الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"حياة كريمة".. مبادرة ينتظرها أهالي القرى.. "التعبئة والإحصاء": الصعيد نال 60٪ من نتائج أوجاع الفقر.. وخبراء يضعون خطة للقضاء على الفقر

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حسب الأرقام الرسمية، الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يعانى الصعيد من أوضاع الفقر بنسبة تتجاوز 60% من نتائج الإحصاء للقرى الأكثر فقرًا، لذلك أطلقت الدولة مبادرة «حياة كريمة» للطبقات الأكثر احتياجًا على مستوى محافظات الجمهورية، ونادى الرئيس عبدالفتاح السيسى، بالاهتمام بقرى الصعيد، من أجل توفير حياة أفضل وتحسين مستوى المعيشة. 


وبدأت الجهات المختصة فى وزارة التضامن الاجتماعى ومؤسسات المجتمع المدني، تحديد القرى والمناطق الأكثر فقرًا، وانتهت إلى وجود 60 قرية من بين الـ 100 قرية التى تم تحديدها كأكثر احتياجًا، وتبين أن محافظة «سوهاج» فقط، تحتكر أكثر من 50 % من نسب الفقر، فيما وُزعت باقى القرى على المحافظات الأخرى، وهى «أسيوط والمنيا والأقصر وأسوان وقنا والقليوبية والوادى الجديد وشمال سيناء والجيزة ومرسى مطروح والبحيرة». وجاء تحديد الأرقام عقب تحليل فنى للبيانات والمعلومات التى حصلت عليها وزارة التضامن، عن سكان هذه القرى، الذى بلغ عددهم أكثر من 32 مليون مواطن، بما تتضمنه من معلومات عن احتياجاتهم المادية والمعيشية والحالة الصحية والتعليم والدخل للمواطنين وفرص العمل وغيرها. «البوابة» كانت هناك وسط سكان هذه القرى، ترصد أحوالهم وتنقل آلامهم وتردد معهم أحلامهم فى حياة إنسانية كريمة، فمصر دوما تستطيع تحدى كل الصعاب.
أكد خبراء وأساتذة الإدارة المحلية والاقتصاد أن المشروعات التنموية للدولة تلبى جانبا كبيرا من احتياجات القرى الأكثر فقرا، ولكن هذه القرى مازالت فى حاجة إلى الكثير، خاصة فى جنوب الصعيد الذى ضربت قراه الرقم القياسى فى العيشة المُرة. 
وتتجه الدولة لتطوير صعيد مصر عبر تنفيذ العديد من المشاريع القومية، مثل مشروع المثلث الذهبى (قنا- سفاجا- القصير) الواقع على مسافة مليون ونصف المليون فدان والذى يعد كمركز صناعى وتجارى واقتصادي، لتقديم كل التسهيلات التجارية واللوجستية من خلال تطوير ميناء سفاجا ليصبح ميناء تجاريًا يقدم كل التسهيلات والخدمات، بجانب ٩ تجمعات صناعية كبرى بالتوازى مع إنتاج خام كلٍ من الفوسفات والحديد والذهب والفضة، بالإضافة إلى مواد البناء من الرمال العادية والزلط والحجر الجيرى والطفلة والجبس وخامات صناعة الإسمنت، وعلى الرغم من هذا كله، إلا أنه مازال هناك العديد من المشكلات المتمثلة فى ارتفاع مستويات الفقر.


يقول الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة المحلية، وخبير استشارى البلديات الدولية، إن الخدمات فى القرى والعزب والكفور والنجوع تشهد حالة من النقص والتدهور الشديد، حيث تخلط الترع بمياه الشرب مع الصرف الصحي، فضلًا عن انتشار القمامة بشكل كبير، والتى قد تسبب الأمراض للمواطنين، لافتًا إلى أن الشوارع فى هذه الأماكن تعانى من غياب التخطيط العمراني، والاعتداء على عرض الشوارع دون رقابة.
وأضاف عرفة، أن عدد القرى فى مصر يصل إلى ٤ آلاف ٧٢٦ قرية، يتبعها ما يقرب من ٢٦ ألفا و٧٥٧ عزبة وكفر ونجع تمثل فى مجملها ٤٠٪ من مساحة وسكان الجمهورية، موضحًا أن نسبة الصرف الصحى فى القرى وما يتبعها من عزب تصل إلى ٨٪، ونسبة رصف الطرق لا تتعدى ٥٪‏ وغيرها مما تمتاز به من تدهور للخدمات فى شتى النواحي، كما أن نسبة الخدمات لا تتعدى ٣٪ بسبب فشل الإدارات المحلية المتعاقبة عبر عقود وحتى الآن، حيث إن الإدارة المحلية تدهورت أوضاعها عبر عقود ممثلة فى القرى والعزب والكفور والنجوع.
وأشار إلى أن أحوال القرى فى تدهور شديد وجميع المرافق الأخرى متدهورة للغاية، فى ظل أن وزارة التنمية المحلية بها قطاع إدارى واحد، يسمى جهاز «بناء وتنمية القرية»، ليس به تمويل كافٍ لتطوير وبناء القرى المصرية، أو تقديم خدمات لكافة المحافظات، مناشدًا بضرورة إجراء حركة سريعة لـ ١٤١١ رئيس وحدة محلية قروية، مسئولين عن ٤٧٢٦ قرية يتبعها ٢٦٧٥٧ عزبة ونجعًا وكفرًا، حيث أن الأغلبية العظمى منهم ليسوا مبدعين فى العمل الإدارى ولا يفكرون خارج الصندوق ولم يقوموا بالتخطيط الاستراتيجى التى تعد أول خطواته وضع الرؤية الاستراتيجية للقرية.
التهميش 

