الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"تميم" يرسخ أطماع أردوغان في المنطقة.. "قطر" تقدم قائمة خدمات مجانية للجيش التركي.. استخدام المطارات والمياه الإقليمية والموانئ.. والدوحة منحت الحماية للجنود الأتراك

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشرت «البوابة نيوز»، فى صدر صفحتها الأولى يوم الأحد الماضي، خبرًا حول الاتفاقية السرية بين تركيا وقطر، التى كشفها الموقع السويدى «نورديك مونيتور» الناطق بالإنجليزية، ونتناول هنا تفاصيل ما نشره هذا الموقع المتخصص.


الاتفاقية أبرمت بين تركيا وقطر فى ٢٨ أبريل ٢٠١٦، وتم توسيعها منتصف عام ٢٠١٧، وتحمل اسم (اتفاقية التنفيذ بين الجمهورية التركية وحكومة دولة قطر لنشر القوات التركية على الأراضى القطرية)، وتقع فى ١٦ صفحة، وموقعة ومختومة من الجانبين القطرى والتركى، وظلت طى الكتمان إلى أن تمكن الموقع السويدى من الحصول على نسخة منها وقام بنشرها. وتبين أن الاتفاقية تفرض على قطر قائمة طويلة من الخدمات المجانية للجيش التركي، فضلًا عن أنها لا يقتصر على التدريبات العسكرية فقط، بل تتضمن إجراء عمليات والتى قد تشير إلى مهمات قتالية للقوات التركية، حسبما نقلت مواقع عربية عدة. وتنص المادة السادسة على أنه «وطوال سريان هذه الاتفاقية؛ فإن السلطات القطرية تضمن للقوات العسكرية التركية استخدام المطارات القطرية للاقلاع والهبوط، وكذلك استخدام الأراضى القطرية والمياه الإقليمية والموانئ القطرية، وذلك بهدف تنفيذ هذه الاتفاقية»، كما تشير الاتفاقية إلى ضرورة الحصول على موافقة «القوات المسلحة التركية» من دون أية إشارة إلى ضرورة الحصول على أى موافقات قطرية.
ويشير البند (G) من الفقرة الثانية للاتفاقية إلى أنه «على قطر ضمان إعطاء الأولوية القصوى لكل المركبات الأرضية والجوية التركية، بما فى ذلك المروحيات التى يمكن أن تحتاج المرور فى حالات الطوارئ من وإلى الأجواء القطرية».
كذلك نصت المادة الخامسة من الاتفاقية فى فقرتها الثانية على أن «الجمهورية التركية هى صاحبة الاختصاص القضائى فيما يتعلق بمواطنيها فى حالات وقوع أية جريمة ضد الأمن أو الممتلكات أو الأشخاص التابعين لتركيا»، و«أية جرائم تتسبب بها الأعمال التى تتم لتنفيذ المهام الرسمية للأتراك، أو أخطاء، أو فشل قد يحدث عند إنجاز المهام الرسمية»، بالإضافة إلى «أية شهادات أو وثائق تتعلق بالمهام يتوجب أن تصدر بعد التواصل بين الجهات القانونية فى البلدين، ويتوجب توقيعها من جنرالات أتراك وقطريين معًا».


