الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السياحة اقتصاد.. والاقتصاد سياسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أشبه السياحة فى مصر بالبحيرة التى تمتلئ أسفلها بطمى النيل شديد الخصوبة، ولكن تلك البحيرة تتعكر بأصغر حجر يسقط فيها، فالسياحة صناعة شديدة الحساسية، وتتأثر بأى اضطراب سياسى أو أمنى أو اقتصادي، فإذا حدثت أى حادثة أمنية صغيرة تنعكس آثارها على السياحة بشكل سريع، وأثناء الثورات والاضطرابات السياسية تنهار السياحة، أما فى فترات تغير الأنظمة تتأثر السياحة سلبيًا لعدم وجود استقرار، حتى بتغيير الحكومات والوزارات فى مدة زمنية قصيرة تتأثر السياحة بشكل سلبى لعدم وجود استقرار، ولتغير الرؤية والاستراتيجيات فى خطط التنمية وغيرها من تغيرات تؤثر بشكل سريع على قطاع السياحة، كما أن التغييرات السياسية ترسل رسالة إلى السائح وشركات الـTour Operators فى الخارج بعدم وجود إستقرار فى مصر، مما يؤثر على استقرار الشارع المصرى وقد يجعل السائح فى وضع غير آمن وغير مستقر.
وقد إستطاعت الدولة مؤخرًا أن تخرج من الأزمة السياحية التى تسببت بها الاضطرابات السياسية والأمنية منذ أحداث يناير 2011، فأخيرًا استطعنا استعادة بعض الأسواق المهمة، وعادت حركة السياحة من جديد بقوة لم نشهدها منذ فترة كبيرة، وإن كنت لا تصدق هذا فما عليك إلا أن تذهب إلى منطقة الأهرامات، فستجد عددا كبيرا من الأتوبيسات السياحية تقف أمام الأهرامات محملة بجنسيات مختلفة، وأذهب أيضا فى زيارة صغيرة إلى أى مدينة سياحية، وأنظر إلى نسب الإشغالات فى الفنادق، وستتأكد من ما أقوله. فبعد فترة من الاختناق والركود عادت الشركات تعمل والمرشدين السياحيين والسائقين وكل العاملين بالقطاع مستبشرين خيرًا فى الفترة القادمة فعادت مياه البحيرة صافية ومستقرة.
المعارك الاقتصادية التى خاضتها الدولة فى الفترة الأخيرة تشبه عملية الإنقاذ لقطاع السياحة والمشاريع القومية والطرق والخطط التنموية، أثرت بشكل إيجابى فى قطاع السياحة، حتى قبل أن يتم افتتاحها والانتهاء من العمل بها، مثل مشروع جبل الجلالة والمتحف الكبير والعاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة المنصورة الجديدة ومحور روض الفرج العملاق الذى سيمتد إلى الضبعة، وهو أول كوبرى معلق ضخم يتم تنفيذه بأيد مصرية 100%، ويربط شرق القاهرة بغربها. كل هذه المشاريع ستحدث نقلة كبيرة فى قطاع السياحة، ورغم كل هذا لم نحصد حتى الآن ثمرة البناء والتنمية التى تشهدها مصر، فنحتاج لمزيد من الوقت لاستكمال المشاريع والخطط الاستراتيجية التنموية، حتى نستطيع أن نكون على خريطة العالم الحضارية، وقطاع السياحة بالأخص يحتاج إلى تلك المشاريع وإلى مزيد من الاستقرار السياسى حتى تعود معدلات السياحة كما كانت فى 2010، بل وستتفوق على تلك المعدلات بعد إستكمال مشاريع وخطط التنمية.
فالسياحة اقتصاد والاقتصاد سياسة، وفى السياسة كل شىء قابل للتعديل والتغيير لنتوافق مع احتياجات الدولة وقطاع السياحة هو أكثر القطاعات احتياجًا للاستقرار وللمزيد من الترويج للدولة بشكل إيجابى وبث رسالة فى كل العالم بالوضع المستقر فى مصر، وبالاستقرار السياسى الذى تعيشه مصر الآن بعد فترة كبيرة من التوتر، التى أثرت فى دخل ملايين من المصريين العاملين بقطاع السياحة.
نعم.. الاستقرار سيجعلنا نصل إلى اليوم المنتظر الذى نرى فيه مصر دولة حضارية ثقافية إنتاجية، ورسالتى لكل من يعمل بقطاع السياحة أن يذكر ويحكى لمن حوله كيف تبدلت به الحال من حال إلى حال قبل 25 يناير ثم بعدها وحتى 30 يونيو ثم ما هو عليه الآن.