السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

إيران تعاني العزلة والعقوبات تثير جنون "النظام".. واشنطن تعلن قمة دولية في بولندا فبراير المقبل.. وأوروبا تنقلب على "الملالي"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أعلن وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو فى الحادى عشر من يناير الحالى، عزم واشنطن على تنظيم قمة دولية فى 13 و14 فبراير المقبل، تتناول أبرز قضايا الشرق الأوسط، وعلى رأسها التهديد الإيرانى فى المنطقة.
وتأتى هذه القمة على خلفية النفوذ الإيرانى المتصاعد فى المنطقة، لا سيما فى دول مثل سوريا والعراق بما يهدد مصالح واشنطن، وكذلك أنشطة الصواريخ البالستية الإيرانية التى تقوم طهران بتطويرها منذ عقد الاتفاق النووى مع دول (5+1)، مع ادعاء سلميتها.
فى السياق ذاته، أثارت الأعمال الإرهابية لإيران فى الخارج، خاصة فى أوروبا سخط دول الاتحاد الأوروبى والتى تتمثل فى استهداف المعارضة الإيرانية فى الخارج، لا سيما جماعة مجاهدى خلق، ما اضطر الحكومات الأوروبية إلى التوقف عن إصدار الآلية المالية التى كان من شأنها تجاوز العقوبات الأمريكية، فضلًا عن مطالبة البرلمانات الوطنية الأوروبية بفرض عقوبات اقتصادية على أجهزة المخابرات الإيرانية.
وأبدت طهران عددًا من ردود الفعل الناقمة على هذه القمة والمشتركين فى تنظيمها؛ تمثلت فى الإعلان عن العودة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20%، فضلًا عن استدعاء القائم بأعمال السفارة البولندية فى طهران مع المطالبة بالتعويض.

التهديد الإيرانى في المنطقة
يرتكز التعريف التقليدى للمصالح الأمريكية فى الشرق الأوسط حول مجموعة من المحاور الرئيسية تتمثل في تدفق الموارد الطبيعية، والحفاظ على العلاقات المتميزة مع الحلفاء الرئيسيين وحمايتهم من التهديدات الخارجية.
فعلى الرغم من انخفاض اعتماد الولايات المتحدة الأمريكية على نفط الشرق الأوسط، فإنها ما زالت حريصة على حماية تدفقات الطاقة التى ما تزال حيوية فيما يتعلق بالاقتصاد العالمى.
وباتت إيران تمثل تهديد حقيقى لمصالح الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، لا سيما بعد الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى مع دول (٥+١ ).
ولوحت طهران فى أكثر من مناسبة بتهديد الملاحة وإغلاق المضايق الدولية، هرمز وباب المندب، فضلًا عن منع تدفق الموارد من دول الخليج من خلال تركز قدرات طهران فى القوارب السريعة التى تتحرش بالسفن الكبرى للولايات المتحدة.
وتدل الاستفزازات التى تبعت الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى، على أهمية الخطر الذى تشكله طهران والجماعات التابعة لها على حرية الملاحة فى مضيق باب المندب. وباتت سوريا من أبرز الساحات التى عظمت الخلاف بين طهران والإدارة الأمريكية، وسعت طهران لتهديد القوات الأمريكية الموجودة فى المنطقة والتى تصل إلى أكثر من ١٥ الف عسكرى، لا سيما بالكويت والعراق.
من ناحية أخرى، تسعى إيران لنشر المذهب الشيعى فى المنطقة على حساب المذهب السنى، بما يشكل تهديد مباشر لحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية فى الخليج.

تطوير الصواريخ الباليستية الإيرانية
أعلن الرئيس الإيرانى «حسن روحاني» فى ١٠ يناير الحالى عن إطلاق بلاده صواريخ تحمل أقمارًا صناعيًا إلى مدار الأرض، فى تحدً لتحذير الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» من انتهاك القرار رقم ٢٢٣١؛ حيث يأتى ذلك ليكون بمثابة تأكيد على نشر شبكة (سى إن إن) الأمريكية صورًا تُظهر نشاطًا صاروخيًا بموقع تابع للحرس الثورى، تستخدمه وكالة الفضاء الإيرانية.
لكن بعض المحللين أشاروا إلى أن طهران تجنبت تقديم شكوى فى مجلس الأمن ضد قرار الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، فى مقابل عدم تلويح الولايات المتحدة الأمريكية بورقة القرار رقم ٢٢٣١ ضد الأنشطة الصاروخية الإيرانية. نتيجة لما سبق، أثرت الأنشطة الصاروخية لطهران على العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبى التى كانت بصدد تجهيز آلية لتسهيل التعامل مع البنوك الإيرانية.
فى السياق ذاته، تقدمت فرنسا وبريطانيا بطلب إلى مجلس الأمن لبحث الاختبارات الصاروخية الإيرانية، كما اعتبر وزير الخارجية البريطانى «جيرمى هانت» أن التجربة الصاروخية الإيرانية ذات طبيعة تهديدية ومناقضة للقرار الأممى.
وعلى خلفية قلق باريس من تطور برنامج الصواريخ الباليستية بما يهدد منطقة الشرق الأوسط، باتت قضية الصواريخ الباليستية تفرض نفسها كملف أساسى فى العلاقات الإيرانية الفرنسية، ما دعا فرنسا لتحذير إيران وتذكيرها بأن البرنامج الصاروخى لا يتوافق مع القرار الدولى رقم ٢٢٣١ الصادر عن مجلس الأمن عام ٢٠١٥.
واقترحت فرنسا على لسان رئيس جمهوريتها «إيمانويل ماكرون» ضرورة الفصل بين الاتفاق النووى والبرنامج الباليستى، والعمل على فتح مجال جديد للمفاوضات بين البلدين فيما يتعلق بعدد من المحددات تتمثل فى النفوذ الإيرانى فى المنطقة، وتهديد المصالح الأوروبية والغربية، واستهداف المعارضة الإيرانية فى الخارج وبرنامج الصواريخ الباليستية.


