الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"الانتحار" على قضبان المترو.. الضغوط النفسية وغياب الوازع الديني وراء الظاهرة.. أحد السائقين: "ما باليد حيلة".. والركاب لا تريد سوى استكمال الرحلة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحولت وقائع الانتحار على قضبان وتحت عجلات مترو الأنفاق خلال الفترة الماضية بين الشباب والرجال والفتيات إلى ما يشبه الظاهرة الخطيرة خاصة وأنه لم يعد يمر يوم إلا وتكون هناك واقعة جديدة، ولم تعد الأزمة فى المنتحرين فقط لكنها امتدت أيضا لسائقى المترو الذين دخل كثيرا منهم فى ضغوط نفسية.
ولأن سائق المترو كباقى البشر فإنهم مع تكرار هذه الحالات، فلا بد أن يكون لها تأثير نفسى كبير عليه، رغم أنه لا يملك شيئا لإنقاذ أى من هذه الحالات، ففى هذه اللحظة يقف التفكير عند سائقى المترو نظرا لما تم فعله أمامه.

المتحدث الإعلامى للمترو: له أثر سلبي
يقول أحمد عبدالهادي، المتحدث الإعلامى لشركة مترو الأنفاق، إن حالات الانتحار على قضبان مترو الأنفاق لها أثر سلبى كبير على سائقى القطارات، وهذا الأثر السلبى يختلف من سائق إلى آخر، مؤكدا أن هناك سائقين يمارسون عملهم بطريقة عادية دون أى تأثير، وهناك من لا يقدرون على ممارسة العمل فيأخذون قسطا من الراحة ثم يعودون للعمل مرة أخرى بعد تحسن الحالة النفسية لديهم.
وأوضح عبدالهادي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز" أن هناك سائقا وقعت أمامه حالة انتحار فأصيب «بانهيار عصبي» فى الحال وتم تبديله بسائق آخر لتسيير الحركة بشكلها الطبيعي.


وقال حسن زكي، أحد سائقى قطارات الخط الثاني: إنه فى أثناء وقوع أى حالة انتحار يتم ترك القطار عند آخر محطة فى الخط وتبديل السائق بسائق آخر ويتم أخذ قسط من الراحة وإذا لم يقدر على تكملة العمل يترك المترو إلى البيت ويعود فى اليوم التالى لممارسة العمل، موضحا أن الراحة لا تتعدى اليوم إذا كانت هناك أى حالة «انهيار نفسي».
وأضاف أحد سائقى القطارات، إن عامل الخبر أصبح حاسما فى مثل هذه الوقائع، فيتم أخذ راحة بسيطة ويعود على الفور لممارسة العمل، وذلك نتيجة لتكرار حالات الانتحار، مضيفا أنه لم يصطدم إلا بحالة واحدة ولم يحدث فيها وفاة بل تم بتر قدمي هذا الشخص، مؤكدا أنه كان يريد فعل أى شىء لأخذه من على القضبان قائلا «ما باليد حيلة»، ولا بد أن يملك السائق القوة لتماسك الأعصاب لأنه ملزم بتكملة الرحله حتى نهاية الخط.
وأضاف: «الركاب داخل القطار يريدون الخروج بأى شكل والركاب خارج القطار فى انتظار فتح الأبواب لتكلمة الرحلة وهذا يتطلب القدرة على تماسك الأعصاب».

من جانبه قال الدكتور جمال فرويز أستاذ علم النفس بجامعة القاهرة، إن المقبل على الانتحار يجد أن الوسيلة الوحيدة الناجحة لذلك هى المترو، مؤكدا أن هؤلاء «عُصابيون» وأكثرهم ممن هم فى مرحلة المراهقة خاصة وأنهم يتأثرون بأى كلمة تقال لهم، وذلك نتيجة للضغوط التى يمرون بها سواء أكانت ضغوطا مالية أو عاطفية أو غيرها، فيكون أول تفكيرهم هو الانتحار.
واضاف فرويز، لـ"البوابة نيوز" أن سائق المترو الذى يقوم بدهس هؤلاء بدون عمد لا بد وأن يمر بحالة نفسية نتيجة لما حدث أمامه، فلا بد أن يأخذ راحة بسيطة ثم يعود إلى العمل مرة أخرى، وهذه الحالة النفسية ستختفى إذا تكررت حالات الانتحار أكثر من مرة أمامه.
وأكد أستاذ علم النفس، أن الانتحار مثله مثل المخدرات والزنا وغيره من الأشياء التى تخرج عن المسار الطبيعى للحياة.
وأشار إلى أن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو زيادة الوعى عند الشعب، ورغم أن الوسيلة التى من المفترض أن يستمد منها الثقافة هى التليفزيون فتتحدث أيضا عن الانتحار وكيف نهى هذا الشخص حياته دون أن تتحدث عن كيف يتم مواجهة هذه المشكلة، قائلا: «أنا لو شوفت واحد قدامى خلاص هينتحر هخده وأدخله المستشفى مش هتكلم معاه خالص لأن المستشفى هو إللى هيتعامل معاه»، وذلك طبقا للقانون العالمى للطب النفسي».

وقال أحمد محمود كريمة أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن جريمة الانتحار وهى إزهاق الإنسان حياته بنفسه أيا كانت الدوافع هى جريمة منكرة لأن الحياة هبة من الله عز وجل وقال تعالى «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، مضيفا أن الله تعالى جعل سلامة الروح والجسد من أعلى الأمانات للإنسان، وأنه لم يخل مجتمع من هذه الجريمة.
وأكد كريمة، أن السبب الرئيسى فى الانتحار هو ضعف «الوازع الديني»، والدليل على ذلك أن أكثر المشاهير الأثرياء فى المجتمعات الأوروبية يقبلون على هذه الجريمة، موضحا أن الفقر ليس سببا رئيسيا فى الانتحار، وأن الإنسان إذا استقبل الحياة بحلوها ومرها واستحضر منهج الله تعالى لا يقبل على مثل هذه الجريمة الشنعاء.
وأوضح كريمة، أن سائق المترو لم يكن عليه أى ذنب مطلقا، لأنه غير متعمد قتل هذا الشخص، بل لو يقدر على أخذه من على القضبان لفعلها لكنه لا يقدر على ذلك. موضحا أنه لا بد من مواجهة هذه الجريمة من خلال التوعية الدينية للشخص، وتزايد العدالة المجتمعية للحد من الانتحار.