الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

محمد إبراهيم طه في حواره لـ"البوابة نيوز": "البجعة البيضاء" اتخذت خطًا مختلفًا عن كتاباتي السابقة.. تحررت من الواقعية الفجة إلى إشراقة الأحلام.. الأدب النسوي ليس حكرًا على المرأة

محمد إبراهيم طه
محمد إبراهيم طه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"محمد إبراهيم طه"، قاص، وروائي، وطبيب، من كُتّاب جيل التسعينيات، وصدر له 5 روايات، و4 مجموعات قصصية، وحصل عن 4 منها على جائزة الدولة التشجيعية 2001، وجائزة الشارقة 2000، وجائزة يوسف إدريس 2008، وجائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب 2013، كان للبوابة نيوز حوارًا معه عن روايته "البجعة البيضاء"، الصادرة حديثًا، بالإضافة لقضايا أُخرى.. وإلى نص الحوار:
- ثلاث سنوات فصلت بين "طيور ليست للزينة" و"باب الدنيا".. وسنة واحدة فصلت الأخيرة عن "البجعة البيضاء".. هل أرهقتك باب الدنيا بشكل أكبر؟
نعم.. "باب الدنيا" رواية مرهقة على المستوى الفني، كيف تكتب عن بطل في زمن 45 سنة من حياته دون أن تسرد بشكل تراتبي، وعندما تبحث عن خيط في هذا الزمن الطويل يسمح لك بالانتقال عبر هذا الزمن الطويل نسبيا، دون اعتماد على حدث رئيسي يحمل الرواية، ولذلك أجهدتني حتى خرجت بهذا الشكل الفني المتفرد.
أما رواية "البجعة البيضاء"، فهي تتناول خيطا رهيفا لكنه في زمن قصير جدا، وتستند إلى حدث أو عدة أحداث مترابطة ما جعل الكتابة سهلة على المستوى الفني، فضلا عن أنها خط آخر مختلف عن كتاباتي السابقة التي كانت تندرج تحت ملمح الواقعية السحرية والمزاوجة بين الواقعي والميتافيزيقي، فالبجعة البيضاء رواية واقعية، لا مزج فيها للواقع سوى بالحلم والتشوش بالقدر الذي يخرج العمل من دائرة الواقعية الفجة والمستقرة والراسخة.
- في مجموعتك "امرأة أسفل الشرفة" ومجموعتك التي انتهيت منها "الأميرة والرجل من العامة" كنت تحاول التقاط المرأة الأثيرية بشكل رومانسي.. ما الدوافع الفنية والأدبية للنزول بالمرأة الأثيرية إلى أرض الواقع في "البجعة البيضاء"؟
ظلت المرأة الأثيرية محورا لمجموعة "امرأة أسفل الشرفة" و"الأميرة والرجل من العامة" المرأة من منظور أثيري ورومانسي، كنت أحلق معها وأدور حولها وألتقط لها الصور من هذه المنطقة ولا ينزل بها من هذه المنطقة المحلقة، الراسخة في خيال الكاتب ووجدانه، امرأة سماوية أكثر منها امرأة تسير على الأرض، لكنني في "البجعة البيضاء" اتخذت خطوة إلى الأمام، وأنزلت المرأة من منطقة الحلم والتحليق إلى أرض الواقع، في خروج على تقاليدي في الكتابة، وعلى نمط كتاباتي السابقة، ومن ثم كان لابد أن تتعامل مع المرأة من منظور واقعي صرف، وتتورط معها في قلب الواقع بمشاكله وقضاياه، بجماله وقبحه، والرهان كان كيف تتقدم في خطوة واحدة إلى الأمام وتجترح منطقة أدبية ذات خصوصية واقعية لم تكن الكتابة تروق لي فيها كثيرًا مع الاحتفاظ بلغة تتسم بالعذوبة والشاعرية، وأسلوب ينأى قدر الإمكان عن التقريرية والمباشرة، وبناء روائي دائري وتقنيات سردية تمنع الملل وتحتفظ بالعالم الروائي جذابا ومحلقا في نفس الوقت، هذا كان الرهان، والدوافع، ومع ذلك تظل التجربة برمتها رهنا لذوق المتلقي.
-إلى أي مدى يصعب على الأديب أن يستنطق المرأة في أعماله؟
هو أمر غير مستحيل على أية حال، بشرط أن ينحي الكاتب جانبا وجهة نظره وقناعاته الخارجية وتصوراته المسبقة عن المرأة، ويتعامل معها من منظورها، ويتماهى معها، في هذه اللحظة فقط يمكن له أن يتكلم بلسانها، ويعبر عن أدق التفاصيل والمشاعر في حياتها، وربما يتفوق لو كان يمتلك أدوات فنية وتقنيات سردية متطورة، وقد سهل لوجود المرأة في روايتي "العابرون" و"دموع الإبل" أنني كاتب روائي وطبيب نساء وتوليد، تعاملاته اليومية مع نساء في مختلف سنوات العمر، فضلا عن الدراسة العلمية والتشريحية والفسيولوجية للجسد الأنثوي، وهو ما يجعل هذا الأمر يسيرا بدرجة ما.
- يُقال إن "العربية" لغة تأنيث واحتفاء بالأنوثة.. هل يُعد الأدب العربي مصداقًا لتلك النظرة؟ 
صحيح.. المرأة موجودة في الأدب كما في الحياة بنفس الدرجة ما لم يكن أكثر، بصفتها الأم والأخت والأبنة والحبيبة والزوجة، وبصفتها كل شيء جميل في الحياة، وبصفتها المحرك الأساسي والدافع إلى الحياة.