كما دعت المادة الخامسة أيضًا، عناصر الجيش التركى المنتشر على الأراضى القطرية إلى «احترام المعتقدات والقيم الدينية والقوانين والجمارك والعادات والتقاليد فى دولة قطر»، لكنها فى الوقت ذاته منحت الحماية للجنود الأتراك من أية مساءلة فى حال انتهاك هذه الأشياء، ومنعت السلطات القطرية من اعتقال أى جندى تركى ينتهك القوانين أو المعتقدات الدينية، كما منعت محاكمته داخل قطر أو إخضاعه للقانون القطري.
ويُشكل هذا البند بحسب المراقبين انتهاكًا واضحًا للسيادة القطرية، كما أنه يعيد إلى الأذهان فترة الاستعمار الأجنبى للمنطقة العربية عندما كان الجنود الأجانب يتمتعون بحماية بلدانهم على أراضى المستعمرات التى يحتلونها ولا تستطيع السلطات المحلية ملاحقتهم أو محاكمتهم على الجرائم والمخالفات التى يرتكبونها.
كما أن الاتفاقية السرية تتضمن بنودًا غامضة؛ حيث تنص المادة الأولى من الاتفاق على «الوجود طويل الأمد، والوجود المؤقت وأنشطة القوات المسلحة التركية» فلا تتضمن الاتفاقية ما يشير إلى تاريخ انتهاء تواجد القوات التركية، كما لا يوجد ما ينص على إطار زمنى لخروجهم، وهو ما يعنى أن قطر قد تظل ملزمة بهذه الالتزامات لعشرات السنين القادمة، بسبب هذه الاتفاقية السرية.
كما تتضمن الاتفاقية النص الغامض التالي: «تتمثل المهمة الرئيسية لهذه القوات فى دعم وتعزيز القدرات الدفاعية لدولة قطر من خلال التدريبات المشتركة، وتخضع لموافقة الطرفين، وتنفيذ التدريب/ التدريبات مع القوات المسلحة للدول الأخرى والمساهمة فى عمليات مكافحة الإرهاب وعمليات دعم السلام الدولية وأى بعثات أخرى متفق عليها بشكل متبادل وبموافقة خطية من كلا الطرفين». وخلص موقع «نورديك مونيتور» إلى أن هذه الاتفاقية السرية، المسماة «اتفاقية التنفيذ» ليست سوى متابعة لاتفاق التعاون العسكرى الذى وقعه الجانبان فى ١٩ ديسمبر ٢٠١٤، ودخلت حيز التنفيذ فى ١٥ يونيو ٢٠١٥، وخلافًا للاتفاق الأول؛ فإن «اتفاقية التنفيذ» تتضمن تفاصيل حول ما تأمل تركيا وقطر أن تحققاه فى منطقة الخليج.


وفى محاولة لتحليل مواد الاتفاقية عرضت «العربية نت» الاتفاقية على اللواء محمود خلف قائد الحرس الجمهورى السابق فى مصر والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية فى محاولة للكشف عن إجابات لكل الأسئلة المحتملة.
وفى هذا الإطار قال اللواء خلف «إن بعض البنود التى تضمنتها الاتفاقية وتسربت لوسائل الإعلام هى بنود طبيعية وبروتوكولية، وهناك بنود أخرى مذلة ومهينة للطرف القطري». وأضاف أن هناك بنودًا أخرى أكثر سرية تُدرج فى مثل هذه الاتفاقيات، ولكنها لم تعلن بعد فى اتفاقية قطر وتركيا، ولن يتم الإعلان عنها، ولن تسمح الدولتان بأى تسريب لها لوسائل الإعلام؛ لأنها تمس سيادة الدولة المضيفة وهى قطر. وتابع اللواء خلف قوله إن توقيت توقيع الاتفاقية، وهو أبريل ٢٠١٤، وعقب أيام قليلة من قرار دول الرباعى العربى (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) سحب سفرائهم من الدوحة، يعنى أن قطر كانت تهدف لشيء ما من الاتفاقية غير الحماية العسكرية، فهى تعلم تمامًا ومتيقنة أنها لن تتعرض لأى هجوم عسكرى من جانب الرباعى العربي، فضلًا عن أن القاعدة الأمريكية فى العديد والسيلية ستتكفل بحمايتها من أى اعتداءات.
وأشار اللواء خلف إلى أن الاتفاقية كانت لهدفين، الأول هو إقامة تحالفات جديدة تستطيع من خلالها مواجهة الرباعى العربى دوليًا ودبلوماسيًا، والثانى هو شراء موقف تركيا ورئيسها أردوغان ماديًا تحت مسمى توقيع اتفاقية عسكرية. وكشف الخبير العسكرى المصرى، أن أردوغان يعلم تمامًا أن قطر لن تتعرض لهجوم عسكري، ولن تخوض القاعدة أى حروب عسكرية، لكنه وقع الاتفاقية بعد إقرارها سريعًا من البرلمان، كى يضمن لنفسه موطئ قدم يمكن من خلاله تحقيق أغراضه الإيديولوجية والسياسية فى المنطقة، وأن يحقق استفادة مادية كبرى تنعش ولو قليلًا اقتصاده المهترئ، مضيفًا أن تسريب الاتفاقية ربما يكون بإيعاز من جانبه، كى يطمئن الشعب التركى أن أبناءه لم يذهبوا لقطر، ويضحوا بأرواحهم دون تسهيلات وامتيازات لهم ولدولتهم.
ويؤكد خلف أن الاتفاقية وما تسرب من بنودها فيها إذلال للطرف القطري، وما خفى من بنودها قد يكشف أهدافها الحقيقية، فليس من المنطقى أن تذهب قاعدة قوامها ٣ آلاف جندى قد ترتفع إلى ٥ آلاف جندى لحماية دولة بمنشآتها وشعبها، بل ربما تكون كافية لحماية النظام وأفراده، لكن حماية الدولة يكون صعبًا عليها. ويقول إن البنود غير المعلنة تحدد أماكن انتشار القوات وتمركزها، والمنشآت والأهداف التى تقوم بحمايتها، مضيفًا أن كل هذه المهام تُدرج فى الاتفاقية وبشكل واضح. ويختتم الخبير العسكرى حديثه قائلًا إن الاتفاقية، وإن كان يطلق عليها عسكرية، إلا أنها ذات دلالات وأبعاد سياسية مشتركة، فهى فرصة للحكومة التركية كى تستنزف قطر ماليًا وتناوئ دول الخليج التى ترفض سياساتها وتدخلاتها.
وبالنسبة لقطر، فهى محاولة للكيد السياسى ضد دول الرباعى العربي، وشراء موقف تركيا والحصول على دعمها، ومساندتها ضد العرب فى المحافل الدولية، مثلما تفعل مع إيران، ولكن ليس باتفاقيات عسكرية بل باتفاقيات اقتصادية مباشرة.