يؤكد الدكتور عادل عامر، خبير اقتصادي، أن المشكلة فى غياب خطط التنمية، قائلا: «من منذ سنوات طويلة ومنطقة الصعيد من المناطق المهمشة والبعيدة عن خطط التنمية» ولفت إلى أن أحد أسباب هذا الأمر هو عدم وجود عدالة فى التوزيع على أرض الواقع ما بين محافظات الجمهورية، مشيرًا إلى أنه هناك محافظات تكون الأكثر نشاطًا سواء اقتصاديًا أو زراعيًا، على الجانب الآخر هناك محافظات تشهد حالة من الركود فى كل المجالات.
وتابع عامر، أن رجال الأعمال فى عهد سابق كانوا يرفضون الاستثمار فى الصعيد، لافتًا إلى أن القيادة السياسية بعد ٣٠ يونيو درست أوضاع الصعيد، ووجدت أن الصعيد لا بد أن ينعم بالحصول على التنمية الاقتصادية، وأن يكون هناك عدالة حقيقية بين كل المحافظات، والتخلص من الأزمات التى نتجت عن غياب الصعيد عن خطط التنمية مثل الهجرة الداخلية وزيادة نسب البطالة وغيرها.
وأوضح، أن خطط الدولة فى الوقت الراهن هى شمول التنمية لصعيد مصر والاهتمام بها، والقضاء على وجود البطالة بها، وعمل تنمية حقيقية لكل محافظات الوجه البحرى والقبلي، حيث إن تحقيق العدالة الاجتماعية يحتاج إلى التنمية فى هذه المحافظات والقرى، مضيفًا أن هناك مشروعات بدأت الحكومة فى تطبيقها على أرض الواقع بالشراكة والتعاون مع الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى أهمها مشروعات الصرف الصحى والمياه والكهرباء فى القرى، مؤكدًا أن مبادرة «حياة كريمة» من المبادرات الوطنية التى تؤكد أن الدولة تحارب عرقلة التنمية فى كل أنحاء الجمهورية مثل محاربتها للإرهاب، وتسعى لتوفير حياة كريمة للمواطنين.
أين الخدمات؟ 


ويرى الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن معدلات الفقر خلال الفترة الأخيرة ارتفعت بشكل كبير، حيث بلغ نحو ٢٥٪ فى مختلف أنحاء البلاد، ففى المجتمعات الفقيرة ليس هناك خدمات تقدم للمواطنين بشكل جيد، مؤكدًا أن خطط التنمية فى صعيد مصر ضعيفة جدًا، فلابد من إنشاء المصانع والمشروعات التى توفر فرص عمل لأهالى الصعيد، الذين يعانون أشد معاناة سواء فى المأكل أو الشراب أو غياب محطات الصرف الصحى والكهرباء والسكن الملائم وغيرها.
وتابع الشريف، أن أزمات الصعيد جاءت كنتاج طبيعى للإهمال الذى عانى منه الأهالى على مدار السنوات الماضية، مشيرًا إلى أن الزيادة السكانية أيضًا أزمة تتسبب فى إضعاف قدرة الدولة على حل الأزمات المعيشية والخدمية التى تواجه المواطنين، حيث إنه هناك ترتفع الزيادة السكانية نحو حوالى ٢.٥ مليون مواطن سنويًا، متسائلًا: «هياكلوا ويشربوا ويسكنوا منين؟»، ومحافظات الصعيد معظمها محافظات طاردة لسكانها مثل «سوهاج- أسيوط» وغيرها، نتيجة غياب الخدمات والاحتياجات الأساسية التى يتم تقديمها للمواطنين.
وشدد على ضرورة إحداث التنمية المكثفة فى كل محافظات الصعيد والمحافظات الأخرى الأكثر احتياجًا، سواء من محطات صرف صحى أو زراعة أو صناعة أو الخدمات الصحية وغيرها، وذلك من أجل العمل على زيادة الإنتاج فى مصر والقضاء على البطالة «الشبح» الذى يهدد الشباب حديثى التخرج، مضيفًا أن محاولات الحكومة لتحقيق التنمية فى الصعيد لم يكن النجاح حليفها، لأن المواطنين بحاجة إلى التوعية الشديدة بكل الأمور المعيشية والحياتية، مثل الزيادة السكانية وأخطارها عليهم مستقبلًا، قائلًا: «النزول للقرى للحديث عن أزمة الزيادة السكانية مثلًا ستقابل بالفشل، لأنه هيكون فيه هجوم غير مبرر على هذه الحملات نتيجة غياب التوعية وانتشار الجهل بينهم.


