الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صفوا النية و"ما تعقدوهاش"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مثلي مثل الآخرين تابعت ردود الأفعال تجاه حملة "خليها تعنس"، والتي أطلقها بعض الشباب على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لمقاطعة الزواج رفضًا لمغالاة الأهالي في الطلبات، والذي لم يمض عليه عدة ساعات حتى أطلقت بعض الفتيات هاشتاج مناهضة، له ومنها "خليك جنب أمك" في محاولة منها للرد على الحملة.
واتفق مع اعتراض الكثيرين من نشطاء "السوشيال ميديا" على تلك الحملة، وأضم صوتي لصوتهم معلنًا رفضي التام لها لكونها ستسبب نشوب صراع أشبه بالحرب بين الشباب والفتيات، وهو ما يتعارض مع الهدف الأسمى من الزواج ألا وهو المودة والرحمة والذي حث عليه ديننا الإسلامي الحنيف، وأتساءل ما هو الهدف من تلك الصراعات غير أننا نرسخ ثقافة جديدة في مجتمعنا المصري، أقصد هنا تشجيع الشباب على العزوف عن الزواج وبالتالي سترتفع نسبة العنوسة والتي بالفعل تشهد معدلات غير مسبوقة خلال السنوات الماضية، مما يرشحها للزيادة خلال السنوات المقبلة.
ولا أقصد أن أتحامل على الشباب، فأنا التمس لهم كل الأعذار لما وصلوا إليه وخاصة أنهم يواجهون صراعًا شديدًا مع الظروف المحيطة لهم للإقبال على الزواج، بداية من قلة فرص العمل وارتفاع أسعار ولوازم الزواج وغيرها من العقبات التي لا تحصى، فنحن اليوم أمام شبح يهدد مجتمعنا خلال الوقت الحالي إذا لم نبادر لحلها فلا نلوم إلا أنفسنا، وأخص بالذكر الأهالي الذين يتحملون الذنب الأكبر من ظهور تلك الحملات، فهم في واقع الأمر تناسوا الظروف الاقتصادية التي نحياها، وكما نرى المغالاة في الطلبات بداية من المهور وحتى تجهيز مسكن الزوجية.
دعونا نتعقل ونتحدث بواقعية أكثر ونضع أنفسنا في تلك الظروف، كيف يمكن لشاب بسيط في بداية حياته أن يكون ملزمًا بكل تلك الطلبات التي نعرفها جميعًا؟.. ولماذا يصر الأهل عليها مع إننا لو نظرنا لها بواقعية سنرى أنها مبالغ فيها ويمكن الاستغناء عنها.. فجشع بعض الأهالي ــــ ولا أعمم ــــ جعلهم ينظرون للزواج على أنه صفقة تجارية يسعون من خلالها للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية، وذلك من خلال إلزام الشاب المتقدم للزواج من ابنتهم بتقديم شبكة يتباهون بها أمام جيرانهم ومعارفهم، في محاولة لإثباث أن ابنتهم "ست العرايس جالها شبكة بالشيء الفلاني"، وتأتي بعد ذلك الخطوة التالية ألا وهى تجهيز شقة الزوجية بالعفش، والذي يجب أن يكون أكثره على العريس وفي بعض الأحيان يتحمله بأكمله بالإضافة لكتابته في قائمة المنقولات، وذلك بحجة تأمين حق ابنتهم على المدى البعيد، فأي عاقل يؤيد تحمل شابا مبتدئا لمثل تلك الأعباء بمفرده؟
في الحقيقة نحن في حاجة لتغيير ثقافة الأهل ومحاولة إقناعهم بتصفية النوايا تجاه الشباب الراغبين في الزواج و"مايعقدوهاش"، فالأمور أبسط من ذلك بكثير، فكما قالوا قديمًا "كل شئ بالخناق إلا الجواز بالاتفاق"، وهى جملة شهيرة نعرفها جيدًا منذ القدم تداولها أجدادنا واتبعوها خلال مراسم زواج الشباب والبنات، بل وأنهم جعلوها دستورًا شفويًا متعارف عليه في حالة الإقدام على تزويج أبنائهم، فكان الزواج بمثابة المودة والرحمة والذي يحثنا عليه ديننا الحنيف: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ".
ولا ننكر أن هناك بعض الأهالي يرأفون بحال الشباب عند إقدامهم على الزواج، فلا نرى تعقيدات وشروط تعجيزية بل على العكس يساندونهم، وذلك إدراكًا منهم أن القيمة الحقيقية لست في المغالاة بل في حسن اختيار من يرونه مناسبًا لتحمل مثل تلك المسؤولية، تجسيدًا لوصية النبي "صلى الله عليه وسلم" عندما وضع معيار اختيار الزوج الصالح: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، فالعبرة هنا بحسن اختيار الشاب الصالح التقي ذي الأخلاق الحميدة وليس كما يفعل البعض بتفضيل من يملك الأموال.