السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"سوبر مامي".. سوبر كتاب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لعلنا جميعا كأمهات نقع فى دائرة ثقافة الطفل شئنا أو أبينا لأن الريموت كنترول صار يعمل وفق إرادة أطفالنا الذين يتنقلون من قناة إلى أخرى ومن كارتون إلى آخر وبالطبع لا تخلو قناة من قنواتهم من إعلانات عن منتجات وألعاب باهظة الثمن بدءا من البوكيمون فى سنوات بعيدة وحتى العرائس التي تضحك وتبكي وتبلل نفسها مما يخلق منهم مستهلكين نموذجيين لا يفكرون سوى فى اللعبة التي يعلن عنها وصرنا نحن مكرسين لتلبية رغباتهم فى امتلاكها. ولعلنا لا نأبه بما يشاهدونه ما دام أنهم مستمتعون بما يشاهدونه وربما نشاركهم المشاهدة ونضحك نحن أيضا. ونعتبر الأمر مجرد فيلم لطيف دون أن ننتبه جيدا إلى ما يتضمنه المحتوى من لقطات أو مصطلحات أو تعاملات تختلف عن ثقافتنا وهويتنا، فلا نتوقف لنفسر للطفل أو نوضح له الفرق بين هنا وهناك، لن أتحدث عن أسئلتهم المفاجئة التي تربكنا وينبغي علينا إجابتهم بشكل علمي ونموذجي يتوافق مع مرحلتهم العمرية ناهيك عن التابلت والتليفونات التي يلعبون بها قبل أن يتعلموا الكلام أو المشي حتى صارت العلاقة بيننا وبينهم تحديا وصراعا دائما تنشأ عنه شخصيات عنيدة صعبة المراس. أعرف العديد من الأمهات ممن يرتدن عيادات الأطباء النفسيين لا بسبب فرط النشاط الزائد ولا بسبب التوحد ولا متلازمة داون ولكن بسبب العناد والصراع القائم فى البيوت فيما يخص تربية أولادهم حتى أصبحنا جميعا فى حاجة إلى دليل معاملة يواكب العصر وآلياته ينقذنا من جلسات تعديل السلوك وقائمة التهم التى يتبادلها الآباء والأمهات أو الصراخ الذى ينتاب بعض الأمهات إن لم نكن جميعا قد صرخنا بالفعل بدءا من محاولات إيقاظهم فى الصباح حتى موعد النوم فما بالنا بخروجهم إلى المجتمع أعنى الشارع والمدرسة والنادى والدروس الخصوصية. صار الأمر مجهدا يحتاج إلى دعم وروشتة سلوكية نفسية اجتماعية تساعدنا فى تربيتهم وترشدنا إلى الطرق الآمنه للعبور بهم إلى بر الأمان. كان الأمر يزعجنى ككاتبة أطفال يهمها عقل الطفل وبناؤه وكتربوية أيضا يهمها مراقبة التغيرات التى أراها فى الشارع والمدرسة. قرأت العديد من الكتب وتعبت وشاهدت العديد من البرامج المتفرقة وكان هناك سؤال واحد يؤرقنى هو كيف يتثنى للأمهات وجود وقت للقراءة علم نفس الطفولة والصحة النفسية؟ بل كيف يستطعن الوصول إلى المعلومة خالصة دونما مؤشرات معيارية ونتائج بحث وتعريفات كثيرة؟ وطالما تمنيت وجود كتاب مبسط دالٍ وعصرى ترجع إليه الأمهات وقت الحاجة حتى يتثنى لهن التعامل السليم مع أطفالهم والتقويم السلوكى لهم دون أن يخسرنهم أو تنكسر علاقتهم بهم حتى عثرت على كتاب سوبر مامى للدكتورة غادة عبدالرحيم ها الكتاب الذى أتمنى أن يكون فى كل بيت كمرشد ومنقذ آمن يساعدنا فى تحقيق ما نأمله فى أطفالنا. هذا الكتاب الرائع الذى جاء فى وقته تماما وأحييها عليه وأعتبره من أهم الكتب لأنه يواجه مشكلات العصر الذى نعيشه وبه روشتة علاج لما نتناقله من شكاوى يومية فى لقاءاتنا كأمهات. تحدد الدكتورة غادة عبدالرحيم المشكلة وتضع طريقة حلها من منظور علم النفس وفق منهج مدروس وبحرفية تخلط اليسر والبساطة باللغة المكتوبة التى تبتعد عن رصانة اللغة الأكاديمية ومصطلحاتها، كما أن الكتاب لا يتعالى على الأمهات فهو لا يخاطب طبقة اجتماعية بعينها وإنما لجميع الطبقات، والأهم من ذلك كله هو انتقاؤها لأهم المشكلات التى تدمر من يمر بها من الأطفال كالتحرش والتنمر، فكم من أطفال كرهوا المدرسة بسببه وتحولوا إلى أطفال انطوائيين بسبب خوفهم من المتنمرين من زملائهم وما ينالهم منهم من الأذي، بدءا من السخرية وحتى الاعتداء البدنى بالضرب أو السب أو إطلاق أسماء مهينة فيتم تشويههم أو تدميرهم نفسيا إن لم نكتشف الأمر فى وقته ونعالجه بسرعة، ناهيك عن المتحرشين والأطفال ببراءتهم لا يفرقون بين الشرير والطيب فهم يعتقدون أن الشرير شكله قبيح وألفاظة نابية وملابسه قذرة ويجب أن يكون من خارج دائرة تعاملاته أى أنه يكون غريبا تماما عنه، وهذا خطأ كبير لأن منهم من يكونون فى دائرة النادى أو الشارع أو المعرف وصورتهم طبيعية وجميلة وعادية وهنا تكمن أهمية الكتاب وأهمية التوعية بالمساحة الشخصية للطفل ومن يلمسه ومن لا يلمسه وما يخلع ملابسه أمامه ومن يساعده فى ذلك. وهو ما تجهله الكثيرات من الأمهات أو من لا تجدن توصيله أو التعامل. لهذه الأسباب أدعو كل أم إلى اقتناء هذا الكتاب الذى يساهم فى اجتياز مرحلة صعبة هى الأهم فى حياة كل إنسان فيها يتعلم قيمه ومبادئه ويكون فكرته عن ذاته ومجتمعه ومنها يحلق لبناء مستقبله واثقا فى نفسه قويا ومحبا لمجتمعه وقادرا على تحقيق أحلامه.