التنمية المستدامة 
يوضح الدكتور أحمد خزيم، الخبير الاقتصادي، أن الحكومة تحدثت كثيرًا عن الطبقات الفقيرة وتم عمل اعتمادات مالية، ولكنها كانت دون أى جدوى حقيقية، بل ارتفعت نسب الفقر وفقًا للتقرير الرسمى للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، مؤكدًا أنه لابد من وضع رؤية لخطط التنمية فى الصعيد، حيث إن الصعيد مهمل منذ سنوات طويلة، وتصنف بعض القرى به «الأكثر فقرًا» وفقًا للتقارير الرسمية، مما أدى هذا الأمر إلى العديد من الأزمات والمشكلات مثل النزوح إلى العاصمة والمحافظات الكبرى المطلة على الدلتا، مما نتج عنه الزيادة السكانية بشكل كبير. وتابع خزيم، أن هذه الأزمات جاءت نتيجة غياب الإدارة لتحقيق التنمية المستدامة فى الدلتا والزراعة والصناعة والثروة الداجنة والحيوانية، موضحًا أن الصعيد يمتلك ثروات طبيعية هائلة، لابد أن يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، لمحاربة الفقر والقضاء على البطالة المتواجدة فى الصعيد، وسيتم هذا الأمر من خلال تحقيق التنمية المستدامة بشكل حقيقى وصحيح، وبناء على خطط حكومية ورؤى سليمة تهدف بالأساس لتنمية الصعيد والقضاء على مشكلاته، مضيفًا أن تصنيفات القرى الأكثر فقرًا على مستوى محافظات مصر «خطيرة جدًا»، وتزايدها عن هذا الحد سيضعنا عرضة للخطر.
وأشار إلى أن الحكومة أطلقت مبادرات لمحاربة الفقر مثل «تكافل وكرامة»، ولكنها لم تحقق الهدف المنشود وهو القضاء على الفقر فى محافظات مصر، والصعيد تحديدًا، لافتًا إلى أن تدخل رئاسة الجمهورية لحل مشكلة الفقر فى القرى والمحافظات جيدة، ولكنها دليل على عدم احتواء الحكومة للأزمة منذ البداية، وعدم تحقيقها التنمية المستدامة، مشددًا على ضرورة عمل المشروعات الصغيرة فى الصعيد وجذب الاستثمار وليس للعاصمة أو المحافظات الكبرى فقط، بل تشمل الصعيد. وناشد وزارة الاستثمار لوضع محاربة الفقر ضمن خطط جذب الاستثمار إلى مصر، والتوجه إلى محافظات الصعيد، ووضع رؤية كاملة لهذا الأمر، بجانب متابعة الحكومة ووضع برامج محددة ومدروسة لمحاربة الفقر>