من جانبه، لفت نايف الوقائع، الخبير الاستراتيجى وأستاذ الأمن الفكرى، إلى أن الاتفاقية الموقعة بين «قطر وتركيا» تنازلت فيها الدوحة عن سيادتها، بما يتنافى مع مفهوم السيادة للدول، ويتعارض مع أمن المنطقة.
وأضاف: «أصبح معلومًا للعالم أن قطر هى رأس الحربة فى المشروع التخريبى الذى تدعمه تركيا وإيران، للإضرار بالأمن العربي، وتأذت منه المنطقة، ودول المقاطعة الأربع، على وجه الخصوص».
وشدد على أن «التحالف القطرى التركى الإيرانى يريد العودة بالمنطقة إلى المربع الأول فى مشروع الربيع العربى التخريبي، وهو ما وقفت السعودية تحديدًا فى مواجهته، وكانت حائط صد قويًا أمام المد الإخواني، ومحاولات تلك الجماعة المحظورة فى تخريب الدول العربية، وظهر ذلك جليًا فى تحركات الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، ووقوفه مع مصر حتى نهضت واستعادت عافيتها، وأصبحت شوكة فى حلق الجماعات الإرهابية».
وعلى الصعيد ذاته، يقول سيلمان العقيلي، الكاتب والمحلل السياسي، «إن قطر وتركيا لديهما مشروع مشترك للتدوير وإسقاط الأنظمة، ونشر الفوضى فى المنطقة، لا سيما الدول التى تحظى بالأمن والاعتدال، وتحقق نجاحات ملحوظة فى دعم الاستقرار داخليًا وخارجيًا، وفى مقدمتها السعودية إلى جانب دولة الإمارات والبحرين ومصر».
وتابع «أنقرة والدوحة تكملان بعضهما بعضًا، إذ تقدم الأولى القوة العسكرية والثانية الدعم المالى واللوجيستى من أجل إرباك السعودية، التى كانت طوال التاريخ الحديث، ولا تزال، مصدرًا للأمن وتثبيت الاستقرار وفك عقد الاختلاف والصراع فى المنطقة، حفاظًا على الأمن القومى العربي».