-هل لجنس البطل أو الشخصية الأدبية علاقة بطبيعة الموضوع الذي يعالجه الأديب؟ وهل وضع المرأة في المركز يناسب موضوعات بعينها؟ 
لو كانت الشخصية الرئيسية لرجل مثلا لا أظن أن لها علاقة بطبيعة الموضوع، لكن حين تكون المرأة هي الشخصبة الرئيسية، فلابد أن تكون هي محور العمل الأدبي، ولا أظن أن قضايا المرأة منفصلة عن قضايا الرجل، وأنت حين تستدعي المرأة في عمل أدبي، فأنت تستدعي الرجل بالتبعية، وعلى حد علمي لا توجد رواية أبطالها وشخوصها نساء وموضوعاتها، وحتى لو وجدت، فلابد أن يأتي الرجال ولو في الخلفية، هي فكرة وضع المرأة في واجهة اللوحة ووضع الرجال في الخلفية، يعني إبراز المرأة لأمر أدبي وفني، وليس تعسفا، في البجعة البيضاء الشخصية الرئيسية "مآثر" هي محور هذه الرواية، وهي الأنثى الوحيدة في هذا العمل، وهنك خمس شخصيات رجالية فاعلة، لكنها في خلفية اللوحة، فيما مآثر هي محور العمل، ومحركه الأساسي، والجميع تابعون.
-كيف ترى فكرة تصنيف الأدب؟ وهل هناك "أدب نسوي"؟
هو ليس تصنيفا صارما بقدر ما هو تقسيمات فرعية من داخل العنوان الرئيسي (الأدب) استنادا إلى ملامح وسمات تجعل منه نوعا من داخل النوع، هو تصنيف للتقريب، وللدرس لكنه غير صارم، وساعة التطبيق يمكن التداخل بين نوعين أو ثلاثة في عمل واحد، ويمكن الاختلاف بين النقاد والقراء على تصنيف عمل أدبي ما، هو تصنيف مثل الرواية التاريخية ورواية الحرب ورواية الجسد ورواية الخيال العلمي، والرواية الاجتماعية وأدب الجاسوسية، هو تصنيف مهم على ألا يكون ملزما، وعلى ألا يتمترس كاتب أو ناقد أو قارئ خلفه، ومن هذا المنطلق أقبل بوجود أدب نسوي، وهو الأدب الذي تكتبه امرأة في شأن أو قضايا امرأة، على ألا يكون ذلك حكرا على المرأة، ويمكن للكاتب، أي كاتب، الكتابة في أي موضوع بما فيه القضايا والكتابة التي تندرج تحت عنوان أدب نسوي. 
-هل ترى أن نقل معرض الكتاب في دورته الجديدة إلى التجمع الخامس قد يؤثر عليه بالسلب؟
نقل المعرض ربما يقلل نسبة الحضور، وأتوقع أن يكون معرض هذا العام أقل صخبا، وأكثر فائدة من أنشطة وفعاليات كانت "تشوشر غالبا" على فكرة المعرض الرئيسية، وهي متابعة الكتب الأحدث، في هدوء، ونقل وتطوير المعرض ليكون مواكبا للمعارض الحديثة لن يمنع عشاق الكتاب أن يكون في التجمع، ولعلها فرصة لاختبار الجماهيرية الحقيقية للكتاب من الجماهيرية المزيفة.
- ماذا تمثل ورشة الزيتون بالنسبة لك وأنت تعمل على تحضير كتاب تذكاري احتفاءً بها؟
ورشة الزيتون هي الرئة التي أتنفس منها هواءً صالحا للحياة، هي النافذة الأكبر على الحياة الأدبية، وهي التي نلتقي من خلالها بالأصدقاء لقاءً حقيقيًا عبر قراءة الأعمال والحوار حولها، بمعنى أنها ليست مجرد قعدة في مقهى أو مع "شلة" تلتقي فيها بالناس، الورشة قاعة درس، ونقاش جاد حول عمل أدبي فعلي ماثل بين يديك، تستمع فيه إلى رؤى نقدية وانطباعية متنوعة، الورشة عين موضوعية على الواقع الثقافي والأدبي، ليس لي فحسب، بل لكل رواد الورشة وشركائها، الورشة من أكبر المنتديات الأدبية المتخصصة في القاهرة، وأعرقها، ودخلها غالبية كتاب ونقاد مصر، وأعضاء الورشة جميعا، بما فيهم قائد الورشة وقوة الدفع الرئيسية لها شعبان يوسف الشاعر والناقد والمؤرخ الأدبي والثقافي، بصدد تقييم دور الورشة من خلال سبعين شهادة أدبية لكتاب تقاطعوا مع الورشة وتفاعلوا معها، وإعداد ثبت بجميع الندوات التي أقيمت فيها باسم الكاتب وعنوان الكتاب وأسماء المناقشين وتاريخ الندوة، وسينشر في الكتاب التذكاري ملحقا مصورا من أرشيف الورشة، سيضم صورا لندوات وتجمعات لكتاب ونقاد كبار في مراحل مختلفة، بهدف الاحتفال بمرور أربعين عاما على الورشة، هذا الكتاب التذكاري ينجزه الآن كل أعضاء الورشة. 
- ما مشروعك الأدبي القادم؟
في انتظار صدور المجموعة القصصية "الأميرة والرجل من العامة" في أبريل المقبل، وأعمل في رواية بعنوان "شيطان الخضر" أتمنى أن تصدر مع نهاية 2019.