استهداف المعارضة الإيرانية فى الخارج
فرض الاتحاد الأوروبى فى الثامن من يناير الحالى عقوبات جديدة على إيران، تضمنت تجميد أرصدة مالية لعناصر من أجهزة الاستخبارات الإيرانية، على خلفية حملة الاغتيالات التى قامت بها إيران ضد المعارضة الإيرانية فى هولندا وفرنسا والدنمارك.
وجاء ذلك ردًا على طلب رسمى من كوبنهاجن فى الأول من نوفمبر عام ٢٠١٧ بدعوة دول الاتحاد الأوروبى مُجتمعة لفرض عقوبات على طهران بسبب سلسلة الاغتيالات التى استهدفت المعارضة العربية من الأحواز، لا سيما بعد حادث الهجوم على الاستعراض العسكرى للحرس الثورى فى إقليم الأحواز ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨، الذى أسفر عن اختطاف ١٤ من عناصر ميليشيا «الباسيج»، ومقتل آخرين.
كما وجه وزيرا الخارجية والداخلية الهولنديان مذكرة إلى البرلمان الوطنى، تتمحور حول وجود مؤشرات قوية على ضلوع إيران فى تصفية مواطنين هولنديين من أصل إيرانى لاسيما خلال عامى ٢٠١٥ و٢٠١٧.
وشهدت العاصمة الألبانية «تيرانا» فى ١٩ ديسمبر ٢٠١٨ عمليات اغتيال مشابهة لأحد أعضاء جماعة مجاهدى خلق الإيرانية، وقامت وزارة الخارجية الألبانية بطرد السفير الإيرانى ودبلوماسى أخر باعتبارهم غير مرغوب فيهم لإضرارهم بالأمن القومي؛ حيث أوضح «حسين داعى الإسلام» أحد أعضاء المعارضة الإيرانية فى الخارج بأن جماعة «مجاهدى خلق» قدمت معلومات مهمة للسلطات الألبانية عن دور مسئولين فى السفارة ينتمى البعض منهم إلى وزارة الاستخبارات الإيرانية.
ولذا، أدت كل هذه الأحداث إلى إثارة غضب دول الاتحاد الأوروبى نحو إيران، ما جعلها تقوم بفرض مجموعة من العقوبات على عدد من قيادات الاستخبارات الإيرانية، وتعطيل الآلية المالية التى كان من المقرر استخدامها للتعامل مع البنوك الإيرانية وتجاوز العقوبات الأمريكية.


ردود الفعل الإيرانية تجاه القرار الأمريكى
أدى إعلان بولندا عن استضافة القمة الأمريكية لمناقشة قضايا الصراع فى الشرق الأوسط، لا سيما النفوذ الإيرانى المتصاعد الذى يهدد مصالح واشنطن، إلى إثارة سخط النظام الإيرانى التى اعترف مرشده الأعلى، على خامنئى، للمرة الأولى بالتأثير السلبى الشديد للعقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيرانى إلى عدد من الإجراءات تمثلت فيما يلى..
الإعلان عن تخصيب اليورانيوم حتى مستوى ٢٠٪
شهدت طهران مجموعة من ردود الفعل الساخطة على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى أعقبت الخروج الأمريكى من الاتفاق النووى الإيرانى فور إعلان «مايك بومبيو» عقد القمة الأمريكية فى بولندا منتصف فبراير لعام ٢٠١٩. وأشار مساعد رئيس الجمهورية ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، على أكبر صالحى، إلى قدرة إيران على استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة ٢٠ ٪ فى غضون ٣ أو ٤ أيام فقط إن أرادت.
فى السياق ذاته، أقر «صالحي» بأن الجمهورية الإسلامية لم تفقد شيء لاسترجاعه، لكنها وافقت على بعض القيود التى ليس من شأنها التأثير على الصناعة النووية التى ما زالت قائمة، كما أنها ليست فى حاجة إلى التخصيب بنسبة ٢٠٪، لأنها تمتلك احتياطيًا من اليورانيوم المخصب بنسبة ٢٠٪ يكفيها لفترة من ١٠ إلى ١٢ عامًا مقبلة، ما يمكنها من العودة فى أى وقت تشاء.
استدعاء القائم بالأعمال لدى السفارة البولندية
قامت الخارجية الإيرانية باستدعاء القائم بالأعمال السفارة البولندية فى طهران، لإبلاغه احتجاج الجمهورية الإسلامية على القمة الأمريكية المزمع عقدها فى العاصمة البولندية «وارسو» منتصف فبراير لعام ٢٠١٩ للتباحث حول قضايا الشرق الأوسط، لا سيما النفوذ الإيرانى الممتد داخل كثير من دول المنطقة.
فى السياق ذاته، أكدت الخارجية الإيرانية أنها ستتخذ عددًا من الإجراءات الحاسمة، إذا لم تعد بولندا النظر فى موقفها، بل طالبت بالتعويض إذا لم تتراجع وارسو عن استضافة القمة الأمريكية، التى ستركز على السلام والحرّية والأمن فى المنطقة، بما يتضمّن عنصرًا مهمًا يتمحور حول التأكد من أن إيران لا تمارس نفوذًا مزعزعًا للاستقرار فى الشرق الأوسط.