الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"ثلاثون عامًا في صحبة نجيب محفوظ".. حكايات أديب الحرافيش في "ريش وقصر النيل"

 نجيب محفوظ
نجيب محفوظ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يكن محمود الشنواني، طالب الطب ابن التاسعة عشرة، يعلم أن الخطوات التي يسيرها على كورنيش النيل فى يوم الجمعة 13 فبراير 1976 كفيلة بتغيير حياته إلى الأبد، عندما ساقته قدماه ليجد نفسه وجهًا لوجه أمام نجيب محفوظ الذى كان اسمًا لامعًا فى الأدب العربي.
لم يعرف الشنواني وقتها أن قبوله للدعوة التى وجهها له محفوظ ليُشاطره ببساطة جلساته فى مقهى ريش، سوف تجعله واحدًا من أقرب تلاميذ الأستاذ، وأنهما سيقضيان معا ثلاثين عامًا تنتهى بصعوده من جوف المقبرة على طريق الفيوم، بعد أن قبّل الرجل للمرة الأخيرة فى يوم الخميس ٣١ أغسطس ٢٠٠٦، وهو ابن التاسعة والأربعين.
فى كتابه «ثلاثون عامًا فى صحبة نجيب محفوظ»، الصادر حديثًا عن صفصافة للنشر، ضم الشنوانى حكاياته عن الأستاذ منذ لقائهما الأول، عندما دعاه محفوظ لصحبته قائلًا: «لو تحب تقعد معانا، تعال معانا فى ريش»، وحتى أنهى الكتاب بحلم آخر لا يخص النجيب، ولكنه جمعهما والشيخ عبدربه التائه، فرواه بالطريقة المحفوظية العتيدة التى اعتاد الأستاذ أن يسردها عندما يتعلق الأمر بالشيخ صاحب الرؤى والعبارات الغامضة المؤثرة.
طيلة تلك السنوات لم يسعَ الشنوانى للاحتفاظ بصور فوتوغرافية تسجّل تلك العلاقة الطويلة ومحطاتها، لم يجد فى حوزته إلا صورًا قليلة، فقد «انتابنى شعور أنه الأولى أن أتشبع بروح وفكر الأستاذ بشكل شامل ولا أنشغل بالتفاصيل»، حسب قوله، فاكتفى بأن يكون هو نفسه كاميرا بشرية تُسجّل طيلة ثلاثة عقود جلسات الحرافيش مع فتوة الكتابة المصرية «يعوّض ذلك، أن هناك أحداثًا راسخة فى الذاكرة، وأننى سأسعى أن أسجل المناخ العام، وفقط التفاصيل التى ما زلت أحتفظ بها واضحة لأهميتها ولتأثيرها، وأن حديثى لن يكون مجرد سرد لمواقف خبرتها، بل به جزء أساسى من تأمل ما وراء تلك المواقف».
تنوعت حكايات الشنواني، الذى بدأ فى قراءة أعمال محفوظ وعمره ١٨ عامًا عبر رواية «ميرامار» التى تعرف من خلالها على معنى الأدب، بتنوع مواقف الأستاذ، بدأها بوصف أكثر مُريدى الرجل انتظامًا، ومنهم مصطفى أبوالنصر صاحب المقعد إلى يسار الأستاذ فى ريش، والذى كانت هناك محبة كبيرة بينه وبين الأستاذ، ودليل ذلك إصرار الأخير على الذهاب لجنازة أبوالنصر، رغم وهن صحته وعدم الرضا الأمنى عن تواجده بمكان عام فى هذه الفترة، وكانت المرة الأخيرة التى يشارك فيها محفوظ فى جنازة؛ وهارفى أسعد أقدم رواد الندوة وأكبرهم سنًا بعد الأستاذ، وهو ماركسى قديم تصادق مع محفوظ على مدار أربعين عامًا، والذى كان يجلس خلف الأستاذ فى كازينو أوبرا بعد صدور «أولاد حارتنا» خوفًا أن يأتى أحد يؤذيه من الخلف؛ وآخرون استمرت جلساتهم حتى صدر قرار بإغلاق المقهى أبوابه يوم الجمعة، فانتقلت الحكايات إلى كازينو قصر النيل.