سوهاج تتصدر القائمة يليها أسيوط والمنيا والأقصر وأسوان وقنا 
أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، عن ارتفاع معدلات الفقر لـ ٢٧.٨٪، حيث بلغت نسبة السكان الذين يعيشون دون خط الفقر الوطنى فى الفئة العمرية ٢٥ سنة فأكثر ٢٤.٣٪، وفى الفئة العمرية من ١٥ إلى ٢٤ سنة نحو ٣٥.٤٪، و١٥ سنة فأكثر نحو ٢٧.٧٪. 
كما تُشير إحصاءات المركزى للتعبئة والإحصاء إلى أن نحو ٥.٣٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر المدقع مقارنة بـ ٤.٤٪ فى العام ٢٠١٢، بما يُقارب ٤.٧ مليون مواطن مصري، حيث يبلُغ متوسط دخل الفرد فى هذه الفئة ٣٢٢ جنيها شهريًا، فى حين؛ أن الحكومة توفر الحماية الاجتماعية لنحو ٢.٢ مليون مواطن فقط من خلال برنامج الدعم النقدي؛ تكافل وكرامة. وأشارت الإحصائية، إلى أن ٥٦.٧٪ من ريف الوجه القبلى فقراء، لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية، مقابل ١٩٫٧٪ بريف الوجه البحري، مضيفًا أن ١٥٪ من سكان المحافظات الحضرية فقراء، كما أن أعلى مستويات الفقراء تستحوذ عليها محافظتا سوهاج وأسيوط بنسبة ٦٦٪، ثم محافظة قنا بنسبة ٥٨٪، وبين أن محافظة القاهرة يصل نسبة الفقراء بها نحو ١٨٪، فى حين تمثل محافظة بورسعيد أقل المحافظات فى نسبة الفقراء، والتى تبلغ ٦.٧٪ تليها محافظة الإسكندرية بنسبة ٦.١١٪، موضحًا أن الجهاز أكد أن ٨١.٨٪ من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجتماعية، وأن ٨.٧٪ فقط من الفقراء مشتركون فى التأمينات الاجتماعية، ونسبة المستفيدين من التأمينات الاجتماعية من الفقراء تبلغ ٨.٩٪..
ووفقَا للإحصائيات الرسمية لعام ٢٠١٦، فإن ٣٠ مليون مواطن مصرى يقع تحت خط الفقر، وأن متوسط دخل الأسرة المصرية يبلغ ٤٥ ألف جنيه سنويًّا، بينما متوسط دخلها الشهرى ٣٧٥٠ جنيهًا، تزامنًا مع زيادة الأسعار، وارتفاع معدل التضخم السنوى بنسبة ١٢.٩٪ فى مايو ٢٠١٧، كما ارتفعت الأسعار إلى ١٨٨.٩ نقطة مقابل ١٨٢،٨ نقطة خلال أبريل ٢٠١٧.
وفى الشهر الماضى أظهرت المؤشرات المبدئية لبحوث الدخل والإنفاق التى يجريها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع معدل الفقر فى كافة أنحاء مصر لتصل نحو ٣٠.٢٪ مقارنة بـ ٢٧.٨٪ فى تقديرات عام ٢٠١٥، حيث أصدرها الجهاز فى عام ٢٠١٦.


الهجرة الداخلية
وقال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التنمية والتخطيط إن من أهم المشاكل التى يعانى منها الصعيد غياب فرص العمل التى تضمن للشباب المصرى ظروف حياة مناسبة، الأمر الذى يضطر الشباب للهجرة إلى المحافظات التى تكثر بها فرص العمل مثل محافظة القاهرة والإسكندرية، الأمر الذى يؤدى إلى زيادة عدد السكان القاطنين فى تلك المحافظات، وبالتالى ارتفاع معدل البطالة وغياب أى فرص تنموية داخل الصعيد، لأنه لا توجد أيدى عاملة تعمل على البناء.
ولفت إلى أن الروشتة الوحيدة للتعامل مع تلك المشاكل تكمن فى العمل على إصلاح منظومة العمل داخل الصعيد بتوفير المشاريع المواتية للبيئة الموجودة هناك مما يعمل على التنمية وهو ما يعد بمثابة إلقاء حجر فى المياه الراكدة على حد قوله، لافتًا إلى أنه آن الأوان لكى يصبح الصعيد من بين المحافظات التى توفر فرص العمل، خاصة أن بها محافظات تحتوى على الكثير من الموارد الطبيعية التى تؤهلها لأن تسهم بشكل فعال فى التنمية مثل الأرض الخصبة على سبيل المثال التى يتمتع بها الصعيد والبترول وغيرهما. ويكشف الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسى أن الصعيد مشكلة الفقر به لطالما كانت مشكلة مزمنة وتمتد لأعوام فى ظل غياب إدارة تعمل على نهضته، معتبرًا أن المشكلة الخاصة بارتفاع نسب الفقر داخل قرى الصعيد نشأت بسبب تجاهل الدولة لتطويره، بالرغم من وجود الأيدى العاملة وتوافر الموارد التى تمكن من الوصول إلى التنمية.
وأوضح أنه يجب ألا تكون المبادرات الخاصة بإغناء القرى الفقيرة مقصورة على منحهم الطعام والشراب وتلك الأشياء الضرورية فحسب وإنما يجب أن تكون الموارد المالية المخصصة تعمل على توجيه الأموال فى مشروعات حقيقية تعمل على رفع مستوى المعيشة للمواطنين والعمل على تقليص الاحتياجات الضرورية التى يشعرون بها وهو الأمر الذى سيعود بعائد حقيقى بينما الأموال الموجهة للطعام والشراب فإنها لن يكون لها نفع كبير سوى لفترة محدودة.
وأضاف: أن الصعيد توجد به آثار غير مستغلة ومشاريع سياحية كثيرة تعانى من غياب اهتمام الدولة كأسوان والأقصر التى يوجد بها حوالى ثلث آثار العالم والتى تحتاج إلى مزيد من العمل لجعلها محافظة جاذبة للسياحة بتوفير الخدمات ووسائل الترفيه والمرافق المختلفة وأماكن الزيارات وهو الأمر مثله داخل محافظات أخرى مثل المنيا وبنى سويف التى من المفترض أن بها الكثير من المناطق الأثرية.

