الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الأكراد والمسيحيون واليزيديون.. ضحايا «السلطان» في سوريا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«لم تحارب تركيا أردوغان تنظيم داعش وهو فى ذروة قوته عامى ٢٠١٤ و٢٠١٥، ولا بد ألا تثق أمريكا أبدا بقيام تركيا بمحاربة التنظيم، وأن تدرك أن ما تريده تحت مسمى «المنطقة الآمنة»، هو ممر لموت الأكراد الذين يطاردهم أردوغان أينما كانوا»، هذا ما أكدته «سينام محمد»، الممثلة الخارجية لمجلس سوريا الديمقراطية فى الولايات المتحدة، فى تقرير حمل توقيعها.



فقد اتفق الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره التركى رجب طيب أردوغان على أن خطوتهما التالية فى سوريا سوف تتمثل بإنشاء ما يسمّى بـ «منطقة آمنة» تمتدّ إلى ٢٠ ميلًا داخل الأراضى السورية.
وقد أعلن أردوغان أن هذه المنطقة سوف تخضع لإدارة القوات التركية، وأضافت الباحثة قائلة: يشكّل مخططًا كهذا انحرافًا جذريًا عن السياسة التى ردعت تنظيم «داعش» وأرست السلام والاستقرار فى ما يقارب ثلث الأراضى السورية، وإذا تم السماح لأردوغان بالمضيّ قدمًا كما يأمل، فلن تكون هذه المنطقة المزعومة «منطقة أمان»، بل ممرّ موت.
ولفت التقرير إلى أن أول الأخطاء الفادحة التى ارتكبتها إدارة ترامب من خلال النظر فى هذه الفكرة هو الوثوق بمحاربة تركيا تنظيم «داعش»، فقد سبق ورفضت تركيا التحرك ضد هذه المجموعة الإرهابية فى أوقات عزّها فى عامَى ٢٠١٤ و٢٠١٥، فغضّت الطّرْف عن المقاتلين الأجانب الذين كانوا يعبرون حدودها.

وتجدر الإشارة إلى أنّ المناطق التى يروّج لها المسئولون الأتراك على أنها نموذج لهذه المنطقة الآمنة، هى فى الحقيقة مناطق استحوذت فيها «هيئة تحرير الشام» التابعة لتنظيم «القاعدة» على مساحاتٍ ملحوظة فى الأسابيع الأخيرة فحسب.
وأكدت «سينام» فى تقريرها، أنه يتّضح لأى شخص يتابع الأحداث الراهنة أنّ تركيا قد اتّخذت إجراءات أكثر قسوةً ضد «قوات سوريا الديمقراطية» - التى حررت أراضٍ سورية من قبضة تنظيم «داعش» أكثر من أى جهة فاعلة فى هذا النزاع - من تلك التى اتخذتها ضد أى من المجموعات الإسلامية التى تتخذ من سوريا قاعدةً لترهيب العالم. حتى إنّ القوات التركية أدرجت هذه الميليشيات العام الماضى كشركاء لها لغزو مدينة «عفرين» السورية الكردية، ما تسبب بتشريد مئات آلاف الأشخاص، وعرّض من بقى فى المدينة لأعمال النهب والقبض التعسّفى والاعتناق الدينى القسرى والعنف الجنسي.


وبعد أن عاد السلام لهذه المدينة وانتقل اللاجئون فى جميع أنحاء سوريا إليها لبناء حياة جديدة، باتت عفرين الخاضعة للاحتلال التركى تذكّر سكّانها بالمدن الخاضعة لحكم «داعش»، فقد تمّ منع استخدام اللغة الكردية فى الحياة العامة، كما أنّ المدنيين يتعرّضون للخطف والتعذيب بشكلٍ متكرر للحصول على فدية من أقربائهم. 
أمّا النساء فلا يمكنهنّ الخروج إلى الأماكن العامة من دون الالتزام بنظم اللباس الإسلامى الصارمة، وقد عمت رجال الميليشيا إلى الطلب من المسيحيين والعلويين واليزيديين، الذين كانوا يمارسون شعائرهم الدينية بفخر وبشكل علني، بأن يختاروا بين اعتناق الدين الإسلامى أو الهرب أو التعرّض للقتل.
وقد سبق أن أقرّت وزارة الدفاع الأمريكية بأنّ غزو مدينة عفرين وسوء الحوكمة فى المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات المدعومة من تركيا قد وفّرت لتنظيم «داعش» ملاذًا آمنًا للتجمّع من جديد.

وتضمّ حدود «المنطقة الآمنة» التى يتحدث عنها أردوغان مساقط رأس جميع الأكراد والمسيحيين واليزيديين فى سوريا تقريبًا، وكلها مجموعات تعرّضت لفظائع الدولة التركية منذ نشوء هذه الأخيرة. وليست عملية التوغل العسكرى التى يقترحها إلا سياسة الاحتلال والتطهير العرقى نفسها، لكن تحت تسميةٍ جديدة.
ومن أجل تفادى إراقة المزيد من الدماء والحرص على الاستقرار فى سوريا، اقترحت الباحثة أن يكون إنشاء منطقة آمنة دولية حلًا فعالًا، إذ يمكن أن تخضع هذه المنطقة لإدارة القوات الدولية التى تعمل أساسًا عن كثب مع «قوات سوريا الديمقراطية»، وتفهم أهمية المجتمع الديمقراطى والتعددى والمتساوى الذى يحاول شمال شرق سوريا بناءه.
ويمكن لـ «قوات سوريا الديمقراطية» أن تعمل مع هؤلاء الشركاء الدوليين ضمن حدود هذه المنطقة من أجل محاربة خلايا تنظيم «داعش» النائمة، وأكدت الباحثة أنّ «منطقةً آمنةً» تركية الصّنع لن تسهم إلا فى تحويل هذا السلام الذى تمّ إرساؤه بعرق الجبين إلى المزيد من سفك الدماء والفوضى. وإذا اقتنعت الولايات المتحدة بمزاعم أردوغان، فسيتبدد الأمل الوحيد بإعادة إرساء السلام فى سوريا.