدفوعات الصفقات مع إيران.
ويشير بعض المحللين إلى استمرار الاحتجاجات السياسية منذ قيام الثورة الإيرانية، مما جعل بعض المحللين يقرون بأن إيران فى حالة حراك ثورى مستمر، وظهر ذلك بشكل خاص فى عام ٢٠١٧ و٢٠١٨، وما زال مستمرا، على خلفية معاناة الشعب جراء الوضع الاقتصادي، والتضييق على الحريات والحقوق ولاسيما فى حالة الأقليات.


على صعيد آخر، يسيطر الحرس الثورى على معظم المؤسسات الاقتصادية، ولا سيما غير التابعة للإشراف الحكومي، فوفقًا لبعض التقارير، تسيطر مؤسسة «خاتم الأنبياء» التابعة للمرشد الأعلى «على خامنئي» والتى يديرها الحرس الثورى على أغلب المشروعات الحكومية الخاصة بالبناء والتعمير، فضلًا عن تدخلها فى مشروعات نفطية، بنى تحتية وشبكات خلوية. نتيجة لما سبق، أصبحت قرابة الـ ٩٠٪ من نحو ٣٠٠ شركة خاصة بمجال الطرق والإنشاءات تواجه أزمة بطالة؛ حيث لم يعد يُسند إليها مشروعات مناسبة، مما قلص من قدرتها التشغيلية.
ومّثل الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى مع مجموعة (٤+١) بعد مجيء الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» إلى سدة الحكم، أحد أبرز الملفات الدولية الضاغطة على الوضع الاقتصادى والسياسى داخل إيران؛ حيث أدى الانسحاب الأمريكى من الاتفاق الإيرانى إلى فرض موجات من العقوبات الاقتصادية من قبل واشنطن على طهران، وتسبب ذلك فى سوء الأوضاع الاقتصادية وتدهور مستوى المعيشة.
فى السياق ذاته، انتشرت الاحتجاجات السياسية بشكل كبير داخل طهران وبعض المدن الطرفية اعتراضًا على الوضع الاقتصادى المتدهور وانهيار سعر العملة الإيرانية فى مقابل الدولار، انسحاب الشركات الأجنبية متعددة الجنسية وما ترتب على ذلك من انهيار بعض المشروعات العملاقة ولا سيما المتعلقة بالنفط والغاز، أما على الصعيد الخارجي، أدى الخروج الأمريكى إلى خلل كبير فى العلاقات الإيرانية الأمريكية الأوروبية.


وبات تطوير إيران لبرنامج الصواريخ الباليستية أحد العوامل المساعدة على تدهور علاقتها بالدول الأوروبية ولا سيما (فرنسا، بريطانيا والمانيا)؛ حيث أطلقت طهران منذ توقيع الاتفاق النووى مع دول (٤+١) عددا من الصواريخ الباليستية. وعلى الرغم من وجود بند داخل الاتفاق النووى يقر بمنع تطوير هذه البرامج ولكنها تبرر ذلك بسلمية هذه الأنشطة؛ حيث أعلن الرئيس الإيرانى «حسن روحاني» فى ١٠ يناير الماضى عن تدشين بلاده صواريخ تحمل أقمارًا صناعية إلى مدار الأرض، فى تحدٍ لتحذير الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» من انتهاك القرار رقم ٢٢٣١.
ومن هنا سعت الدول الأوروبية لتحذير إيران وترويض سلوكها فى الوقت نفسه (سياسة العصا والجزرة)، من خلال تدشين القناة المالية الأوروبية التى هدفت من خلالها إلى تجاوز العقوبات الأمريكية ومساعدة طهران على الاستمرار فى تعاملاتها التجارية مع الشركات الأوروبية. فى السياق ذاته، أعلنت الخارجية الفرنسية عن رغبة باريس فى فرض عقوبات اقتصادية على طهران إذا لم تتمثل لبنود الاتفاق النووى وتتوقف عن إطلاق وتطوير برنامجها للصواريخ الباليستية.
يشير عدد من المفكرين إلى أن النفوذ الإقليمى لطهران بات أحد أبرز مشكلاتها على الصعيدين الداخلى والخارجي؛ حيث تتلقى طهران المزيد من النقد من قبل القوى الدولية والإقليمية، إلى الدرجة التى جعلت أحد الباحثين يقر بأن النفوذ الإيرانى فى المنطقة كان هو العامل الأهم فى حسابات الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى جاء على خلفية رغبة واشنطن فى إعادة التفاوض بشأن هذا الملف مرة أخرى مع طهران. أما على الصعيد الداخلي، تسبب نشاط إيران فى دول المنطقة ولا سيما فى سوريا والعراق، فضلًا عن دعم الفاعلين من غير الدول إلى سخط الشعب الإيرانى على الحكومة متهما إياها بإهدار موارد الدولة من خلال إنفاقها على النشاط الخارجى بدلًا من توجيها لدعم موارد الدولة والدخول فى مشروعات استثمارية للحد من المعدلات المرتفعة للبطالة داخل البلاد.