تحديات التنمية 
وشدد الدكتور خالد الشافعى الخبير الاقتصادي، على أن التحدى الأكبر الذى يواجه الصعيد خاصة خلال الفترة المقبلة يتمثل فى ضرورة التنسيق بين كل من الجهات والوزارات المعنية داخل الصعيد بما يعمل على خلق بيئة عمل متكاملة تتعاون فى حل المشاكل الخاصة بالصعيد فعلى سبيل المثال هناك حاجة إلى تعاون وزارة الزراعة ووزارة الاستثمار من أجل العمل على تسهيل الاستثمار فى المجال الزراعي، خاصة أن الصعيد بيئة خصبة للزراعة. وأوضح أن صعيد مصر موقعه متميز حيث يوجد نهر النيل من جهة، ويوجد ظهير صحراوى ومياه جوفية من جهة أخري، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية توفير مناخ التنمية الزراعية العمرانية والصناعية بصورة كبيرة مؤكدًا أن هناك العديد من الإيجابيات التى بدأت تحدث باتجاه الدولة إلى المشروعات القومية وهو ما قد يعمل على سد حاجة الكثير من أهالى القرى الفقيرة بعد توفير فرص العمل لهم، مثل مشروع المثلث الذهبى الذى أقيم على مساحة ٢.٢ مليون فدان تشمل العديد من المناطق بالصعيد مثل قنا وسفاجا والقصير، الأمر الذى يعمل على توفير الكثير من فرص عمل للكثير من المواطنين بالصعيد. ولفت إلى ضرورة وجود رؤية لتطوير كل محافظات الصعيد وليس محافظات بعينها وتابع: «بالرغم من توافر إمكانيات ومناخ التنمية الزراعية والاقتصادية، إلا أن هذا لا يعنى أنه يمكن البدء فى مشروعات الزراعة دون توفير مياه»، لافتًا إلى أن هناك الكثير من المياه الجوفية التى تساعد على الزراعة وهو ما يجب استغلاله خلال الفترة المقبلة، علاوة على أهمية استغلال الظهير الصحراوى الكبير المحيط بالصعيد، والذى يمكن من خلال استغلاله خلق مجتمعات سكنية كبيرة وتفرغها من المحيط الضيق الذى توجد به وتوفير الخدمات لهم.
مسح القرى 
من جانبها شكلت محافظة «سوهاج»، فرق للمسح الشامل للقرى التى تم تحديدها ضمن الأكثر احتياجًا والتى تشملها مبادرة «حياة كريمة»، لبحث الاحتياجات الخاصة بـ ٦٠ قرية، التى شملتها المبادرة، وذلك بالتعاون بين مديرية التضامن الاجتماعى والمديريات الخدمية، ومؤسسات المجتمع المدني، وتحديد متطلبات تلك القرى، والعمل على تحسين الخدمات بها فى جميع القطاعات سواء فى التعليم أو الصحة أو مياه شرب أو الصرف الصحى أو الطرق أو الكهرباء، وجميع الخدمات اللازمة، ووضع خطط تنموية تهدف لرفع مستوى تلك القرى، وإنشاء مشروعات تنموية، وتحسين البنية الأساسية بها، ووجه الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ سوهاج، بضرورة الانتهاء من أعمال المسح لتلك القرى خلال أسبوعين، وتسخير جميع إمكانات المحافظة على أن يتم الانتهاء من رفع كفاءة تلك القرى وتحويلها من قرى فقيرة إلى قرى تتمتع بجميع المزايا والخدمات فى مختلف القطاعات خلال ٦ أشهر فقط من بداية تنفيذ المبادرة.